تحفة المحتاج في شرح المنهاج
الناشر
المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى محمد
رقم الإصدار
بدون طبعة
تصانيف
ـ[تحفة المحتاج في شرح المنهاج]ـ
المؤلف: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي
روجعت وصححت: على عدة نسخ بمعرفة لجنة من العلماء
الناشر: المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى محمد
الطبعة: بدون طبعة
عام النشر: ١٣٥٧ هـ - ١٩٨٣ م
(ثم صورتها دار إحياء التراث العربي - بيروت، بدون طبعة وبدون تاريخ)
عدد الأجزاء: ١٠
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
- بأعلى الصفحة: كتاب «تحفة المحتاج في شرح المنهاج» لابن حجر الهيتمي
- بعده (مفصولا بفاصل): حاشية الإمام عبد الحميد الشرواني
- بعده (مفصولا بفاصل): حاشية الإمام أحمد بن قاسم العبادي (٩٩٢) .
أحمد بن قاسم الصباغ العبادي المصري ١- الاسم: (ابن قاسم)، أحمد بن قاسم الصباغ العبادي المصري، شهاب الدين. ٢- مذهبه: شافعي. ٣- مولده: ٤- وفاته: مكة (٩٩٢هـ - ١٥٨٤م) . ٥- منزلته العلمية: فقيه شافعي، أزهري، فاضل من أهل مصر. ٦- أبرز شيوخه: ناصر الدين اللقاني، شهاب الدين البرلسي (المعروف بعميرة)، عيسى الصفوي، وغيرهم. ٧- أبرز تلاميذه: محمد بن داود المقدسي، وغيره. ٨- أهم مصنفاته: حاشية على شرح جمع الجوامع للحلال المحلي (الآيات البينات)، شرح الورقات لإمام الحرمين، حاشية على شرح المنهج. (الأعلام ١/١٨٩ - شذرات الذهب /٨/٤٣) . ١٤
أحمد بن قاسم الصباغ العبادي المصري ١- الاسم: (ابن قاسم)، أحمد بن قاسم الصباغ العبادي المصري، شهاب الدين. ٢- مذهبه: شافعي. ٣- مولده: ٤- وفاته: مكة (٩٩٢هـ - ١٥٨٤م) . ٥- منزلته العلمية: فقيه شافعي، أزهري، فاضل من أهل مصر. ٦- أبرز شيوخه: ناصر الدين اللقاني، شهاب الدين البرلسي (المعروف بعميرة)، عيسى الصفوي، وغيرهم. ٧- أبرز تلاميذه: محمد بن داود المقدسي، وغيره. ٨- أهم مصنفاته: حاشية على شرح جمع الجوامع للحلال المحلي (الآيات البينات)، شرح الورقات لإمام الحرمين، حاشية على شرح المنهج. (الأعلام ١/١٨٩ - شذرات الذهب /٨/٤٣) . ١٤
صفحة غير معروفة
[خُطْبَةُ الْكِتَابِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
خُطْبَةُ الْكِتَابِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِكُلِّ أُمَّةٍ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَخَصَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِأَوْضَحِهِمَا أَحْكَامًا وَحِجَاجًا، وَهَدَاهُمْ إلَى مَا آثَرَهُمْ بِهِ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ تَمْهِيدِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَتَحْرِيرِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ لِتُسْتَنْتَجَ مِنْهَا الْعَوِيصَاتُ اسْتِنْتَاجًا وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي مَيَّزَهُ اللَّهُ عَلَى خَوَاصِّ رُسُلِهِ مُعْجَزَةً وَخَصَائِصَ وَمِعْرَاجًا صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِينَ فَطَمُوا أَعْدَاءَ الدِّينِ الْقَوِيمِ عَنْ أَنْ يُلْحِقُوا بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِهِ أَوْ مُبَادِيهِ شُبْهَةً أَوْ اعْوِجَاجًا صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ بِدَوَامِ جُودِهِ الَّذِي لَا يَزَالُ هَطَّالًا ثَجَّاجًا (وَبَعْدُ) فَإِنَّهُ طَالَمَا يَخْطِرُ لِي أَنْ أَتَبَرَّكَ بِخِدْمَةِ شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ لِلْقُطْبِ الرَّبَّانِيِّ
ــ
[حاشية الشرواني]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ (قَوْلُهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ فَإِنَّ كُلَّ أُمَّةٍ جَمَاعَةٌ لِنَبِيِّهِمْ، وَالنَّبِيُّ إمَامُهُمْ (قَوْلُهُ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) الْأَوَّلُ الطَّرِيقُ إلَى الْمَاءِ وَالثَّانِي مُطْلَقُ الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ شَبَّهَ بِهِ الدِّينَ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ وَمُوصِلٌ إلَيْهَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا بَرَاعَةُ الِاسْتِهْلَالِ (قَوْلُهُ وَخَصَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ) أَيْ أُمَّةَ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ بِأَوْضَحِهَا) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ فَهِيَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَإِنَّمَا التَّأْوِيلُ فِي مَادَّةِ الْخُصُوصِ بِحَمْلِهَا عَلَى مَعْنَى التَّمْيِيزِ أَوْ بِتَضْمِينِهِ لَهَا، وَالضَّمِيرُ لِلشَّرَائِعِ (قَوْلُهُ أَحْكَامًا وَحِجَاجًا) تَمْيِيزٌ مِنْ النِّسْبَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ النِّسَبُ التَّامَّةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الشَّرَائِعِ مُطْلَقًا أَوْ الْمُتَعَلِّقَةُ بِخُصُوصِ كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ وَبِالثَّانِي أَدِلَّتُهَا مُطْلَقًا أَوْ خُصُوصُ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ وَهَدَاهُمْ) أَيْ أَرْشَدَهُمْ وَأَوْصَلَهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ تَمْهِيدِ الْأُصُولِ) أَيْ أُصُولِ الدِّينِ وَالْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةِ وَالتَّفْصِيلِيَّةِ أَوْ الْمُرَادُ خُصُوصُ أُصُولِ الْفِقْهِ أَيْ أَدِلَّتِهِ التَّفْصِيلِيَّةِ، وَيُرَجِّحُهُ عَطْفُ الْفُرُوعِ عَلَيْهَا الْمُرَادُ بِهَا الْفِقْهُ (قَوْلُهُ لِتُسْتَنْتَجَ مِنْهَا) أَيْ لِتَخْرُجَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالنَّظَرِ وَالْفِكْرِ (قَوْلُهُ الْعَوِيصَاتُ) جَمْعُ عَوِيصٍ عَلَى وَزْنِ أَمِيرٍ أَيْ الْمَسَائِلُ الصَّعْبَةُ (قَوْلُهُ مُعْجِزَةً إلَخْ) لَعَلَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ الْبَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ سَمَاعِيًّا لَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْقِيَاسِيِّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِينَ، وَسَهَّلَهُ رِعَايَةُ الْقَافِيَةِ (قَوْلُهُ فَطَمِعُوا) أَيْ مَنَعُوا وَدَفَعُوا (قَوْلُهُ الْقَوِيمِ) أَيْ الْمُسْتَقِيمِ (قَوْلُهُ مِنْ مَقَاصِدِهِ أَوْ مَبَادِيهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَقَاصِدِ الدِّينِ مَسَائِلُ عِلْمَيْ التَّوْحِيدِ وَالْفِقْهِ وَبِمُبَادِيهِ أَدِلَّتُهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ اعْوِجَاجًا) إنَّمَا أَخَّرَهُ عَنْ الشُّبْهَةِ لِلسَّجْعِ، وَإِلَّا فَحَقُّ التَّرَقِّي التَّقْدِيمُ (قَوْلُهُ هَطَّالًا ثَجَّاجًا) كَشَدَّادٍ يُقَالُ هَطَلَ الْمَطَرُ إذَا نَزَلَ مُتَتَابِعًا مُتَفَرِّقًا عَظِيمَ الْقَطْرِ، وَثَجَّ الْمَاءُ إذَا سَالَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا الْمُبَالَغَةُ فِي الْكَمِّ وَالْكَيْفِ (قَوْلُهُ طَالَ مَا) مَا هُنَا زَائِدَةٌ كَافَّةٌ عَنْ عَمَلِ الرَّفْعِ فَحَقُّهَا أَنْ يُكْتَبَ مُتَّصِلًا بِالْفِعْلِ كَمَا فِي نُسْخَةِ الطَّبْعِ (قَوْلُهُ الْقُطْبِ) أَيْ الْمُشْبَعِ عِلْمًا وَعَمَلًا (قَوْلُهُ الرَّبَّانِيِّ) أَيْ الْمُتَأَلِّهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ أَئِمَّةَ كُلِّ عَصْرٍ لِتَحْرِيرِ الْأَحْكَامِ، وَفَقَّهَ فِي دِينِهِ الْقَوِيمِ مَنْ أَرَادَهُ مِنْ الْأَنَامِ، وَسَلَكَ بِمَنْ شَاءَ الْمِنْهَاجَ الْمُسْتَقِيمَ فَلَا يَحِيدُ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى مَنْ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ
1 / 2
وَالْعَالَمِ الصَّمَدَانِيِّ وَلِيِّ اللَّهِ بِلَا نِزَاعٍ وَمُحَرَّرِ الْمَذْهَبِ بِلَا دِفَاعٍ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى النَّوَاوِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ إلَى أَنْ عَزَمْت ثَانِيَ عَشْرَ مُحْرِمٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ عَلَى خِدْمَةِ مِنْهَاجِهِ الْوَاضِحِ ظَاهِرُهُ الْكَثِيرَةِ كُنُوزُهُ وَذَخَائِرُهُ مُلَخِّصًا مُعْتَمِدًا شُرُوحَهُ الْمُتَدَاوَلَةَ وَمُجِيبًا عَمَّا فِيهَا مِنْ الْإِيرَادَاتِ الْمُتَطَاوِلَةِ طَاوِيًا بَسْطَ الْكَلَامِ عَلَى الدَّلِيلِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّعْلِيلِ وَعَلَى عَزْوِ الْمَقَالَاتِ وَالْأَبْحَاثِ لِأَرْبَابِهَا لِتَعَطُّلِ الْهِمَمِ عَنْ التَّحْقِيقَاتِ فَكَيْفَ بِإِطْنَابِهَا وَمُشِيرًا إلَى الْمُقَابِلِ بِرَدِّ قِيَاسِهِ أَوْ عِلَّتِهِ وَإِلَى مَا تَمَيَّزَ بِهِ أَصْلُهُ لِقِلَّتِهِ فَشَرَعْت فِي ذَلِكَ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ وَمُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ وَمَادًّا أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ أَنْ يُسْبِغَ عَلَيَّ وَاسِعَ جُودِهِ وَكَرَمِهِ وَأَنْ لَا يُعَامِلَنِي فِيهِ بِمَا قَصَّرْت فِي خِدَمِهِ لَا سِيَّمَا فِي أَمْنِهِ وَحَرَمِهِ إنَّهُ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ (وَسَمَّيْته تُحْفَةَ الْمُحْتَاجِ بِشَرْحِ الْمِنْهَاجِ)
قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بِسْمِ) أَيْ أُؤَلِّفُ أَوْ أَفْتَتِحُ تَأْلِيفِي
ــ
[حاشية الشرواني]
وَالْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى اهـ مُخْتَارٌ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ أَيْ الْمَنْسُوبِ إلَى الرَّبِّ أَيْ الْمَالِكِ اهـ فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ هُوَ مَنْ أُفِيضَتْ عَلَيْهِ الْمَعَارِفُ الْإِلَهِيَّةُ فَعَرَفَ رَبَّهُ وَرَبَّى النَّاسَ بِعِلْمِهِ اهـ مُبَيَّنٌ بِمُرَادٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّبِّ (قَوْلُهُ وَالْعَالِمِ الصَّمَدَانِيِّ) أَيْ الْمَنْسُوبِ إلَى الصَّمَدِ أَيْ الْمَقْصُودِ فِي الْحَوَائِجِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنِّسْبَةِ هُنَا أَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا عَلَى اللَّهِ بِحَيْثُ لَا يَلْتَجِئُ إلَى غَيْرِهِ تَعَالَى فِي أَمْرٍ مَا ع ش.
(قَوْلُهُ النَّوَاوِيِّ) نِسْبَةً إلَى نَوَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّامِ وَالْأَلِفُ مَزِيدَةٌ فِي النِّسْبَةِ (قَوْلُهُ ثَانِيَ عَشْرَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ إلَخْ) وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرَغَ مِنْ تَسْوِيدِ هَذَا الشَّرْحِ عَشِيَّةَ خَمِيسِ لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ اهـ وَقَالَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ إنَّهُ شَرَعَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَامَ تِسْعِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ اهـ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ سَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ عَامَ ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ اهـ، وَقَالَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ إنَّهُ شَرَعَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي شَهْرِ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ اهـ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ تَاسِعَ عَشْرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ اهـ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَأْلِيفَ النِّهَايَةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَأْلِيفِ التُّحْفَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ع ش وَأَنَّ تَأْلِيفَ الْمُغْنِي مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَأْلِيفِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ مُلَخِّصًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ عَزَمْت أَيْ مَرِيدٌ لِلتَّلْخِيصِ وَالتَّنْقِيَةِ (قَوْلُهُ وَمَا فِيهِ) أَيْ فِي الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلِ) أَيْ الِاعْتِرَاضِ عُطِفَ عَلَى الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَعَلَى عَزْوِ الْمَقَالَاتِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ وَالْأَبْحَاثِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ لِتَعَطُّلِ الْهِمَمِ) أَيْ ضَعْفِهَا عِلَّةً لِلطَّيِّ (قَوْلُهُ عَنْ التَّحْقِيقَاتِ) أَيْ عَنْ تَحْصِيلِ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ.
