263

أدباء العرب في الأعصر العباسية

تصانيف

فلما قام عرش الحمدانيين في حلب سنة 333ه/944م كان شاعرنا في جملة من ضمهم بلاط سيف الدولة من آل حمدان، فشب في كنف ابن عمه يشمله حنانه ورعايته، فرسخت محبته في قلبه صبيا، وميزه سيف الدولة بالإكرام عن سائر قومه؛ لما رأى من نجابته ومحاسن أخلاقه.

ولقي أبو فراس في الحضرة جمهرة من كبار العلماء والأدباء، فتخرج عليهم في اللغة والشعر والرواية حتى برع. ولما بلغ أشده أخذ سيف الدولة يستصحبه في غزواته، ويمرسه بمواقف الأهوال، فخرج فارسا مغوارا، بصيرا بمواقع الطعن والضرب، فحارب الروم، ونازل الدماسق،

65

وسطا على القبائل الثائرة بابن عمه؛ فأذل كعبا وكلابا، ونميرا وقشيرا. وأصبح لا يطيب له غير مقارعة الكتائب، وملاقاة الأبطال، والذود عن حياض الملك، حتى إذا استخلفه الأمير على أعماله، ولم يستصحبه في غزوة غزاها، تكدر وتوسل إليه أن لا يحرمه صحبته:

لا تشغلن فأرض الشام تحرسه

إن الشآم على من حله حرم

66

لا تحرمني سيف الدين صحبته

فهي الحياة التي تحيا بها الأمم

67

صفحة غير معروفة