فلست بقارف منه إثاما
ولست براكب منه قبيحا
14
وكان يحب الغناء ويهتز للصوت الحسن، فقد غنته يوما جارية وليس لديه دراهم، فجاء بصك ضيعة له وقال: «هذه عهدة ضيعتي خذيها، فأما الدراهم فما عندي منها شيء.»
وكان - على سهولة طبعه ورصانته - حاد اللسان، شديد السخر بمن لا يملأ عينه، فعله بسفيان بن معاوية.
زندقته
إذا شئت أن تلتمس زندقة ابن المقفع في ما خلف لنا من الآثار، فإنما أنت تتعب على غير طائل؛ لأن آثاره الباقية ليس فيها إلا كل ما يلائم مع الإسلام، ولا ينافي أحكامه، ولكن ابن المقفع زنديق في حكم المؤرخين المتقدمين، وهم يروون على ذلك أخبارا مختلفة، منها أنه يوم أراد أن يدين بالإسلام جاء إلى عيسى بن علي وقال له: «قد دخل الإسلام في قلبي، وأريد أن أسلم على يدك.» فقال له عيسى: «ليكن ذلك بمحضر من القواد ووجوه الناس، فإذا كان الغد فاحضر.» ثم حضر طعام عيسى عشية ذلك اليوم، فجلس ابن المقفع يأكل ويزمزم
15
على عادة المجوس. فقال له عيسى: «أتزمزم وأنت على عزم الإسلام؟» فقال: «أكره أن أبيت على غير دين.»
ومنها أنه مر ببيت نار للمجوس بعد أن أسلم، فتمثل بقول الأحوص:
صفحة غير معروفة