كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا

ابن عاشور ت. 1393 هجري
136

كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا

محقق

طه بن علي بوسريح التونسي

الناشر

دار سحنون للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٨ هـ

مكان النشر

دار السلام للطباعة والنشر

تصانيف

بعض قبائل العرب بعد وفاة رسول الله ﷺ دفهم إلى منع الزكاة، فقالوا: إنما كنا نعطي حق أموالنا لرسول الله؛ فإذا قد توفيِّ رسول الله، فلا ندين بذلك لرجال أمثالنا، وقد قال بعض هؤلاء من قبيلة طي، ولعله يعني أحد سعاة الزكاة في صدر خلافة أبي بكر ﵁: فقولا لهذا المرء ذُو جاءَ ساعيًا ... هلم فإن المشرفي الفرائض وقد قال رسول الله ﷺ لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن: «فإن هم أطاعوا لك لذلك (أي بالإيمان والصلاة)؛ فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فتردُّ على فقرائهم» وفي معناه ما وقع في حديث ضِمام بن ثعلبة. وإذ قد كانت الزكاة حقًا في مال الغني كان مناط تقدير الأنواع والمقادير التي تجب فيها الزكاة شرعًا منظورًا فيه إلى ما يعتبر غنى لصاحبه من الأموال التي لا ينعدم النفع بها، وفي المقادير التي لا تحسب تافهة ولا غير ثابتة في ملك أربابها، فمن هنا تتشعب أحوال الأموال الزكاة وغيرها، والمقادير التي تجب فيها الزكاة من تلك الأموال، ومرور الزمن الذي يتحقق به الغنى عن استهلاك ذلك المال في لوازم الحياة، وتظهر لفروق الجديرة بالاعتبار بين مختلف هذه الأمور؛ وذاك لا يجمع عن زمام النظر في تصاريف الشريعة. الزكاة في العين من الذهب والورق وقع فيه «وقال مالكٌ في رجل كانت له عشرة دنانير، فاتَّجر فيها فحال عليها الحول، وقد بلغت عشرين دينارًا أنه يُزكيها مكانه ولا ينتظر بها أن يحول عليها الحول من يوم بلغت ما تجب فيه الزكاة؛ لأن الحول قد حال عليها وهي عنده عشرون». هذا مما انفرد به مالك ﵀ من بين الفقهاء، فاعتبر حول ربح المال تبعًا لحول أصله،

1 / 146