أنواع الصبر ومجالاته

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
22

أنواع الصبر ومجالاته

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

فهاهو نبي الله نوح ﷺ يناجي ربه: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾ (١). ولكن التحديات تزيد عود الداعية صلابة، وهمته شموخًا، فلا يفتأ قائمًا على أمر الله، ظاهرًا على الحق، لا يضره من خالفه، ولا من خذله حتى يجعل الله له سبيلًا: ﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا﴾ (٢). هذا هو شأن قوم أول المرسلين نوح ﷺ، وهو موقف قوم خاتم المرسلين محمد ﷺ لم يتغير ولم يتبدل، وهذه هي سبيل المجرمين في كل القرون ... ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾. ويصف الله ﵎ موقف قريش من النبي ﷺ: ﴿حم* تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ (٣). ولهذا قال الله تعالى آمرًا نبيه ﷺ: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِالله وَلاَ تَحْزَنْ

(١) سورة نوح، الآيات: ٥ - ٧. (٢) سورة نوح، الآيتان: ٨ - ٩. (٣) سورة فصلت، الآيات: ١ - ٥.

1 / 23