تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
سمينا فهو يكره لوجهين: أحدهما ما ذكره من أنه يغير طعم اللحم والثاني أنه من الغش المنهي عنه في البيوع قال رسول الله صلعم: من غشنا فليس منا. أي على مثل هدينا وطريقنا. ولو اشترى المشتري اللحم المنفوخ ولم يعلم أنه منفوخ لكان له أن يرده من ناحية الغش ومن وجه تغيير رائحته أيضا ورده من جهة الغش أبين، وأما نفخ الذبيحة قبل السلخ فلا كراهة فيه لأنه يحتاج إليه وفيه صلاح ومنفعة. قلت لأنه مما لا يتوصل لكشف الجلد عن اللحم إلا به كما تقدم في خلط اللبن عند الضرب بالصل لإخراج زبده.
الغش في الخبز
ومنه ما يوجد في الخبز بعد طحنه من نقص في وزنه أو في طبخه أو في رداءة دقيقه فقد سئل الإمام المازري رحه عمن يوجد خبزه ناقصا أو في دقيقه النخالة هل يخرج من السوق أو يتصدق به. فأجاب إن تكرر هذا الفعل من الخباز أخرج من السوق وكذلك من تكررت منه الخيانة والسرقة. أما الصدقة بالخبز فإن كان فقيرا ترك والصدقة ببعضه أحسن ويتصدق به على الموسع لوجهين أحدهما أن من هذا شأنه فالغالب عليه أن يتعلق بذمته للفقراء مثله أو أكثر. والثاني الجهل بالمسروق منهم يوجب كونها ظلامة لغير معين وهذا من تكرر منه مثل هذا في الدقيق يخرج من السوق على نحو ما مر.
قلت هذا الذي ذكره من حكمة الصدقة بما وقع الغش به هو المناسب للطريق الفقهي لأنه لما وقع استشعار أن الغاش مغترق الذمة بما أخذ من الأعراض في مقابلة ما غش به إذ ليس هو إلا عين أكل المال بالباطل سلك به مسلك من كان ماله كله حراما أو غلب عليه الحرام بالتباعات والظلامات.
وفي صرفه قولان أحدهما أن يصرف بصرف الفيء والثاني أن يصرف بصرف الصدقة وكان يتقدم لنا عن شيخنا أن صرفه مصرف الصدقة في هذا الزمان متعين لفقد العدل في بيوت الأموال كما وقع لابن القاسم في عصوبة بيت المال إن كان كعمر بن عبد العزيز صحت وإلا صرف نصيب العاصب مصرف الصدقة لأنه مال جهل ربه بعدم اطلاعنا خاصة وإلا فهو في علم الله موجود وإنما جهلنا تحقيق شعب الأنساب بمضي السنين والأحقاب لأن بيت المال في صحيح القولين حافظ لا وارث.
1 / 116