الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
12

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

الناشر

مكتبة دار البيان

رقم الإصدار

بدون طبعة وبدون تاريخ

فَلَا يُقَالُ: إنَّ السِّيَاسَةَ الْعَادِلَةَ مُخَالِفَةٌ لِمَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ، بَلْ هِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا جَاءَ بِهِ، بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَنَحْنُ نُسَمِّيهَا سِيَاسَةً تَبَعًا لِمُصْطَلَحِهِمْ، وَإِنَّمَا هِيَ عَدْلُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ظَهَرَ بِهَذِهِ الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ. «فَقَدْ حَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي تُهْمَةٍ، وَعَاقَبَ فِي تُهْمَةٍ، لَمَّا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الرِّيبَةِ عَلَى الْمُتَّهَمِ»، فَمَنْ أَطْلَقَ كُلَّ مُتَّهَمٍ وَحَلَّفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ - مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِهَارِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَكَثْرَةِ سَرِقَاتِهِ، وَقَالَ: لَا آخُذُهُ إلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ - فَقَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِلسِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ. «وَقَدْ مَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ الْغَالَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ سَهْمَهُ، وَحَرَقَ مَتَاعَهُ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ» «وَمَنَعَ الْقَاتِلَ مِنْ السَّلَبِ لَمَّا أَسَاءَ شَافِعُهُ عَلَى أَمِيرِ السَّرِيَّةِ»، فَعَاقَبَ الْمَشْفُوعَ لَهُ عُقُوبَةً لِلشَّفِيعِ. «وَعَزَمَ عَلَى تَحْرِيقِ بُيُوتِ تَارِكِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ» . «وَأَضْعَفَ الْغُرْمَ عَلَى سَارِقِ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ، وَشَرَعَ فِيهِ جَلَدَاتٍ، نَكَالًا وَتَأْدِيبًا» «وَأَضْعَفَ الْغُرْمَ عَلَى كَاتِمِ الضَّالَّةِ عَنْ صَاحِبِهَا» .

1 / 14