motion according to pathways ، التي بها تعاق قوى الأجسام أو تعزز بواسطة الوسط الذي هي فيه، بحسب طبيعة الأجسام وقواها النشطة وبحسب الوسط أيضا؛ فهناك وسط يلائم الضوء، وآخر يلائم الصوت، وثالث يلائم الحرارة والبرودة، ورابع يلائم القوى المغناطيسية، وهلم جرا. (16)
ولتكن الحركة السادسة عشرة هي الحركة «الملكية»
royal (كما أسميها)، أو الحركة «السياسية» التي بها تقوم الأجزاء المسيطرة والحاكمة من الجسم بتقييد الأجزاء الأخرى وترويضها وإخضاعها وتنظيمها وإرغامها على أن تتحد وتتفرق وتتوقف وتتحرك وتتخذ مواضعها المحددة، لا برغبتها الخاصة بل وفق نظام معين ووفق ما هو أنسب لخير الجزء الحاكم وصالحه. ثمة إذن نوع من الهيمنة أو الحكومة يمارسها الجزء الحاكم على الأجزاء المحكومة، تتجلى هذه الحركة في أظهر صورة في روح الحيوان، التي تلطف جميع حركات الأجزاء الأخرى ما دامت هي في قوتها، وتوجد أيضا بدرجة أقل في الأجسام الأخرى، كما قلنا عن الدم والبول اللذين لا ينحلان حتى تطرد أو تخنق الروح التي مزجت أجزاءهما معا، وليست هذه الحركة حكرا على الأرواح، وإن كانت الأرواح مسيطرة في معظم الأجسام بفضل سرعة حركتها ونفاذها، ففي الأجسام الكثيفة غير الممتلئة بروح قوية وحيوية (مثلما هو الحال في الزئبق والزجاج)، فإن الأجزاء الأغلظ هي المسيطرة، ومن ثم فلا أمل في أي تحويل جديد لهذه الأجسام ما لم ينزع هذا النير أو الكابح بحيلة فنية ما. ولا يتصورن أحد أني قد نسيت موضوع الحديث بالنظر إلى أنني (وإن لم أبغ من هذا الاستعراض الوصفي لضروب الحركة إلا البحث الأفضل لهيمنتها، من خلال شواهد الصراع) أتناول الآن الهيمنة فيما بين الحركات نفسها؛ ذلك أنني في وصف «الحركة الملكية» لا أعالج هيمنة الحركات أو القوى، بل هيمنة أجزاء الأجسام، تلك هي «الهيمنة» التي تشكل هذا النوع من الحركة. (17)
ولتكن الحركة السابعة عشرة هي «حركة الدوران التلقائية»
spontaneous motion of rotation ، التي بها تكون الأجسام الميالة للحركة والموجودة في وضع موات مستمتعة بطبيعتها الخاصة، تسعى إلى ذاتها فحسب، لا إلى الأجسام الأخرى، وتريد أن تعانق ذاتها، فيبدو أن الأجسام إما تتحرك بغير حد، وإما تبقى ساكنة تماما، وإما تميل إلى حد وحين تبلغه فإنها - بحسب طبيعتها - إما أن تدور أو تسكن. تتحرك الأجسام ذات الوضع الجيد والتي تحب الحركة، تتحرك في دائرة، أي في حركة أبدية ولا نهائية، أما الأجسام ذات الوضع الجيد والتي تكره الحركة فإنها ببساطة تسكن، وأما الأجسام التي ليست في وضع جيد فتتحرك في خط مستقيم (بوصفه أقصر طريق) إلى رفقة أجسام من نفس الطبيعة، ولحركة الدوران تسعة عناصر مختلفة؛ الأول: المركز الذي حوله تدور الأجسام، والثاني: الأقطاب التي عليها تتحرك، والثالث: المحيط أو الفلك (المدار) بحسب بعدها من المركز، والرابع: سرعتها، أكانت تتحرك أسرع أو