وينظر أيضا إن كان قد وضع شيئا من المذمومات أو المهروب منها فى القوة أو فى القوى — مثل أن يجعل المغالط أو الساعى أو السارق الذى يقوى على أن يسرق شيئا ما ليس له. وذلك أنه ليس أحد ممن وصفنا يوصف بأنه كذلك من طريق ما هو قادر على أن يكون كذلك. وذلك أن الملك والإنسان الفاضل قد يقدران على أن يفعلا الشر وليسا شريرين، لأن جميع الشرار يوصفون بذلك بحسب الاختيار. وأيضا وكل قوة إنما هى من الأشياء المختارة. وقوى الأشياء الرديئة مختارة، ولذلك نقول إنها موجودة للملك وللفاضل إذ كان كل واحد منها قادرا على أن يفعل الردىء. فليست إذن القوة جنسا لشىء مذموم أصلا. وإن لم يكن هذا هكذا، فقد يلزم أن يكون شىء من المذمومات مختارا؛ فتكون قوة من القوى مذمومة.
وينظر أيضا إن كان وضع شيئا من الأشياء الجليلة بنفسها أو من المختارة فى القوة أو فى القوى أو فى الفاعل. وذلك أن كل قوة وكل قوى أو فاعل فإنما هو مختار من أجل غيره، أو إن كان وضع شيئا من الأشياء التى فى جنسين أو أكثر من ذلك فى أحدهما، فإن بعض الأشياء ليس يمكن أن يوضع فى جنس واحد، بمنزلة الخداع والساعى، وذلك أنه لا المختار إذا كان لا يقدر، ولا القادر إذا كان غير مختار هو خداع أو ساع، بل إنما يكون كذلك من اجتمع له الأمران. فليس ينبغى إذن أن نجعل ولا واحد منهما فى جنس واحد، لكن فى الجنسين الموصوفين.
صفحة ٥٧٥