62

تحفة الطالب والجليس في كشف شبه داود بن جرجيس

محقق

عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم

الناشر

دار العصمة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٠ هـ/١٩٩٠م

لأنهم رسل بالأوامر الكونية والشرعية. والقدرةُ والتدربير وتسخير المخلوقات كل ذلك لله وحده، وهو من أدلة توحيده وإلهيته، وصرف الوجوه إليه، والإعراض عما سواه. قال تعالى في حق الملائكة: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ . إلى قوله ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ . [الأنبياء:٢٦-٢٩] . وقال في شأن جبريل وغيره من الملائكة ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ . [مريم:٦٤] . فتأمل ما في هذا القول من كمال العبودية، ومتابعة الأمر، والبراءة من الملكة والحول والقوة، والاعتراف له تعالى بذلك. فاستدل بعموم الربوبية، ثم قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ ثناء عليه تعالى بإثبات العلم، ونفي ما يضاده، أو ينافي كماله. قال تعالى في حق المسيح: ﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ . الآية [النساء:١٧٢] . والمقصود أن تسخير الملائكة، وتدبيرها، وإرسالها من أدلة إلهيته تعالى، واستحقاقه لأن يعبد وحده لا شريك له. * ومن العجب أن هذا العراقي زعم هنا أن ابن القيم قال في كتاب "الروح" وابن تيمية قال في كتاب "الفرقان": إن أرواح الموتى تدبر. وقد برأهما الله، وحماهما من ذلك، بل هما من أبعد خلق الله عن هذه الأقاويل الجاهلية الشركية، ومن أشدهم نهيًا عنها، وإبطالًا

1 / 67