أبطأ، والخامس: اتجاه حركتها، من الشرق إلى الغرب أم من الغرب إلى الشرق، والسادس: انحدارها عن الدائرة الكاملة في خطوط حلزونية بعيدة نوعا ما عن مركزها، والسابع: انحدارها عن الدائرة الكاملة في خطوط حلزونية بعيدة نوعا ما عن أقطابها، والثامنة: طول أو قصر المسافة بين هذه الخطوط الحلزونية، والتاسع والأخير: تنوع الأقطاب نفسها، إذا كانت قابلة للحركة، وهذه الأخيرة لا علاقة لها بالدوران إلا إذا كان دائريا. هذه الحركة - في الاعتقاد الشائع والقديم العهد - يعتقد أنها الحركة التي تليق بالأجرام السماوية، غير أن هناك جدلا حول هذه الحركة بين بعض المحدثين بالإضافة إلى بعض القدماء الذي يعزون «الدوران» إلى الأرض، ولكن هناك خلافا آخر وربما يكون أكثر معقولية بكثير (إن لم يكن فوق الخلاف تماما) فيما إذا كانت (بالتسليم بأن الأرض ثابتة) هذه الحركة مقصورة على السماء أم أنها تهبط وتصل نفسها بالهواء والمياه، إلا أني أعزو «الدوران» في القذائف والحراب والسهام والرصاص ... إلخ، أعزوه بالكامل إلى حركة «الحرية». (18)
ولتكن الحركة الثامنة عشرة هي حركة «الارتعاش»
trembling ، ليس بالمعنى الذي يفهمه الفلكيون، والذي لا أعتقد فيه كثيرا، إلا أن هذه الحركة تواجهنا حين نجد في البحث الشامل عن ميول الأجسام الطبيعية، وينبغي - فيما يبدو - أن تمثل نوعا بذاتها، إنها أشبه بحركة الأسر الأبدي إن جاز التعبير، أي عندما تكون الأجسام في وضع ليس هو الأمثل لطبيعتها إلا أنه ليس وضعا موئسا، هنالك ترتجف الأجسام ارتجافا مستديما ، وتعيش في عدم الاستقرار، لا هي تقنع بمكانها، ولا هي تجرؤ على المضي قدما، تجد هذه الحركة في قلب الحيوانات ونبضها، وهي لا بد موجودة في جميع الأجسام التي تعيش في حالة بين بين، بين يسر وعسر، ومن ثم تجاهد تحت الضغط أن تحرر نفسها فتصد، ثم تعاود المحاولة ثانية وهكذا دواليك. (19)
ولتكن الحركة التاسعة عشرة والأخيرة هي الحركة التي قلما ينطبق عليها اسم الحركة، ولكنها في الحقيقة حركة، ولنطلق عليها حركة «الرقاد»
repose
أو حركة «النفور من الحركة»، بهذه الحركة تقف الأرض في كتلتها نفسها بينما أطرافها تتحرك تجاه الوسط لا تجاه مركز تصوري، بل تجاه الاتحاد، هذه أيضا هي الرغبة التي بها تبغض جميع الأجسام العالية الكثافة الحركة، ولا ترغب إلا في شيء واحد هو ألا تتحرك، ومهما تستفز لكي تتحرك وتستثر بألف طريقة فإنها تبقى محتفظة بطبيعتها (ما وسعها ذلك)، وإذا أرغمت على الحركة فإنها تتحرك - فيما يبدو - لا لشيء إلا لكي تستعيد سكونها ووضعها، وفي هذه العملية تظهر نفسها نشطة حقا وتبذل جهودا رشيقة وسريعة (كأنها في سأم فعلا ولا تصير على أي تأخير)، ونحن لا نملك إلا رؤية جزئية لهذه الرغبة؛ لأن الأجسام العينية هنا على الأرض ليست كثيفة لأقصى درجة، بل هي ممزوجة ببعض الروح، وذلك بفعل الأجرام السماوية وتأثيرها.
صفحة غير معروفة