تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
فالوفاء في الكيل كما قال أن يملأ الكيل من غير رزم ولا تحريك ويجمع الطعام فيمسكه بيده على رأس الكيل ثم يسرح يديه فما استمسك منه على رأس الكيل فهو وفاء ولا يجوز للبائع أن ينقص من هذا ولا المبتاع إذا اؤتمن على الكيل أن يزيد عليه. قال الله ﷿: ﴿ويل للمطففين﴾ وفي محل آخر وسئل مالك عن تطفيف المكيال وقيل له إنهم يستوفون في الحوائط ويكيلون للناس دون ذلك فرأيت مسح رأس الوبية لا ينحش فيه أحد قال: عليك أن تأمر الناس بالوفاء فمن ظلم نفسه ظلم وكره مرة مسح الويبة تطفيفا كراهية شديدة وطرأ التطفيف وتلا ﴿ويل للمطففين﴾ مرتين. وروي عنه صلعم أنه أمر بتصيير الكيل وأن يبتاع عليه وقال البركة في رأس ونهى عن التطفيف وروي أن يكل به (عرنكان) على التطفيف مسحا بالحديدة ويكره الرزم والتحريك ولكن يملأ ويسرح المكيال بيده بعد ملء الصاع فذلك الوفاء.
الزمخشري في تفسير سورة المطففين: التطفيف البخس في الكيل والوزن. وروي عنه صلعم أنه قدم المدينة وكانوا من أخبث الناس كيلا فنزلت فأحسنوا الكيل وقيل قدمها وبها رجل يعرف بأبي جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالأخرى. وقيل كان أهل المدينة تجارا يطففون وكانت بياعاتهم المنابذة والملامسة والمخاطرة فنزلت فخرج رسول الله صلعم فقرأها عليهم وقال خمس بخمس فقيل يا رسول الله وما خمس بخمس. قال ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عهودهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس عليهم القطر.
وعن علي رضه تع أنه مر برجل يزن الزعفران وقد أرجح فقال له أقم الوزن بالقسط ثم أرجح بعد ذلك ما شئت. كأنه أمره بالتسوية أولا ليعتادها. ويفصل الواجب من النقل.
وعن ابن عباس إنكم معاشر الأعاجم وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم المكيال والمزيان. وخص الأعاجم لأنهم يجمعون الكيل والوزن جميعا وكانا مفرقين في الحرم كان أهل مكة يزنون وأهل المدينة يكيلون. وعن ابن عمر أنه كان يمر بالبائع فيقول اتق الله وأوف الكيل فإن المطففين يرفقون يوم القيامة لعظمة الرحمان حتى أن العرق ليلجمهم. وعن عكرمة أشهد أن كل كيال ووزان في النار فقيل له إن ابنك كيال أو وزان فقال أشهد أنه في النار وعن أبي رضه لا تلتمس الحوائج ممن رزقه في رؤوس المكاييل وألسن الموازين.
1 / 103