فأما الإبطال فليس إنما يكون من جنس آخر فقط، بل قد يكون من واحد بعينه. وأيضا إذا أخذنا الشىء الذى هو أولى بتلك الحال — مثال ذلك أنه: إن أنزلنا أن علما ما خير، أو تبين أن الحلم ليس بخير، — لم يكن ولا علم واحد خيرا، لأنه ولا الذى هو أولى بأن يظن به ذلك — كذلك.
وأيضا يعتقد من الوضع على مثال واحد أنه إن كان يوجد لواحد، فقد يوجد للجميع، أولا يوجد — مثال ذلك أنه إن كانت نفس الإنسان غير مائتة، فسائر النفوس كذلك؛ وإن لم تكن نفس الإنسان غير مائتة، فليس سائر الأنفس غير مائتة. فإن أنزلنا أنه موجود لواحد، فينبغى أن نتبين أنه ليس موجودا لواحد. وذلك أنه يلزم من قبل الوضع أنه ولا لواحد يوجد. وإن أنزلنا أنه لواحد لا يوجد، فينبغى أن يتبين أنه يوجد لواحد، وذلك أنه بهذا الوجه أيضا يلزم أنه يوجد للجميع. ومن البين أن الذى يضع يجعل المسألة كلية إذا وضعت جزئية، لأنه يسأل من يقر بالجزئى أن يقر بالكلى، لأنه يسأل أن يكون الشىء يوجد لواحد وللجميع على مثال واحد.
صفحة ٥٤٩