149

[148_2]

وقدره في الإسلام، وأنه متكلم قومه، والراد على أهل الإلحاد، وقد فزع إليك لإضافة هو فيها، فوعده أن ينظر له ما يصلح حاله. وربما كانت أبيات سهل منبعثة من كون لاحظ - بعد أن كلم الحسن بن سهل بشأن أبي الهذيل - شيئا من الفتور، فلما أريد على الشفاعة بأبي الهذيل مرة ثانية كتب تلك الأبيات، ومع هذا ما خلت من نكتة جميلة. وكان أبو الهذيل يأخذ من السلطان في كل سنة ستين ألف درهم ويفرقها على أصحابه.

وأنشد الجاحظ لسهل يهجو رجلا:

من كان يعمر ما شادت أوائله ... فأنت تهدم ما شدوا وما سمكوا

ما كان في الحق أن تأبى فعالهم ... وأنت تحوي من الميراث ما تركوا

وأجمل بهذا الجو الذي اقتصر فيه على الموعظة الحسنة وهو قائل:

إذا أمرؤ ضاق عني لم يضق خلقي ... من أن يراني غنيا عنه باليأس

فلا يراني إذا لم يرع آصرتي ... مستمرا دررا منه بإبساس

لا أطلب المال كي أغني بفضلته ... ما كان مطلبه فقرا إلى الناس

ومن شعره:

أعان طرفي على جسمي وأعضائي ... بنظرة وقفت جسمي على دائي

وكنت غرا بما تجني على يدي ... لا أعلم لي أن بعضي بعض أعدائي

ونسبوا لسهل قوله:

خل إذا جئته يوما لتسأله ... أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا

يخفي صنائعه والله يظهرها ... إن الجيل إذا أخفيته ظهرا

هذا هو الشعر الذي يسميه الإفرنج بالشعر الوجداني وهو كثير في الشعر العرب تتجلى فيه مرآة شعور صاحبه، وما يمليه عليه قلبه، ويزينه له طبعه.

ومن بدائع سهل: القلم لسان الضمير إذا رعف أعلن أسراره، وأبان آثاره. وكان

صفحة ١٤٨