تحفة الطالب
الناشر
دار ابن حزم
رقم الإصدار
الطبعة الثانية ١٤١٦هـ
سنة النشر
١٩٩٦م
وليس هذا مكان الجواب عن هذا الحديث١. والغرض أن من تدبر الأحاديث، وجد من هذا الضرب كثيرا.
_________
١ مكان الجواب عن هذا الحديث في مبحث "العام والخاص" عند الكلام على حديث ابن عباس ﵁ في شاة ميمونة، ﵂، حديث رقم "١٤٦ و١٤٧" فانظره.
وقد ذكره المصنف هنا لمناسبة بعثه ﷺ البعوث وإرساله الكتب إلى الأمصار لتبليغ الأحكام للأمة وإيصال دعوة الإسلام إلى الناس كافة، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سورة سبأ: الآية ٢٨] .
"قلت": وحديث عبد الله بن عكيم الذي فيه قصة الكتاب إلى جهينة هذا، قد علله العلماء بالاضطراب في متنه وسنده، وبالإرسال. ونقل الزيلعي عن الشيخ الإمام ابن دقيق العيد -رحمه الله تعالى- قوله في الإمام: والذي يعلل به حديث عبد الله بن عكيم الاختلاف، فروى ابن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن عكيم.
وروى أبو داود من جهة خالد الحذاء عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن أنه انطلق هو وناس إلى عبد الله بن عكيم قال: فدخلوا وقعدت على الباب فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم "أن رسول الله ﷺ كتب إلى جهينة قبل موته بشهر ... الحديث".
قال: ففي هذه الرواية أنه سمع من الناس الداخلين عليه وهم مجهولون. انتهى.
ثم قال الزيلعي: قال النووي في الخلاصة: وحديث ابن عكيم أُعل بأمور ثلاثة: أحدها: الاضطراب في سنده كما تقدم. والثاني: الاضطراب في متنه، فروي قبل موته بثلاثة أيام، وروي بشهرين، وروي بأربعين يوما. والثالث: الاختلاف في صحبته، قال البيهقي وغيره: لا صحبة له، فهو مرسل. انتهى.
"قلت": قال الإمام الترمذي في الجامع ٤/ ٢٢٢: سمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكروا فيه "قبل وفاته بشهرين" وكان يقول: هذا آخر أمر النبي ﷺ ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده ... ا. هـ.
ونقل الحازمي في الاعتبار نحو كلام الترمذي عن الخلال عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في هذا الحديث. ثم قال: وطريق الإنصاف فيه أن يقال: إن حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ لو صح، ولكنه كثير الاضطراب، ثم لا يقاوم حديث ميمونة في الصحة.
وقال الزيلعي عن الحازمي: وحديث ابن عباس سماع، وحديث ابن عكيم كتاب، والكتاب والوجادة والمناولة كلها مرجوحات؛ لما فيها من شبه الانقطاع بعدم المشافهة. ولو صح فلا يقاوم حديث ابن عباس في الصحة "أي: حديثه في جواز الانتفاع بجلد الميتة بعد دباغته وسيأتي". =
1 / 170