علوم الحديث ومصطلحه
الناشر
دار العلم للملايين
رقم الإصدار
الخامسة عشر
سنة النشر
١٩٨٤ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
الضبط إنْ خيف نسيانهم ولم يوثق بحفظهم (١)، فكان إذنه لهؤلاء وأولئك أشبه بالاستثناء الذي خصَّ به - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - نفرًا من أصحابه لأسباب وجيهة قدَّرَ أهميتها تبعًا للظروف والأشخاص.
والقول بالنسخ في هذا الموضوع - أعني القول بنسخ أحاديث الإذن بالكتابة لأحاديث النهي عنها (٢) - لا يراد منه إلاَّ ما أشرنا إليه من التدرُّج الحكيم في معالجة هذه القضية البالغية الخطورة. وتخصيص بعض الصحابة بالإذن
_________
= ١٢٢٦ هـ) أنَّ من الممكن أنْ يكون رسول الله ﷺ: «خصَّ بهذا عبد الله بن عمرو لأنه كان قارئًا للكتب المتقدمة، ويكتب بالسريانية والعربية، وكان غيره من الصحابة أميِّين، لا يكتب منهم إلاَّ الواحد والاثنان، وإذا كتب لم يتقن ولم يصب التهجِّي: فلما خشي عليهم الغلط فيما يكتبون نهاهم، ولما أمن على عبد الله بن عمرو ذلك أذن له».
(١) ويذكرون في هذا حديثًا عن أبي هريرة أنَّ رجلًا من الأنصار جلس إلى رسول الله ﷺ، فيسمع منه الحديث يعجبه، ولا يقدر على حفظه، فشكا ذلك إلى النَّبِي ﷺ، فقال: «استَعِنْ بِيَمِينك»، انظر " تقييد العلم ": ص ٦٧ و" سنن الترمذي ": ٢/ ١١ ط. مصر سنة ١٢٩٢ و" معالم السُنن ": ٤/ ١٨٤.
غير أنَّ في سند هذا الحديث الخليل بن مرة. وفيه يقول البخاري: «إنه منكر الحديث». والخطيب يرويه في " تقييد العلم ": ص ٦٦ بسند ليس فيه الخليل بن مرة هذا. ويذكره السيوطي في " تدريب الراوي ": ص ١٥٠ دورن سند، فلا يحسن التسرُّع بإنكاره وتضعيفه بجميع طرقه.
ولعلَّنا لا نبعد إذا استنتجنا من مجموعة النصوص والوثائق السابقة أنَّ رسول الله ﷺ أمسى في سنواته الأخيرة يُجِيزُ الكتابة عنه، كما في حديث أبي شاة رجل من اليمن. فبعد أنْ فتح اللهُ على رسوله مكة قام في الناس خطيبًا، حتى إذا أتمَّ خطبته قام أبو شاة فقال: «اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ» فقال - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -: «اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ».
راجع تفصيل الخبر ونص الخطبة النَّبَوِيَّةِ في " تقييد العلم ": ص ٨٩ وقارن بـ " فتح الباري ": ١/ ١٨٤ و" سُنن الترمذي": ٢/ ١١٠ و" علوم الحديث " لابن الصلاح: ص ١٧٠ و" جامع بيان العلم ": ١/ ٧٠ و" المحدث الفاصل ": ٤ الورقة الأولى الوجه الثاني.
(٢) انظر " تأويل مختلف الحديث " لابن قتيبة: ص ٣٦٥ و" الباعث الحثيث ": ص ١٤٩.
1 / 22