(قَوْلُهُ بَاطِنًا بِهَا) أَيْ الْأَدِلَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ مُشِيرًا) عُطِفَ عَلَى طَاوِيًا أَوْ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ إلَى الْمُقَابِلِ) أَيْ مُقَابِلِ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ عِلَّتِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ دَلِيلُ الْمُقَابِلِ مُطْلَقًا وَهُوَ أَفْيَدُ لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي عَلَيْهِ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ، وَلِأَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ مَخْصُوصٌ بِهِ كَمَا قُرِّرَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ وَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى فِي (قَوْلِهِ لِقِلَّتِهِ) أَيْ مَا تَمَيَّزَ بِهِ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي خِدْمَةِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، (قَوْلُهُ وَالِافْتِقَارِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ إلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَاذَا (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي تَأْلِيفِ ذَلِكَ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ بِمَا قَصَّرْت فِي خِدَمِهِ) جَمْعُ خِدْمَةٍ كَكِسْرَةِ وَكِسَرٍ وَالضَّمِيرُ لِلْمِنْهَاجِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْ بِمُكَافَأَةِ التَّقْصِيرِ الصَّادِرِ مِنِّي فِي خِدَمِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْجَوَادُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاسْتِعَانَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَسَمَّيْته) أَيْ الشَّرْحَ الْمُسْتَحْضَرَ فِي الذِّهْنِ، إذْ ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ سَابِقَةٌ عَلَى التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ بِشَرْحِ الْمِنْهَاجِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُحْتَاجِ فِي الْأَصْلِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْعَلَمِيَّةِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ جَزْءٌ مِنْ الْعِلْمِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ
(قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إلَى آخِرِ الْكِتَابِ مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ أَيْ أُؤَلِّفُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمُتَعَلِّقِ الْبَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَصْلِيَّةٌ وَقِيلَ زَائِدَةٌ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ فَمَدْخُولُهَا مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَوْ بِالْعَكْسِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ فَالْمُتَعَلِّقُ إمَّا فِعْلٌ أَوْ اسْمٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا خَاصٌّ أَوْ عَامٌّ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مُقَدَّمٌ أَوْ مُؤَخَّرٌ، وَأَوْلَى هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّمَانِيَةِ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعَمَلِ وَلِقِلَّةِ الْحَذْفِ عَلَيْهِ وَلِكَثْرَةِ التَّصْرِيحِ بِالْمُتَعَلِّقِ فِعْلًا وَأَنْ يَكُونَ خَاصًّا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ فِي شَيْءٍ إنَّمَا يُضْمِرُ فِي نَفْسِهِ لَفْظَ مَا جَعَلَ التَّسْمِيَةَ مَبْدَأً لَهُ، فَالْمُبَسْمِلُ الْمُسَافِرُ يُلَاحِظُ أُسَافِرُ وَالْآكِلُ يُلَاحِظُ آكُلُ وَهَكَذَا، وَأَنْ يَكُونَ مُؤَخَّرًا لِيُوَافِقَ الْوُجُودَ الذِّكْرِيَّ لِلْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ وَلِيُفِيدَ الْقَصْرَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] .
وَإِنَّمَا قُدِّمَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١]؛ لِأَنَّهُ مَقَامُ ابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ وَتَعْلِيمِهَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا نَزَلَ فَكَانَ الْأَمْرُ بِالْقِرَاءَةِ أَهَمَّ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْعَارِضِ وَكَثِيرًا مَا تُرَجَّحُ فِي الْبَلَاغَةِ الْأَهَمِّيَّةُ الْعَرَضِيَّةُ عَلَى الْأَهَمِّيَّةِ الذَّاتِيَّةِ إذَا اقْتَضَى الْحَالُ ذَلِكَ كَمَا هُنَا، وَلَمْ يَقْتَصِرْ الشَّارِحُ عَلَى أُؤَلِّفُ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى لِمَا مَرَّ، وَلِتَعُمَّ الْبَرَكَةُ جَمِيعَ التَّأْلِيفِ بِخِلَافِ مَادَّةِ الِافْتِتَاح مَثَلًا فَإِنْ الْبَرَكَةَ خَاصَّةٌ بِالِابْتِدَاءِ لِلْإِشَارَةِ إلَى جَوَازِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَعَلَى آلِهِ الْأَنْجَابِ وَأَصْحَابِهِ النُّجُومِ وَتَابِعِيهِمْ إلَى يَوْمِ الْمَآبِ (وَبَعْدُ) فَيَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ ﷾ مَنْصُورٌ سِبْطُ الشَّيْخِ الطَّبَلَاوِيِّ الشَّافِعِيِّ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِحُسْنِ الْعَمَلِ وَغَفَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ الزَّلَلِ هَذِهِ حَوَاشٍ رَقِيقَةٌ وَنِكَاتٌ دَقِيقَةٌ وَتَحْرِيرَاتٌ شَرِيفَةٌ وَتَنْبِيهَاتٌ مُهِمَّةٌ وَفُرُوعٌ مُسَلَّمَةٌ لَمْ يَسْبِقْ لِغَالِبِهَا رَسْمٌ فِي الدَّفَاتِرِ، وَلَمْ تَسْمَحْ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ الْخَوَاطِرُ جَمَعْتهَا مِنْ خَطِّ مُحَرِّرِهَا وَرَسْمِ مُحَبِّرِهَا مَوْلَانَا وَشَيْخِنَا خَاتِمَةِ مَنْ حَقَّقَ وَجَهْبَذِ مَنْ دَقَّقَ
1 / 3
وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ، وَيَصِحُّ كَوْنُهَا لِلِاسْتِعَانَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ الْمَبْدُوءَ بِاسْمِهِ تَعَالَى لَا يَتِمُّ شَرْعًا بِدُونِهِ، وَأَصْلُ اسْمٍ سِمْوٌ مِنْ السُّمُوِّ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ حُذِفَ عَجُزُهُ وَعُوِّضَ عَنْهُ هَمْزَةُ الْوَصْلِ فَوَزْنُهُ افْعٌ وَقِيلَ افْلٌ مِنْ السِّيمَا وَقِيلَ اعْلٌ مِنْ الْوَسْمِ وَطُوِّلَتْ الْبَاءُ لِتَكُونَ
ــ
[حاشية الشرواني]
تَقْدِيرِهِ عَامًّا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيرَهُ خَاصًّا (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ) أَيْ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرُّجْحَانِ (قَوْلُهُ كَوْنُهَا لِلِاسْتِعَانَةِ) رَجَّحَهُ الْبَيْضَاوِيُّ، وَرَجَّحَ الزَّمَخْشَرِيّ الْمُصَاحَبَةَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَطَالَ الْمُحَشُّونَ لَهُمَا فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَهُمَا بِوُجُوهٍ طَوِيلَةٍ فَرَاجِعْ حَاشِيَةَ الشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ إلَخْ)
