الرحلة إلى إفريقيا
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)﴾ [الرعد / ٤].
ثم قال: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ [البقرة / ٢٢] أي وجعل هذه السماء بناءً سقفًا مرفوعًا لا يتفطر ولا يتشقق، ولا يحتاج إلى ترميم ولا إصلاح مع أنَّه تمر عليه آلاف السنين ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَينِ يَنْقَلِبْ إِلَيكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)﴾ [الملك / ٣ - ٤] أي: فاترًا ذليلًا من عظم ما رأى؛ ولذا قال: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾.
ثم قال: ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ [البقرة / ٢٢] إنزال السماء هذا الماء الإنسان -أيضًا- يجب عليه النظر فيه لأنَّ الله يقول: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤)﴾ [عبس / ٢٤] ﴿فَلْيَنْظُرِ﴾ واجبة كما ذكرنا في الأولى ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤)﴾ يجب على كل إنسان حتمًا أن ينظر إلى طعامه. ومعنى هذا وكأن ربه يقول: أيها الإنسان المسكين الذي تتنطع وتتمرد على نظام السماء انظر الخبز الذي تأكل منه -ولو لم تجده لمت- من هو الذي خلق الماء الذي شرب به وروي حتى نبت؛ أيمكن أن يخلقه غير الله؟ لا، هب أن الماء خُلق من يقدر على إنزاله على هذا الطَّريق والأسلوب الغريب العجيب -رشاش- حتَّى تروى الأرض من غير أن يضر بها الماء؟ فلو كان مُنزلهُ أخرقًا لجعل المطر كله قطعة واحدة، فترك البلاد أثرًا بعد عين! ! ينزله بغاية اللَّطافة ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾ [النور / ٤٣].
هب أن الله -جل وعلا- خلق الماء وأبدعه بقدرته وإرادته ثم أنزله على هذا الأسلوب الغريب العجيب الهائل ورويت الأرض وشربت، من
1 / 30