كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا
محقق
طه بن علي بوسريح التونسي
الناشر
دار سحنون للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٨ هـ
مكان النشر
دار السلام للطباعة والنشر
تصانيف
رجحته. فهذا مراده بالاستحسان هنا، وهو الأخذ بأرجح القولين، أو أقوى الدليلين.
وقد يُطلِق مالك الاستحسان على القياس حيث لا نص، كقوله في كتاب الديات من «المدونة»: «إنه لشيء استحسناه وما سمعت فيه شيئًا من أهل العلم»، وذكر عياض عن بعض العلماء أن مالكًا، إذ قال: «الأمر المجتمع عليه عندنا»، فهو عن قضاء سليمان بن بلال. وإذا قال: «على هذا أدركت أهل العلم ببلدنا أو الأمر عندنا» فإنه يريد: ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعبد الرحمن بن هُرْمُز الأعرج. وأحسن أن هذا بعض مراده، وأن ما جاء عن إسماعيل بن أبي أويس عنه أوضح شيء في هذا الغرض.
فإذن قد خلص لنا أن ما حواه «الموطأ» أقسامُ:
القسم الأول: أحاديث مروية عن النبي ﷺ بأسانيد متصلة من مالك إلى رسول الله ﷺ.
القسم الثاني: أحاديث مروية عن رسول الله ﷺ بأسانيد مرسلة، وهي التي يقول فيها من يروي عن الصحابة: «أن رسول الله قال كذا، أو فعل كذا»، ولم يصرِّح بعزو ذلك إلى اسم من رواه عنه من الصحابة.
الثالث: أحاديث مروية بسند سقط فيه راو، ويسمى المنقطع.
الرابع: أحاديث يبلغ في سندها إلى ذكر الصحابي، ولا يذكر فيها أنه سمع رسول الله ﷺ حين يكون الخبر مما يُقال بالرأي، وهذا الصنف يسمى الموقوف.
الخامس: البلاغات، وهي قول مالك ﵀: «بلغني أن رسول الله ﷺ قال ..».
السادس: أقوال الصحابة وفقهاء التابعين.
السابع: ما استنبطه الإمام مالك ﵀ من الفقه المستند إلى العمل، أو إلى القياس، أو إلى قواعد الشريعة.
ولم يختلف أئمة الأثر ونقد الرجال في أن ما يحتويه «الموطأ» من القسم الأول كله مقبول لا مغمز فيه. وحسبك أن البخاري، ومسلمًا، وأصحاب السنن قد أخرجوا جميع الأحاديث المسندة التي في «الموطأ» عن مالك بواسطة رواة «الموطأ»، وقد
1 / 29