قَالَ شَيْخُ زَادَهُ فِي حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْآلِيَّةَ تَقْتَضِي التَّبَعِيَّةَ وَالِابْتِذَالَ فَهِيَ تُنَافِي التَّعْظِيمَ وَالْإِجْلَالَ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفِعْلَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا مَا لَمْ يَصْدُرْ بِاسْمِهِ تَعَالَى فَإِنَّ لِلْآلَةِ جِهَتَيْنِ جِهَةَ التَّبَعِيَّةِ وَتَوَقُّفَ نَفْسِ الْفِعْلِ أَوْ كَمَالِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ لُوحِظَ هُنَا الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى اهـ، وَرَدَّهُ الصَّبَّانُ فِي رِسَالَتِهِ الْكُبْرَى عَلَى الْبَسْمَلَةِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ لِبَقَاءِ إيهَامِ أَنَّ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا يَتِمُّ شَرْعًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بَرَكَةً أَوْ كَمَالًا، وَإِلَّا أَشْكَلَ سم وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ شَرْعًا كَالنَّصِّ فِي ذَلِكَ الْمُرَادِ فَلَا مَوْقِعَ لِقَوْلِهِ لَعَلَّ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَشْكَلَ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَيْ الِاسْتِعَانَةِ بِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى تَوَقُّفِ وُجُودِ الْأَمْرِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُصَدَّرْ بِهِ لَا يُوجَدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْآلَةِ فَيَكُونُ فِيهِ تَنْزِيلُ تَوَقُّفِ الْكَمَالِ مَنْزِلَةَ تَوَقُّفِ الْوُجُودِ وَتَنْزِيلُ الْمَوْجُودِ الَّذِي لَمْ يَكْمُلْ شَرْعًا مَنْزِلَةَ الْمَعْدُومِ، وَذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِدُونِهِ) أَيْ الْبَدْءِ بِاسْمِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَأَصْلُ اسْمٍ سِمْوٌ) أَيْ بِكَسْرٍ أَوْ ضَمٍّ فَسُكُونٍ هَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ، وَيَشْهَدُ لَهُ جَمْعُهُ عَلَى أَسْمَاءٍ وَجَمْعُ جَمْعِهِ عَلَى أَسَامٍ وَتَصْغِيرُهُ عَلَى سُمَيٌّ وَقَوْلُهُمْ فِي فِعْلِهِ سَمَّيْت وَأَسْمَيْت وَتَسَمَّيْت صَبَّانٌ وَفِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر عَلَى أَسْمَاءٍ أَيْ فَإِنَّ أَصْلَهُ أَسْمَاءٌ وَوَقَعَتْ الْوَاوُ مُتَطَرِّفَةً إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ فَقُلِبَتْ هَمْزَةً قَوْلُهُ عَلَى سُمَيٌّ أَيْ فَإِنَّ أَصْلَهُ سُمَيْوٌ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَالتَّكْسِيرُ وَالتَّصْغِيرُ يَرُدَّانِ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا، وَقَوْلُهُ سَمَّيْت إلَخْ لِبَيَانِ حَذْفِ مُطْلَقِ الْعَجُزِ، وَإِلَّا فَهَذَا التَّصْرِيفُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ السُّمُوِّ إلَخْ) كَالْعُلُوِّ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعْلِي مُسَمَّاهُ وَيُظْهِرُهُ صَبَّانٌ (قَوْلُهُ حُذِفَ عَجُزُهُ) عِبَارَةُ الصَّبَّانِ فَخُفِّفَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ بِحَذْفِ عَجُزِهِ وَحَرَكَةِ صَدْرِهِ فَوَقَعَ التَّخْفِيفُ فِي طَرَفَيْهِ، وَأُتِيَ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ تَعْوِيضًا عَنْ اللَّامِ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ اعْتِبَاطِيٌّ لَا لِعِلَّةٍ تَصْرِيفِيَّةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ افْلٌ إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَصْلُ اسْمٍ سِمْوٌ إلَخْ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَدْخُولِ الْفَاءِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ صَنِيعُهُ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْعَجُزِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَزْنَ افْلٌ أَوْ اعْلٌ سم.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ اعْلٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ مِنْ وُسِمَ بِمَعْنَى عُلِّمَ بِعَلَامَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مُسَمَّاهُ، وَأَصْلُهُ الْإِعْلَالِيُّ وَسْمٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ السِّينِ فَخُفِّفَ بِحَذْفِ صَدْرِهِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَتَى بِهَمْزَةٍ لِمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ وُسِمَ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِتَقْرِيرِ مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ لِجَعْلِهِمْ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ أَصْلًا يُشْتَقُّ مِنْهُ غَيْرُهُ وَلِسَلَامَتِهِ مِنْ لُزُومِ اشْتِقَاقِ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ الْوَارِدِ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ الْوَسْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَطُوِّلَتْ الْبَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَطُوِّلَ رَأْسُهَا بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ أَلِفٍ قِيلَ تَعْظِيمًا لِلْحَرْفِ الَّذِي اُبْتُدِئَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ طَرَدَ التَّطْوِيلَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إمَامِ التَّحْقِيقِ وَالتَّحْرِيرِ الْمُجْمَعِ عَلَى أَنَّهُ عَالِمُ الْعَصْرِ الْأَخِيرِ فَخْرُ الْأَئِمَّةِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ الْأَزْهَرِيُّ أَحَلَّهُ اللَّهُ دَارَ الْإِكْرَامِ وَجَعَلَنَا مَعَهُ مِنْ الْفَائِزِينَ فِي مَوْطِنِ السَّعَادَةِ وَالسَّلَامِ عَلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِخَاتِمَةِ أَهْلِ التَّصْنِيفِ وَخَطِيبِ ذَوِي التَّأْلِيفِ إمَامِ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ وَلِسَانِ الْفُقَهَاءِ الْمُدَقِّقِينَ مَوْلَانَا شَيْخِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ عَالِمِ الْحَرَمِ الْأَمِينِ شِهَابِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ ابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ ثُمَّ الْمَكِّيِّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيجَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ رُمِزَ بِقَوْلِهِ م ر فَمُرَادُهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَأَحَدُ الْأَعْلَامِ مُحَمَّدٌ شَمْسُ الدِّينِ ابْنُ شَيْخِهِ خَاتِمَةِ الْفُقَهَاءِ الْعِظَامِ شَيْخِ مَشَايِخِ الْأَعْلَامِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ سَقَى اللَّهُ ثَرَاهُ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ
