213

[212_2]

وجوهرا نفيسا، في ثقاته ومعامليه من التجار، والصولي يعاديه ويرصد له بالمكاره لإساءته إليه، فنظم أبياتا وأشاعها حتى بلغت الواثق يغريه به؛ وفي السنة التي قبض فيها ابن الزيات على الصولي، هلك ابن الزيات في حبس المتوكل.

ولما أمر المتوكل إبراهيم بن العباس الصولي أن يكتب فيما كان أمر به من تأخير الخراج حتى يقع في خمس من حزيران ويقع استفتاح الخراج به، كتب في ذلك كتابه المعروف، وأحسن فيه غاية الإحسان، فدخل عبيد الله بن يحيى على المتوكل، فعرفه حضور إبراهيم بن العباس وإحضاره الكتاب معه، فأمر بالإذن له، فدخل وأمره بقراءة الكتاب فقرأه، واستحسنه عبيد الله بن يحيى وكل من حضر؛ قال البلاذري فدخلني حسد له فقلت: فيه خطأ، قال فقال المتوكل: في هذا الكتاب الذي قرأه علي إبراهيم خطأ؟ قال: قلت نعم، قال: يا عبيد وقفت على ذلك؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين، ما وقفت فيه على خطأ، قال: فأقبل إبراهيم بن العباس على الكتاب يتدبره، فلم ير فيه شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين، الخطأ لا يعرى منه الناس، وتدبرت الكتاب خوفا من أن أكون قد أغفلت شيئا وقف عليه أحمد بن يحيى فلم أر ما أنكره، فليعرفنا موضع الخطأ، قال فقال المتوكل: قل لنا ما هو هذا الخطأ الذي وقفت عليه في هذا الكتاب، قال: فقلت هو شيء لا يعرفه إلا علي بن يحيى المنجم ومحمد بن موسى وذلك أنه أرخ الشهر الرومي بالليالي، وأيام الروم قبل لياليها، فهي لا تؤرخ بالليالي، وإنما يؤرخ بالليالي العرب، لأن لياليها قبل أيامها بسبب الأهلة، فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين هذا ما لا علم لي به ولا أدعي فيه ما يدعي، قال: فغير تاريخه.

وقد عرف من سيرة الصولي أنه كان يستمتع بمباهج الحياة ومناعمها، ويتبسط في مجالسه مع عشرائه، ويصرف جانبا من وقته في اللهو، ومداعبة الغواني والقيان. هوي جارية لبعض المغنين بسر من رأى يقال لها شاهر شهر بها، وكان منزله لا

صفحة ٢١٢