مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين
الناشر
مكتبة الفلاح
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
٤ - قاصد الفعل الخير يثاب وإن لم يصب المراد:
إذا قصد العبد القيام بفعل خير شرعه الله، إلاّ أنَّ هذا الفعل لم يقع الموقع المناسب فإنّ صاحبه يثاب بقصده ونيّته.
يروي البخاري (١) في صحيحه عن معن بن يزيد (٢)، قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدّق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إيّاك أردت، فخاصمته إلى رسول الله ﷺ، فقال: "لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن" (٣).
فالأب لم يقصد توجيه المال الذي أخرجه إلى ابنه، ولكنَّ الله أثابه بنيّته الصالحة، وكتب له الأجر، وإن عاد المال إليه.
وأوضح من هذا ما حدّثنا عنه الرسول ﷺ عن رجل صالح من الأمم الماضية، قال ﷺ: "قال رجل لأتصدَّقنَّ الليلة بصدقة، فخرج فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدَّثون: تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم لك الحمد على زانية! لأتصدقن بصدقة، فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدَّثون: تصدّق على غني، قال: اللهَم لك الحمد على غني! لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فقال: اللهمّ لك الحمد: على زانية، وعلى غني، وعلى سارق!
_________
(١) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، صاحب الجامع الصحيح، أصح كتاب بعد كتاب الله، ولد فى بخارى سنة (١٩٤ هـ)، ونشأ يتيما، ورحل في طلب الحديث، توفي في قرية من قرى سمرقند سنة (٢٥٦ هـ) (تهذيب التهذيب ٩/ ٧)، (خلاصة تذهيب الكمال ٢/ ٣٧٩)، (طبقات الحفاظ ص ٢٤٨).
(٢) معن بن يزيد بن الأخنس من بني سليم، هو وأبوه وجدّه كلّهم صحابة، كانت لمعن مكانة عند عمر بن الخطاب، قتل معن في معركة (مرج راهط) سنة (٥٤ هـ).
(تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٥٣)، (خلاصة تذهيب الكمال ٣/ ٢٩)، (الكاشف ٣/ ١٦٦).
(٣) صحيح البخاري، انظر فتح الباري (٣/ ٢٩١)، وأحمد في مسنده (٣/ ٤٧٠).
1 / 89