أنشد يا شاعر العصر الخالي.
وحل في الأسماع موسيقى مدوية، وفي العيون دموعا جارية، وفي القلوب رحمة ومحبة، وانفح عرائس الشعر من لدنك سلطانا، وحكمة وبيانا، وسريرا وصولجانا.
تغن يا شاعر أولمب!
ولترسل من جنتك نغمة تنتظم الأفلاك، ورنة تجلجل في الأفق، وآهة تزلزل قلوب الجبارين! •••
سقطت إليوم،
1
ونزح المغير بخيله ورجله، فتعالي يا عرائس الفنون فافتقدي أوديسيوس في ذلك البحر اللجي يذرعه، موجة تلبسه وموجة تخلعه، لا يعرف لمملكته ساحلا فيرسو عليه، ولا شاطئا فيقصد إليه، يخبط في اليم على غير هدى، ويرسل عينيه في الماء والسماء على غير بصيرة؛ زرقة متصلة في العلو والسفل، وتيه لا نهائي يخبط في أحشائه أسطول السادة المنتصرين.
والأقدار وحدها تعلم لماذا ضل أوديسيوس بجنوده في ذلك العباب؟ وقد عاد كل أقرانه إلى هيلاس بعد طول النأي وشحط المزار، إلا هو وإلا هم ، ممزقين في دار الغربة كل ممزق، يتجشمون المصائب والأهوال، ويتخبطون بين موج كالجبال، ويخلصون من بحر إلى بحر، ومن روع إلى روع، فإذا أرسوا على أرض وظنوا أنهم نجوا، أفزعهم فيها غير الذي رجوا.
ولقد رقت قلوب الآلهة، وودوا لو أدركوا برحمتهم أوديسيوس، إلا نبتيون الجبار - رب البحار - الذي يضمر للبطل في أعماقه كل كراهية وكل بغضاء، والذي آلى أن يصب على رأسه كل تلك الأرزاء.
عندما ينشد شاعر الأولمب تحل في الأسماع موسيقى مدوية وآهة تزلزل قلوب الجبارين.
صفحة غير معروفة