وينظر أيضا إن كان وصف الأنفعال فصلا: وذلك أن كل أنفعال إذا يزيد أخرج الشىء من الجوهر. والفصل ليس كذلك، إذ كان الفصل يظن به أنه يحفظ الشىء الذى هو له فصل. وبالجملة، فغير ممكن أن يوجد كل واحد خلوا من الفصل الذى يخصه، وذلك أنه متى لم يوجد المشاء لم يوجد الإنسان. وبالجملة أقول إن كل الأشياء التى يستحيل بها الشىء الذى يوجد له، ولا شىء منها يكون فصلا لذلك الشىء، لأن هذه كلها إذا تزيدت باعدت من الجوهر. فيجب من ذلك أن يكون متى وصف شيئا مثل هذا فصلا قد أخطأ. وذلك أنا بالجملة لسنا نستحيل بالفصول.
وينظر أيضا إن كان وصف فصل شىء من المضافات غير مضاف إلى آخر، لأن الأشياء التى من المضاف فصولها أيضا من المضاف، كالحال فى العلم، فإنه يقال: نظرى وعملى وفعلى. فإن كل واحد من هذه قول على مضاف. وذلك أن النظرى نظرى لشىء، والعملى عملى لشىء، والفعلى فعلى لشىء.
وينظر أيضا إن كان لما حد الشىء وصف كل واحد من المضافات بالقياس إلى الذى من شأنه أن يضاف إليه. فإن بعضها إنما يمكن أن يستعمل الذى يضاف إليه فقط، كما يستعمل البصر فى أن ينظر؛ وفى بعضها يستعمل آخر ما غيره، كما يستعمل الطرجهارة إذا أراد مريد أن يغرف ماء، ولكن على حال إن حد الإنسان الطرجهارة بأنها آلة يغرف بها الماء — أخطأ، لأنها ليس إلى هذا من شأنها أن يضاف. وحد الذى من شأن الشىء أن يضاف إليه هو الذى نحوه ينحو فى الاستعمال الفهم والعلم بكل واحد من الأشياء.
صفحة ٦٤٥