تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
الاحتكار في جميعها تخصيص من غير مخصوص فلم يبق إلا أن يكون ناقلا لتقييد فقه ذلك عن القائلين بالتسعير فيما سوى الحبوب لأنه جرى منه على أصله.
والصواب الإطلاق في الحبوب وغيرها لموافقة المشهور في جواز احتكارها حيث لا مضرة فيه ولأنه نص ما تقدم نقله عن سحنون في أمره لابن فطيس بما يشاكل عمل القيمة عندنا وهو غير التسعير فيها
صورة التسعير
ثم قال في النوادر في صورته فينبغي للعدل إذا أراد أن يسعر شيئا من ذلك أن يجمع وجوه أهل سوق ذلك الشيء ويحضر غيرهم استظهارا على صدقهم فيسألهم كيف يشترون وكيف يبيعون فإن رأى شططا نازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة سداد حتى يرضوا به ثم يتعاهدهم فمن حط من ذلك قيل له إما بعت بسعر الناس وإلا رفعت.
ويؤدب المعتاد ويخرجه من السوق فإن قلت قول الشيخ ابن رشد في صفة التسعير على أهل السوق بعد معرفة ما يربحونه على الثمن الذي اشتروا به أن يقال لهم لا سبيل لكم أن تبيعوا إلا بكذا فلا تشتروا إلا عليه هل هو إلا نفس التسعير على الجلاب لأنه إذا ألجئ الجالب للبيع بشيء مسمى لا يتعداه كان تسعيرا عليه إلا أنه ليس من خطاب صاحب السوق له بالتسعير ولا من خطابه للمشتري منه أن يلجئه للتحديد فيكون نائبا في ذلك ويد الوكيل كيد الموكل وذلك ممنوع بنقله الإنفاق على عدم التسعير على الجلاب وإلا لم يكن لرفع الخلاف فائدة.
قلت إما أن يحمل قوله لا تشتروا إلا عليه حملا موسعا عن التحديد فيكون المعنى لا تشتروا إلا على نسبته ومنهما لم يكن تحديد ولا مساواة في قدر ما يبيعون به لما يشترون عليه فلا تسعير ويدل على هذا الحمل قوله قبل فلا يتركهم أن يغلو في الشراء قد يفعلون ذلك ويتساهلون فيه.
وقوله أيضا بعد لأن ذلك إنما يجوز له أن يفعله إذ علم أنه يتساهلون في الشراء ويزيدون على أنفسهم فيتعين أن يكون معنى الخطاب لهم بأنهم لا يشترون إلا على كذا أن يرهقوا أنفسهم في شرية الغلاء وليس في ذلك تسعير على الجالب وأما أن يحمل على تقييد منع التسعير على الجالب وفاقا إذا لم يبغ على المسلمين في طلب الزيادة على ما يجد سعر
1 / 134