[140_2]
ذلك من الأوراق التي كسرها سهل على القصص. ولا تدل أسماء كتبه على أنه كتب في موضوع أشبه بديني اللهم إلا كتابه في القضاء؛ أما كتابه في تدبير الملك والسياسة فدليل على أنه قرن العلم بالعمل في هذا الفن السهل الصعب؛ وجميع كتبه مما أبادته الليالي.
حياته السياسية:
لم نهتد إلى زمن انتقال سهل من البصرة إلى بغداد، وسكت التاريخ عن عهد رحيله من مسقط رأسه، وعن سنة ولادته، وغاية ما ذكر في ترجمته أنه كان مختصا بالفضل بن سهل أخي الحسن بن سهل وزيري المأمون، وأن الفضل قدمه للمأمون، ولكن كتب المحاضرات والتاريخ تقول إن سهلا كان من رجال الرشيد، وأنه دخل عليه وهو يضاحك المأمون فقال: اللهم زده من الخيرات، وابسط له من البركات، حتى يكون في كل يوم من أيامه مربيا على أمسه، مقصرا عن غده. فقال الرشيد يا سهل من روى من لا يعجزه القول. فقال سهل: يا أمير المؤمنين ما ظننت أن أحدا تقدمني إلى هذا المعنى. قال: بل أعشى همدان حيث يقول:
رأيتك أمس خير بني لؤي ... وأنت اليوم خير منك أمس
وأنت غدا تزيد الخير ضعفا ... كذاك تزيد سادة عبد شمس
وهذا يدل على أن سهلا اتصل بالرشيد، والمأمون حدث صغير. وأن سهلا كان معروفا برواية الشعر والحديث أيضا. وقد شهد مقتل البرامكة في سنة 187.
وحدث فيما كان عليه يحيى وجعفر من البلاغة فقال: إن سجاعي الخطب ومحبري القريض عيال يحيى بن خالد بن برمك وجعفر بن يحيى، ولو كان كلام يتصور درا، ويحيله المنطق السري جوهرا، لكان كلامهما، والمنتقي من لفظهما. ولقد كانا مع هذا عند كلام الرشيد في بديهته وتوقيعاته في كتبه، فدمين عيين، وجاهلين أميين. ولقد عمرت معهم، وأدركت طبقة المتكلمين في أيامهم، وهم
صفحة ١٤٠