تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
عليه أيضا أن يبين ذلك للمبتاع ويقال له إنه سمن بقر وغنم فقال لي: نعم أرى ذلك عليه أن يبين ذلك للمبتاع ليس لشيء من الزبد ولا من السمن ولا من اللبن مثل زبد الغنم وسمنها أو مثل لبنها أطيب ولا أجود فأرى أن يبين ذلك إذا باع وأحب إلي ألا يخلطهما.
قال ابن رشد رحه تع قوله أحب إلي ألا يخلطهما ليس على ظاهره وهو يجوز في اللفظ بل لا يحل ذلك ولا يجوز وإن بين لأنه من الغش وكذلك قال ابن القاسم في سماع عيسى وقال مالك في كتاب ابن المواز يعاقب من يخلط طعاما بطعام دونه أو قمحا بشعير ويمنع من بيعه على ظاهر ما في كتاب ابن المواز ومن أجل الذريعة فإن باع وبين مضى البيع لم يكن للمبتاع رد وقد أساء فليس في قوله مباح له أن يفعله وإنما معناه أن ذلك يلزمه من أجل حق المشتري فإن لم يفعل كان له أن يرد ويلزمه إن بين قدر ما فيه من كل واحد منهما إن علم ذلك وإن لم يعلمه أخبر باختلاطهما وإنما يكون للمبتاع أن يرد اللبن المخلوط والزبد والسمن إذا كان زبد الغنم وسمنها ولبنها هو الغالب في البلد أو كانا متساويين وأما إن كان لبن البقر وزبدها وسمنها هو الغالب بالبلد فليس له أن يرد شيئا من ذلك إذا وجده مخلوطا بلبن الغنم لأنه لو وجده كله لبن بقر لم يكن له أن يرده فكيف إذا وجده مخلوطا بلبن الغنم.
وهذا على ما ذكر مما هو لا شك معلوم عندهم أن لبن الغنم وزبدها وسمنها أفضل من لبن البقر وزبدها وسمنها. وأما على ما هو معلوم عندنا من أن سمن البقر أفضل وأطيب من سمن الغنم فليس له أن يرد السمن المخلوط إذا كان الغالب في البلد سمن الغنم وإنما له أن يرده إذا كان الغالب بالبلد سمن البقر أو كانا متساويين كما لو اشتراه فوجده سمن غنم.
قاعدة: قلت ذكر رضه فيما وقع الرد فيه من هذا النوع في سماع أشهب من كتاب العيوب شكل قاعدة على ما قع في الرواية فقال كل شيء يباع من جنسين متساويين في البلد فالبيع يقع على أفضلهما فإن وجد الأدنى كان له أن يرد وإن وجد الأفضل لم يكن له أن يرد إلا أن يكون اشترى على أنه من الصنف الأدنى فوجده من الصنف الأعلى فيكون له أن يرد بشرطه إذا كان لاشتراطه وجه كمن اشترى عبدا على أنه نصراني فوجده مسلما فيكون له أن يرده إن قال إنما اشترطت نصرانيًا لأزوجه لأمة لي نصرانية أو ليمين على أن أشتري مسلما أو ما أشبه ذلك مما يذكره ويكون له وجه هـ.
1 / 112