الرحلة إلى إفريقيا
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
ما يحتاج إلى قصه دائمًا كشعره وأظافره نُزعت منه روح الحياة لئلا يتعِبَه عند القص. هذا من غرائب وعجائب خالق الكون -جل وعلا- خلقنا على هذا النحو الغريب، وصَور بني آدم على هذه الصورة، جعل الأنف هنا، والعينين هنا، ولم يشتبه اثنان، طبع كل إنسان على صورة مخالفة لصورة الآخر، وهذه الصورة التي وضع عليها كل واحد هي سابقة في العلم الأزلي، ووضع تنفيذًا على نحو ما سبق به العلم، ولو خُلق ملايين الملايين زائدًا على من خُلق لم يضق العلم، فكل واحد توجد له صورة مخالفة لصورة الآخر، حتَّى آثارهم في الأرض وأصوات نغماتهم وبصماتهم في الأوراق كلها مختلفة، هذه صنائع رب العالمين، وهذه أسرار قليلة من أسرار معنى ﴿رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ [البقرة / ٢١] يعني: فمن فعل فيكم هذا من الأفعال والغرائب والعجائب في كل عضو وكل مطرح إبره هو ربكم الذي يستحق أن تعبدوه. ولا يخفى عليكم أن ربنا فعل فينا هذا من الغرائب والعجائب ونحن في بطون أمهاتنا لم يحتج إلى أن يشق أم الواحد منا، ولا أن يبنجها، ولا ينومها في صحية، بل فعل كل هذه العمليات والمرأة لاهية تفرح وتمرح لا تدري عن شيء مما يُفعل في داخلها من غرائب صنع الله وعجائبه، ثم ييسر طريق الخروج. ونحن دائمًا نذكر هذا لأن الله يلفتنا إليه حيث يقول: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾ ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة. ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦)﴾ [الزمر / ٦] وهو محل الشاهد، فهذا الذي يفعل هذا الخلق والإيجاد هذا هو الذي يستحق أن يُعبد.
1 / 28