تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
والمختار في الورود بما أتى به لسوق المسلمين فيختار البيع خارج البلد أما إذا كان في شكل المكره فيرتفع الخطاب بالمنع للإكراه لقوله ﵇: ولا ما استكرهوا عليه. وذلك في مثل بلدنا وغيرها في كثير من البلاد القائم فيها وظيف المكس أعاذنا الله من شر التباعات الظلمية فينال الغارم بعد غرمه في بعض الأحيان من الإهانة ما الله به عليم ولا يحل لامرئ مسلم أن يهين نفسه فإذا كان الجالب ممن لا يرضى ذلك لنفسه أو لا يستطيع أن يحملها عليه خصوصا إن كان من ذوي الهيئات فحقيق به وجوب البيع حيث يأمن إطالة أيدي الماكسين عليه ويرتفع خطاب المنع عنه وفاقا لحلول المانع الجبري له.
مفاوضة المؤلف مع جده الأقرب
وقد تفاوضت ذات يوم مع سيدنا الجد الأقرب في قوله ﵇: أما إنها تابت توبة لو تابها مكاس لقبلت منه. وذكرت له قول عياض في إكماله أن فيه دليلا على عظم ذنب صاحب المكس وذلك لكثرة تباعات الناس عليه وظلاماتهم قبله وأخذه أموالهم بغير حقها وسنه سنة مستمرة استمرار الحقوق ثم العلة في عدم قبول توبته لما تعلق بذمته من التباعات المجهول أربابها ومن شروط التوبة رد المظالم إلى أهلها وذلك متعذر في حقه لكثرتهم وجهل أعينهم ومنهم الميت والغائب.
وكان السبب في هذه المفاوضة أنه مرض مرضا ثقيلا فأشرت عليه بأكل الكمثرى الذي هو في اصطلاحنا الاجاص وليس هو في اصطلاح الفقهاء مع الأطباء وإنما اصطلاحهم في الآجاص العبقر الذي نسمه في عرفنا بالبرقوق فوقع البحث عنه فلم يوجد إلا في عرصة للوالي ابن بو جمعة فابتاعه الباحث من هنالك وأتى به إليه فسأله من أين هذا فأخبره فاشمأز من ذلك فقلت له أما إنهم قالوا في بعض الأقوال المذهبية إن المستغرق الذمة تجوز مبايعته بالقيمة فقال لي ينادي على القائل بالمنع ذلك من قعر الثرى وأنا آكل هذا الكمثرى أكلت متاع الناس يا كذا إنما يليق يا ولدي بأهل الفضل اختيار ما كان شاقا على النفس ولو كان القول فشذوذا.
وأبى من أكله بعد دفع الثمن فيه وقوة الحاجة إليه رضه ونفعنا ببركته وحشرنا في زمرته وقطع مواد رضاه في الدنيا والآخرة عن القاطع من ذريته ثم أسمعني في الحين من لفظه حديثا مرسلا عن رسول الله صلعم أنه قال من أخذ لرجل درهما ظلما فإنه يؤدي فيه بين يدي الله سبحانه ثواب سبعمائة صلاة مقبولة.
1 / 91