ومن ميزاته الغلو، وهو ميزة عصره، ولكنه قليل الإفراط فيه، وإذا أفرط جعل الشرط مانعا مثل قوله:
لو أن طول قناته يوم الوغى
ميل إذا نظم الفوارس ميلا
86
ويمتاز أيضا بما في مدحه من منطق واتساق أفكار، وحكم وأمثال سائرة، مبثوثة في تضاعيف أبياته، وبما فيه من عصبية عربية تحمله على الإسراف في ذكر مناقب العرب، وتزيين الحياة البدوية، ومساكن الأعراب وقبائلهم وشعرائهم.
وكان أصدق لهجة في مدح أنسبائه منه في غيرهم، ولعل مدحه للخلفاء أضعف عاطفة من غيره إلا ما كان منه في ذكر حروب الروم والخارجين على الخلافة، وبطش المسلمين بهم، ويعود ذلك على أن الشاعر كان يتشيع للعلويين مع تقربه من العباسيين، وأكثر الناس في ذاك العهد كانوا يعطفون على أبناء علي، ويحبونهم ويؤثرونهم على سواهم، ويرون فيهم ضحايا بريئة على مذابح السياسة، ولكن فيهم فئة معتدلة لم تر الخروج على السلطان، ولم تستنكر الأمر في العباسيين؛ لأنهم هاشميون لهم الحق في الخلافة كالطالبيين، ومن هذه الفئة كان شاعرنا؛ فإنه لم يستنكف من مدح العباسيين وموالاتهم، والدفاع عن حقوقهم في الخلافة، غير أنه لم يستطع كتمان حبه لأبناء فاطمة فمدحهم منددا بمن ناوأهم واضطهدهم ونكل بهم:
فعلتم بأبناء النبي ورهطه
أفاعيل أدناها الخيانة والغدر
87
ثم يقول:
صفحة غير معروفة