قال الحسن .. لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار وتقريب الآجال، هيهات قد صحبا نوحًا وعادًا وثمودًا وقرونًا بين ذلك كثيرًا، فأصبحوا قد أقدموا على ربهم ووردوا على أعمالهم، وأصبح الليل والنهار غضين جديدين لم يبلهما ما مرّا به، مستعدين لمن بقي بمثل ما أصاب به من مضى .. (١)
نهارٌ طويل ماذا كان يعمل فيه؟ وماذا يستفاد منه؟ قال حماد بن سلمة: ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاع الله ﷿ فيها إلا وجدناه مطيعًا .. إن كان في ساعة صلاة وجدناه مصليًا، وإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إما متوضأ أو عائدًا مريضًا، أو مشيعًا لجنازة، أو قاعدًا في المسجد، قال: فكنا نرى أنه لا يحسن أن يعصي الله ﷿ (٢)
أخي الحبيب: ينبغي للمؤمن أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة لنفسه، فإن الليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويطويان الأعمار، ويشيبان الصغار، ويفنيان الكبار كما قال الشاعر:
أشاب الصغير وأفنى الكبير ... كرُّ الغداة ومرُّ العشي
إذا ليلة أهرمت يوَمَها ... أتى بعد ذلك يومٌ فتي
إن مضي الزمن واختلاف الليل والنهار لا يجوز أن يمر بالمؤمن
_________
(١) جامع العلوم والحكم ٤٦٤.
(٢) حلية الأولياء ٢/ ٨٢.
1 / 16