قَالَ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ كَوْنُهَا لِلِاسْتِعَانَةِ) فِي جَوَازِ هَذَا الْإِطْلَاقِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى نَظَرٌ (قَوْلُهُ لَا يَتِمُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بَرَكَةً أَوْ كَمَالًا وَإِلَّا أُشْكِلَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ افْلٌ) قَدْ يَدُلُّ ظَاهِرُ الصَّنِيعِ أَنَّهُ فِي حَيِّزِ التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِ حُذِفَ عَجُزُهُ إلَخْ مَعَ مَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إذْ حَذْفُ الْعَجُزِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَزْنَ افْلٌ أَوْ اعْلٌ فَلْيُجْعَلْ مُسْتَأْنَفًا أَوْ يَعْطِفُهُ عَلَى وَأَصْلُ اسْمٍ سِمْوٌ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَطُوِّلَتْ) أَيْ خَطًّا، وَقَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ حَذْفِهَا قَدْ يُقَالُ لَا عِلَّةَ لِحَذْفِهَا إلَّا التَّخْفِيفُ وَالتَّعْوِيضُ يُنَافِيهِ إذْ لَا تَخْفِيفَ مَعَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا
1 / 4
عِوَضًا عَنْ حَذْفِهَا، وَهُوَ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ غَيْرُ الْمُسَمَّى إجْمَاعًا أَوْ الذَّاتُ عَيْنُهُ كَمَا لَوْ أُطْلِقَ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى اسْمٍ فَهُوَ عَلَى مَدْلُولِهِ أَوْ الصِّفَةِ كَانَ تَارَةً غَيْرًا كَالْخَالِقِ وَتَارَةً عَيْنًا
ــ
[حاشية الشرواني]
فِي بَسْمَلَةِ غَيْرِهِ وَقِيلَ تَعْوِيضًا عَنْ أَلِفِ اسْمٍ الْمَحْذُوفَةِ مِنْهُ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِهَا، وَلِانْتِفَاءِ النُّكْتَتَيْنِ فِي نَحْوِ بِاسْمِ رَبِّك لَمْ يُطَوِّلْ رَأْسَ بَائِهِ وَبِقَوْلِنَا بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِهَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ التَّعْوِيضُ عَنْ الْأَلِفِ يُنَافِي التَّخْفِيفَ بِحَذْفِهَا.
ثُمَّ قَالَ وَحُذِفَتْ أَلِفُهُ خَطًّا مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ أَنْ تُكْتَبَ عَلَى صُورَةِ لَفْظِهَا بِتَقْدِيرِ الِابْتِدَاءِ بِهَا وَالْوُقُوفِ عَلَيْهَا لِمَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ كَثْرَةِ الْكِتَابَةِ وَشِدَّةِ اتِّصَالِ الْبَاءِ بِاسْمٍ اهـ.
(قَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ حَذْفِهَا) إنْ أُرِيدَ أَنَّ تَطْوِيلَ الْبَاءِ خَطًّا عِوَضٌ عَنْ خَطِّ الْهَمْزَةِ فَظَاهِرٌ أَوْ عَنْ لَفْظِهَا فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الْبَاءِ غَيْرُ لَفْظِيٍّ فَجَعْلُهُ عِوَضًا عَنْ اللَّفْظِيِّ بَعِيدٌ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَقَوْلُهُ عَنْ حَذْفِهَا مُشْكِلٌ إذْ الْحَذْفُ غَيْرُ مُعَوَّضٍ عَنْهُ كَيْفَ وَهُوَ مَوْجُودٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ عَنْ عَلَى التَّعْلِيلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَعَسُّفٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى مَوْصُوفِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ إنْ أُرِيدَ إلَخْ) أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الِاسْمِ كَزَيْدٍ إنْ أُرِيدَ بِهِ لَفْظُهُ كَقَوْلِنَا زَيْدٌ ثُلَاثِيٌّ فَهُوَ غَيْرُ الْمُسَمَّى أَوْ الذَّاتِ كَقَوْلِنَا زَيْدٌ طَوِيلٌ أَوْ أَسْوَدُ فَهُوَ عَيْنُ الْمُسَمَّى، وَكَذَا لَوْ أُطْلِقَ بِأَنْ لَمْ يُرَدْ بِهِ لَفْظٌ وَلَا ذَاتٌ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ حَمْلِهِ حِينَئِذٍ عَلَى الذَّاتِ مَا إذَا صَلُحَتْ لِلِاتِّصَافِ بِالْمَحْمُولِ كَقَوْلِنَا زَيْدٌ مَوْجُودٌ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاسْمِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَهُوَ إلَخْ لَفْظَ الِاسْمِ أَيْ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ وَالْمِيمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا وُرُودَ لِمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي سم هُنَا سَيِّدُ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ وَع ش.
(قَوْلُهُ غَيْرُ الْمُسَمَّى) الْأَوْلَى هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ الِاقْتِرَانُ بِالْفَاءِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) أَيْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يَتَأَلَّفُ مِنْ أَصْوَاتٍ مُقَطَّعَةٍ غَيْرِ قَادِرَةٍ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ وَالْأَعْصَارِ، وَيَتَعَدَّدُ تَارَةً وَيَتَّحِدُ أُخْرَى وَالْمُسَمَّى لَا يَكُونُ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ الذَّاتُ إلَخْ) لَكِنَّهُ لَمْ يُشْتَهَرْ بِهَذَا الْمَعْنَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ مَعَ عَامِلٍ كَأَنْ يُقَالَ لَفْظُ كَذَا مُرَادًا بِهِ الذَّاتُ الْمَخْصُوصَةُ فَلَا يُنَافِي هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ مِنْ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ بِمَعْنَى الذَّاتِ فَإِنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ مُرَكَّبًا مَعَ الْعَامِلِ كَقَوْلِك اللَّهُ الْهَادِي وَمُحَمَّدٌ الشَّفِيعُ وَقَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ كَمَا لَوْ أُطْلِقَ ع ش (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى مَدْلُولِهِ) أَيْ إلَّا لِصَارِفٍ كَزَيْدٍ اسْمٌ (قَوْلُهُ أَوْ الصُّفَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَة وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الصُّفَّةُ كَمَا هُوَ رَأْيُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ انْقَسَمَ انْقِسَامُ الصِّفَةِ عِنْدَهُ إلَى مَا هُوَ نَفَسُ الْمُسَمَّى كَالْوَاحِدِ وَالْقَدِيمِ وَإِلَى مَا هُوَ غَيْرُهُ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَإِلَى مَا هُوَ لَيْسَ هُوَ وَلَا غَيْرَهُ كَالْحَيِّ وَالْعَلِيمِ وَالْقَادِرِ وَالْمُرِيدِ وَالْمُتَكَلِّمِ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ اهـ.
وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ تَسَمُّحٌ، وَعَبَّرَ فِي الْقِسْمِ الْأَخِيرِ بِالْمَصَادِرِ، وَعِبَارَةُ الصَّبَّانِ، ثُمَّ الِاسْمُ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمُسَمَّى كَلَفْظِ زَيْدٍ الدَّالِ عَلَى ذَاتٍ مُشَخَّصَةٍ فَغَيْرُ الْمُسَمَّى قَطْعًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَدْلُولُ مَجَازٌ الْعِلَاقَةُ الْمَحَلِّيَّةُ أَوْ السَّبَبِيَّةُ بِاعْتِبَارِ فَهْمِ الْمَدْلُولِ مِنْ الدَّالِّ، فَعَيْنُهُ إنْ كَانَ جَامِدًا كَاَللَّهِ وَغَيْرَهُ إنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ صِفَةِ فِعْلٍ كَالْخَالِقِ وَلَا عَيْنِهِ وَلَا غَيْرِهِ إنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ صِفَةِ ذَاتٍ كَالْعَالِمِ قَالَ السَّعْدُ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ الْأَصْحَابُ اعْتَبَرُوا الْمَدْلُولَ الْمُطَابِقِيَّ فَأَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِأَنَّ مَدْلُولَ الْخَالِقِ شَيْءٌ مَا لَهُ الْخَلْقُ لَا نَفْسُ الْخَلْقِ وَمَدْلُولَ الْعَالِمِ شَيْءٌ مَا لَهُ الْعِلْمُ لَا نَفْسُ الْعِلْمِ وَالْأَشْعَرِيُّ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
تُطَوَّلُ دُونَ الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي التَّخْفِيفَ بَقِيَ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّ تَطْوِيلَ الْبَاءِ عِوَضٌ عَنْ خَطِّ الْهَمْزَةِ فَظَاهِرٌ أَوْ عَنْ لَفْظِهَا فَمُشْكِلٌ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الْبَاءِ غَيْرُ لَفْظِيٍّ فَجَعْلُهُ عِوَضًا عَنْ اللَّفْظِيِّ بَعِيدٌ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَقَوْلُهُ عَنْ حَذْفِهَا مُشْكِلٌ، إذْ الْحَذْفُ غَيْرُ مُعَوَّضٍ عَنْهُ وَكَيْفَ وَهُوَ مَوْجُودٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَنْ عَلَى التَّعْلِيلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَعَسُّفٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهُوَ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَقَدْ يُقَالُ عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ الذَّاتِ يُوهِمُ الْقَسَمَ مَعَ أَنَّهُ حَذَّرَ عَنْ إيهَامِهِ، وَأَيْضًا لَا يَأْتِي قَوْلُهُ وَلِيَعُمَّ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الدَّلِيلِ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ مَدْلُولَ لَفْظِ الِاسْمِ الْأَسْمَاءُ كَلَفْظِ اللَّهِ وَلَفْظِ الرَّحْمَنِ لَا نَفْسُ الذَّاتِ فَتَأَمَّلْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ الذَّاتَ مَدْلُولٌ بِالْوَاسِطَةِ فَإِنَّهَا مَدْلُولُ الْمَدْلُولِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ الصِّفَةِ) قَالَ ع س وَأَنَا أَقُولُ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ عِنْدَ الشَّيْخِ الْأَمْرُ الْمَحْمُولُ عَلَى الذَّاتِ بِحَمْلِ الِاشْتِقَاقِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ السَّيِّدِ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ حَيْثُ قَالَ ذَهَبَ الشَّيْخُ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّ مِنْ الصِّفَاتِ مَا هُوَ عَيْنُ الْمَوْصُوفِ كَالْوُجُودِ إلَى قَوْلِهِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَعِنْدَ هَذَا يَظْهَرُ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ انْقِسَامُ الصِّفَةِ إلَى الْعَيْنِ وَإِلَى مَا هُوَ غَيْرٌ وَإِلَى مَا هُوَ لَا عَيْنٌ وَلَا غَيْرٌ فَاسِدٌ إذْ الصِّفَةُ هُوَ الْأَمْرُ الْخَارِجُ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى الذَّاتِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَيْنِيَّةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا اُرْتُكِبَ مِنْ التَّمَحُّلَاتِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ وَتَارَةً عَيْنًا عِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ إلَى
1 / 5
كَاَللَّهِ وَتَارَةً لَا وَلَا كَالْعَالِمِ، وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ حَذَرًا مِنْ إيهَامِ الْقَسَمِ وَلِيَعُمَّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ تَعَالَى
(اللَّهِ) هُوَ عَلَى عَلَمِ الذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْكَمَالَاتِ لِذَاتِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَخَذَ الْمَدْلُولَ الْأَعَمَّ وَاعْتَبَرَ فِي أَسْمَاءِ الصِّفَاتِ الْمَعَانِيَ الْمَقْصُودَةَ فَزَعَمَ أَنَّ مَدْلُولَ الْخَالِقِ الْخَلْقُ، وَهُوَ غَيْرُ الذَّاتِ وَمَدْلُولَ الْعَالِمِ الْعِلْمُ وَهُوَ لَا عَيْنٌ وَلَا غَيْرٌ اهـ.
فَتَحَصَّلَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الِاسْمَ بِمَعْنَى اللَّفْظِ الدَّالِّ غَيْرُ الْمُسَمَّى قَطْعًا وَبِمَعْنَى الْمَدْلُولِ الْمُطَابِقِيِّ عَيْنُهُ قَطْعًا وَبِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمَدْلُولِ تَارَةً يَكُونُ غَيْرَهُ وَتَارَةً يَكُونُ عَيْنَهُ وَتَارَةً يَكُونُ لَا غَيْرَهُ وَلَا عَيْنَهُ، فَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى أَوْ عَيْنُهُ وَالْغَيْرُ الْمَنْفِيُّ فِي قَوْلِهِمْ صِفَةُ الذَّاتِ لَيْسَتْ غَيْرًا الْغَيْرُ الْمُنْفَكُّ لَا مُطْلَقُ الْغَيْرِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَإِنْ لَزِمَتْهُ أَمَّا التَّسْمِيَةُ فَتُطْلَقُ عَلَى وَضْعِ الِاسْمِ لِلْمُسَمَّى وَعَلَى ذِكْرِ الْمُسَمَّى بِاسْمِهِ فَهِيَ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَغَيْرُ الِاسْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَاَللَّهِ) مَثَّلَ بِهِ فِي الْمَوَاقِفِ لِلِاسْمِ الَّذِي مَدْلُولُهُ عَيْنُ الذَّاتِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الِاسْمِ بِمَعْنَى الصِّفَةِ فَالتَّمْثِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلصِّفَةِ فَكَيْفَ يُمَثَّلُ لَهَا بِقَوْلِ اللَّهِ سم أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثَّلَ بِالْوَاحِدِ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَأَجَابَ عَنْهُ الْكُرْدِيُّ بِمَا نَصُّهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ قَدْ يُرَادُ بِاَللَّهِ الْوُجُودُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَيْنَ الذَّاتِ فَالدَّالُّ عَلَى الذَّاتِ دَالٌّ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ بِالِاعْتِبَارِ فَالدَّالُّ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ عَلَمٌ وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْوُجُودِ صِفَةٌ، وَهَكَذَا كُلُّ عَلَمٍ مَعَ الذَّاتِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ كُلِّ شَيْءٍ عَيْنُهُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ الثَّانِي صِفَةٌ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا اهـ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ حَذَّرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ وَفِيهِ كَلَامٌ فِي الْأَيْمَانِ سم وَحَاصِلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَمِينٌ ع ش عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَإِنَّمَا قِيلَ بِسْمِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ مَعَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَمْرِ بِاسْمِ اللَّهِ حَاصِلٌ بِقَوْلِ بِاَللَّهِ مُبَالَغَةً فِي التَّعْظِيمِ وَالْأَدَبِ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ سَلَامٌ عَلَى الْمَجْلِسِ الْعَالِي، وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ إيهَامِ الْقَسَمِ مِنْ بِاَللَّهِ وَلِإِشْعَارِهِ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ وَالتَّبَرُّكَ يَكُونَانِ بِاسْمِهِ كَمَا بِذَاتِهِ وَلِإِفَادَةِ الْعُمُومِ إنْ قُلْنَا الْإِضَافَةُ اسْتِغْرَاقِيَّةٌ أَوْ جِنْسِيَّةٌ وَإِعْمَالُ نَفْسِ السَّامِعِ فِي تَعْيِينِ الْمَعْهُودِ إنْ قُلْنَا عَهْدِيَّةٌ وَالْإِجْمَالُ ثُمَّ التَّفْصِيلُ إنْ قُلْنَا لِلْبَيَانِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِنَا وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ إيهَامِ الْقَسَمِ مِنْ اللَّهِ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ يَصْلُحُ قَسَمًا، وَإِنَّ الْقَائِلَ بِسْمِ اللَّهِ حَالِفًا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ اللَّفْظَ كَلَفْظِ اللَّهِ إنْ قُصِدَ اللَّفْظُ الثَّابِتُ فِي الْقُرْآنِ لِمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْمَكْتُوبِ فِيهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ فَيَمِينٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِيَعُمَّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ تَعَالَى) أَيْ عُمُومًا شُمُولِيًّا إذَا كَانَتْ الْإِضَافَةُ اسْتِغْرَاقِيَّةً وَبَدَلِيًّا إذَا كَانَتْ جِنْسِيَّةً صَبَّانٌ
(قَوْلُهُ هُوَ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا تَحَيَّرَتْ الْعُقُولُ فِي الْمُسَمَّى تَحَيَّرَتْ فِي الِاسْمِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ اخْتِلَافَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي كَوْنِهِ عَلَمًا أَوْ وَصْفًا أَوْ اسْمَ جِنْسٍ فَقَالَ الْجُمْهُورُ إنَّهُ عَلَمٌ لِلذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ وَالْوَصْفَانِ الْمَذْكُورَانِ لِإِيضَاحِ الْمُسَمَّى لَا لِاعْتِبَارِهِمَا فِي الْمُسَمَّى، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُسَمَّى مَجْمُوعَ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ مَعَ أَنَّهُ الذَّاتُ فَقَطْ، وَاسْتَدَلُّوا بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُوصَفُ وَلَا يُوصَفُ بِهِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ تَعَالَى مِنْ اسْمٍ تَجْرِي عَلَيْهِ صِفَاتُهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ سِوَاهُ لِظُهُورِ مَعْنَى الْوَصْفِيَّةِ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَمًا بِأَنْ كَانَ صِفَةً أَوْ اسْمَ جِنْسٍ لَكَانَ كُلِّيًّا فَلَا يَكُونُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَوْحِيدًا مَعَ أَنَّهُ تَوْحِيدٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ وَصْفٌ فِي أَصْلِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ ﷾ بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ وَصَارَ عَلَمًا مِثْلُ الثُّرَيَّا وَالصَّعِقِ أُجْرِيَ كَالْعَلَمِ فِي إجْرَاءِ الْأَوْصَافِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِ الْوَصْفِ بِهِ وَعَدَمِ تَطَرُّقِ احْتِمَالِ الشَّرِكَةِ اهـ.
وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ إلَخْ دَفْعٌ لِلْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَوْنِهِ عَلَمًا وَضْعِيًّا لِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ زَادَهْ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيْضَاوِيِّ صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ وَصْفٌ فِي أَصْلِهِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ الشِّرْوَانِيِّ أَيْضًا فَهُوَ إنَّمَا يُنْكِرُ كَوْنَهُ عَلَمًا وَضْعِيًّا، ثُمَّ اسْتَدَلَّ الْبَيْضَاوِيُّ عَلَى مُخْتَارِهِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ ذَاتَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ مَعَهُ حَقِيقِيٌّ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ غَيْرِ حَقِيقِيٍّ كَكَوْنِهِ مَعْبُودًا أَوْ رَازِقًا غَيْرُ مَعْقُولٍ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَا هُوَ نَفْسُ الْمُسَمَّى قَالَ ع ش كَالْوُجُودِ عِنْدَ الشَّيْخِ مُطْلَقًا وَفِي الْوَاجِبِ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ أَيْضًا انْتَهَى (قَوْلُهُ كَاَللَّهِ) مَثَّلَ بِهِ فِي الْمَوَاقِفِ لِلِاسْمِ الَّذِي مَدْلُولُهُ عَيْنُ الذَّاتِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الِاسْمِ بِمَعْنَى الصِّفَةِ فَالتَّمْثِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلصِّفَةِ فَكَيْفَ يُمَثِّلُ لَهَا بِقَوْلِهِ كَاَللَّهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّمْثِيلُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَهُ إلَهٌ بِمَعْنَى مَعْبُودٍ أَوْ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِلَهَ صِفَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا لَيْسَ عَيْنًا بَلْ هُوَ كَالْخَالِقِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالصِّفَةِ
1 / 6
وَلَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى وَلَوْ تَعَنُّتًا فِي الْكُفْرِ بِخِلَافِ الرَّحْمَنِ عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ، وَأَصْلُهُ إلَهٌ حُذِفَتْ هَمْزَتُهُ وَعُوِّضَ عَنْهَا أَلْ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِكُلِّ مَعْبُودٍ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ فَقَطْ فَوُصِفَ وَلَمْ يُوصَفْ بِهِ وَعَلَيْهِ فَمَفْهُومُ الْجَلَالَةِ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهِ كُلِّيٌّ
ــ
[حاشية الشرواني]
لِلْبَشَرِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا بِلَفْظِ الثَّانِي أَنَّ الِاسْمَ الْكَرِيمَ لَوْ دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ لَمَا أَفَادَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ [الأنعام: ٣] إلَخْ مَعْنًى صَحِيحًا.
