أنواع الصبر ومجالاته

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
34

أنواع الصبر ومجالاته

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

خالفه أو ردّ دعوته جميع العالمين، وقد فعل ﷺ (١). استمرّ ﷺ يدعو إلى الله - تعالى - ليلًا ونهارًا، وسرًّا وجهرًاً، لا يصرفه عن ذلك صارف، ولا يردّه عن ذلك رادّ، ولا يصدّه عن ذلك صادّ، استمر يتتبع الناس في أنديتهم ومجامعهم ومحافلهم، وفي المواسم ومواقف الحج، يدعو من لقيه من: حرٍّ وعبدٍ، وقويٍّ وضعيفٍ، وغنيٍّ وفقيرٍ، جميع الخلق عنده في ذلك سواء. وقد تسلط عليه وعلى من اتبعه الأشدَّاء الأقوياء من مشركي قريش بالأذيَّة القوليَّة والفعليَّة، وانفجرت مكة بمشاعر الغضب لأنها لا تريد أن تفارق عبادة الأصنام والأوثان (٢)، ومع ذلك لم يفتر محمد ﷺ في دعوته، ولم يترك العناية والتربية الخاصة لأولئك الذين دخلوا في الإسلام، فقد كان يجتمع بالمسلمين في بيوتهم على شكل أُسرٍ بعيدة عن أعين قريش، وتتكوّن هذه الأسر من الأبطال الذين عقد عليهم رسول الله ﷺ الأمل بعد الله - تعالى - في حمل العبء والمهامّ الجسيمة لنشر الإسلام، وبذلك تكوّنت طبقة خاصة من المؤمنين الأوائل قوية في إيمانها، متينة في عقيدتها، مدركة لمسئوليتها، منقادة لأمر ربها، طائعة لقائدها، مطبقة لكل أمر يصدر عنه برغبة وشوق واندفاع لا يعادله اندفاع، وحب لا يساويه حب.

(١) انظر: الرحيق المختوم، ص٧٨، وفقه السيرة، لمحمد الغزالي، ص١٠١، ١٠٢، والسيرة النبوية، دروس وعبر لمصطفى السباعي، ص٤٧. (٢) البداية والنهاية، ٣/ ٤٠.

1 / 35