أصلع طويل يظهر لطوله كأنه راكب. أبيض أشيب أبهق (أي شديد البياض) تعلوه حمرة، وهو يصفر لحيته، ويرجل رأسه».
2
فلما أشرف البطريرك ورجاله على أبي عبيدة من عن السور قال البطريرك: «ما تشاء أيها الشيخ الباهي» * فأجاب أبو عبيدة: «هذا أمير المؤمنين عمر، وليس عليه أمير، قد أتى فاخرجوا إليه، واعقدوا معه الأمان» * فقال البطريرك: «يا ذا الرجل، إن كان صاحبك الذي ليس عليه أمير قد أتى فدعه يدنو منا.» * وأقرئه عني السلام (- وقل له: إنني أحب مقابلته، فاستغرب أبو عبيدة هذه اللهجة الودادية الجديدة. فعاد إلى عمر وأبلغه جواب البطريرك، ولكنه لم يبلغه سلامه إلا همسا في إذنه. فأطرق عمر ثم هم بالقيام * «فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، أتخرج إليهم منفردا وليس عليك آلة حرب غير هذه المرقعة، وإنا نخشى عليك منهم غدرا أو مكرا فينالون منك.» * فلم يجب عمر، ولكنه قرأ الآية: *
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون
ثم استوى على بعيره وعليه مرقعته «وعلى رأسه قطعة عباءة قطوانية وقد عصب بها رأسه، وليس معه إلا أبو عبيدة وهو سائر بين يديه حتى قرب من السور، ووقف بإزاء السور والبطريرك والوالي». *
وكان يوحنا الغساني الذي تقدم ذكره واقفا وراءهما.
فلما دنا عمر من السور، ووقع نظر يوحنا عليه همس يوحنا في أذن البطريرك والوالى قائلا: وحياة العذراء مريم هذا هو.
فأحنى البطريرك رأسه مسلما، ونادى من أعلى السور: افتحوا الباب للأمير.
فلم يفهم عمر كلام البطريرك، ولكنه لم يلبث أن أبصر الباب يفتح في وجهه، وخرج الناس منه * «فتواضع عمر حينئذ لله وخر ساجدا على قنب بعيره.» * ثم نزل لملاقاة البطريرك؛ إذ أعلموه أنه قادم لاستقباله.
وبعد دقيقتين ظهر البطريرك صفرونيوس في الباب، ومعه قس من أخصائه يعرف العربية ليترجم له. فلما رآه عمر وأبو عبيدة تقدم الأول وتنحى الثاني.
صفحة غير معروفة