تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
والثاني: أنهم أهل العمود وأهل القرى دون أهل المدن.
والثالث: أن المراد بذلك الجالف وإن كان من أهل المدن والحواضر.
قال ابن رشد: ورأى على هذه الرواية بل هذا القول أن المعنى في النهي إنما هو على أن يبيع الحاضر للجالب وأن قوله لا يبيع حاضر لباد إنما أخرج على الأعم في أن أهل البادية هم الذين يجلبون على الحاضرة. قال الشيخ الأبي في إكمال الإكمال وليس بيع الدلال من بيع الحاضر للبادي لأن الدلال إنما هو لاشهار السلعة فقط والعقد عليها إنما هو لربها وبيع الحاضر إنما هو أن يتولى الحاضر البيع أو يقف مع رب السلعة ليزهده في البيع ويعلمه أن السلعة مثلا لم تبلغ ثمنها ونحو ذلك والدلال على العكس لأنه ربما رغبه في البيع وأعلمه أن السلعة لم تبلغ أكثر. وكذلك ليس من بيع الحاضر أن يبعث البدوي سلعة ليبيعها له الحاضر.
وأما التلقي قال مالك فهو من معنى بيع الحاضر للبادي في علة المع إذ لا فرق بين أن يبيع له السلعة التي أتى بها وبين أن يذهب له فيتلقاه ويشتري منه ثم يأتي فيبيع. وهل من التلقي خروج أهل المدينة إلى الحوائط والجنات فيشترون منهم الثمار هنالك ثم يدخلون إلى المدينة ويبيعونها على أيديهم قال في سماع أشهب سأل الأمير مالكا عن ذلك وأنه اختلفت عليه إشارة العلماء فبعضهم أشار عليه بالمنع وبعضهم أشار عليه بالترك فبأي ذلك يأخذ؟ فقال له خذ بقول من قال بمنعهم فقد نهى رسول الله صلعم عن تلقي السلع حتى يهبط بها إلى السوق.
قال أشهب من رأيه لا بأس بذلك وليس هذا بتلقٍ وإنما التلقي أن يتلقى الجلاب قبل أن يهبط بذلك للأسواق كان ما كان ذلك الجلف طعاما أو حيوانا أو غيرهما من الأشياء كلها هـ.
وأما من كان منزله على الطريق فيريد الشراء من الجلاب أو يكون بالبلد فيشتري من الأزقة قبل أن يصل إلى السوق فهو أيضا من التلقي. قال في سماع أشهب وسألته عن الذي يكون منزله على طريق الجلاب قال لا يعجبني أن يشتري منهم ما يريد بيعه فلا أرى ذلك وهو من التلقي. قلت له أفرأيت الذي يخرج من المدينة فيبيع أو يمسك قال لا خير فيه باع أو أمسك إنما كره التلقي أن يذهب الرجل من البلد قد عرف أسعارها ثم يقدم فيبيع على معرفة.
1 / 89