الثَّالِثُ أَنَّ مَعْنَى الِاشْتِقَاقِ هُوَ كَوْنُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ مُشَارِكًا لِلْآخَرِ فِي الْمَعْنَى وَالتَّرْكِيبِ وَهُوَ حَاصِلٌ بَيْنَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَالْأُصُولِ الَّتِي تُذْكَرُ لَهُ أَيْ فَهُوَ مُشْتَقٌّ فَيَكُونُ وَصْفًا، وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّعَلُّقَ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ لِلْبَشَرِ هُوَ التَّعَقُّلُ بِالْكُنْهِ، وَأَمَّا التَّعَقُّلُ بِوَجْهٍ مُخْتَصٍّ فَحَاصِلٌ لَهُمْ وَهُوَ كَافٍ فِي فَهْمِهِمْ الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةُ الْوَضْعِ إنْ قُلْنَا الْوَاضِعُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي إمْكَانِ وَضْعِهِمْ إنْ قُلْنَا الْوَاضِعُ هُمْ بِدَلِيلِ وَضْعِ الْأَبِ عَلَمًا لِوَلَدِهِ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِالِاسْمِ الْكَرِيمِ لَا يَقْتَضِي وَصْفِيَّتَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَعَلُّقُهُ بِهِ بِاعْتِبَارِ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى الْوَصْفِيِّ الْخَارِجِ عَنْهُ الْمَفْهُومِ مِنْ أَصْلِ اشْتِقَاقِهِ أَوْ الْمَشْهُورِ بِهِ مُسَمَّاهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ
أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الْحُرُوبِ نَعَامَةٌ
وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ كَوْنَهُ مُشْتَقًّا لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ وَصْفًا فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِيهِ لَوْ وَجَبَ كَوْنُ الْمُشْتَقِّ مَوْضُوعًا لِذَاتٍ مُبْهَمَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَسْمَاءَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ مُشْتَقَّاتٌ، وَلَيْسَتْ بِصِفَاتٍ لِدَلَالَتِهَا عَلَى ذَوَاتٍ مُعَيَّنَةٍ بِنَوْعِ تَعْيِينٍ صَبَّانٌ وَسَيَأْتِي مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إلَخْ وَكَلَامُ النِّهَايَةِ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ مَا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَكَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي كَالصَّرِيحِ فِي اخْتِيَارِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي وَكَذَا الْبُجَيْرَمِيُّ وَشَيْخُنَا حَيْثُ قَالَا وَاللَّفْظُ الثَّانِي قَوْلُهُ وَاَللَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ أَيْ بِوَضْعِهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَمَّى نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَّمَهُ لِعِبَادِهِ فَهُوَ عَلَمٌ شَخْصِيٌّ جُزْئِيٌّ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَالُ ذَلِكَ إلَّا فِي مَقَامِ التَّعْلِيمِ، وَلَيْسَ فِيهِ غَلَبَةٌ أَصْلًا لَا تَحْقِيقِيَّةٌ وَلَا تَقْدِيرِيَّةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْبِقُ لِلْكُلِّيِّ اسْتِعْمَالٌ فِي غَيْرِ الْفَرْدِ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ كَالنَّجْمِ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِكُلِّ كَوْكَبٍ لَيْلِيٍّ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الثُّرَيَّا بَعْدَ سَبْقِ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِهَا.
وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَسْبِقَ لِلْكُلِّيِّ اسْتِعْمَالٌ فِي غَيْرِ الْفَرْدِ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُقَدَّرُ ذَلِكَ كَالْإِلَهِ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ فَإِنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ تَعَالَى بَعْدَ تَقْدِيرِ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْجَلَالَةِ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى التَّحْقِيقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى) وَعِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فِي أَلْفَيْنِ وَثَلَثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَوْضِعًا، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ أَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَالَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطَه مُغْنِي، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَاخْتَارَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحٍ بِأَفْضَلَ وَهُوَ أَيْ اللَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَعَدَمُ الِاسْتِجَابَةِ لِأَكْثَرِ النَّاسِ مَعَ الدُّعَاءِ بِهِ لِعَدَمِ اسْتِجْمَاعِهِمْ لِشَرَائِطِ الدُّعَاءِ اهـ.
أَيْ الَّتِي مِنْهَا أَكْلُ الْحَلَالِ (قَوْلُهُ حُذِفَتْ هَمْزَتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَصْلُهُ إلَهٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَإِمَامٍ، ثُمَّ أَدْخَلُوا عَلَيْهِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ، ثُمَّ حُذِفَتْ الْهَمْزَةُ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إلَى اللَّامِ فَصَارَ اللَّامُ بِلَامَيْنِ مُتَحَرِّكَتَيْنِ، ثُمَّ سُكِّنَتْ الْأُولَى وَأُدْغِمَتْ فِي الثَّانِيَةِ لِلتَّسْهِيلِ انْتَهَى وَقِيلَ حُذِفَتْ هَمْزَتُهُ وَعُوِّضَ عَنْهَا حَرْفُ التَّعْرِيفِ، ثُمَّ جُعِلَ عَلَمًا وَالْإِلَهُ فِي الْأَصْلِ أَيْ قَبْلَ دُخُولِ أَلْ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَعْبُودٍ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ كَمَا أَنَّ النَّجْمَ اسْمٌ لِكُلِّ كَوْكَبٍ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الثُّرَيَّا، وَهَلْ هُوَ مُشْتَقٌّ أَوْ مُرْتَجَلٌ فِيهِ خِلَافٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ غَيْرُ مَأْخُوذٍ مِنْ شَيْءٍ بَلْ وُضِعَ عَلَمًا ابْتِدَاءً فَكَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَا يُحِيطُ بِهَا شَيْءٌ وَلَا تَرْجِعُ إلَى شَيْءٍ فَكَذَلِكَ اسْمُهُ تَعَالَى اهـ أَيْ لَا يَرْجِعُ إلَى شَيْءٍ يُشْتَقُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ إلَخْ) أَيْ بِالْغَلَبَةِ التَّحْقِيقِيَّةِ قَبْلَ حَذْفِ الْهَمْزَةِ وَتَعْوِيضِ أَلْ أَيْ إلَهٌ وَالتَّقْدِيرِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ الْإِلَهُ، وَأَمَّا اللَّهُ فَلَيْسَ فِيهِ غَلَبَةٌ أَصْلًا بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ فَوَصْفٌ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ إلَخْ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ اُخْتُلِفَ فِي إلَهٌ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْجَلَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ إنَّهُ وَصْفٌ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ إنَّهُ اسْمٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُوصَفُ وَلَا يُوصَفُ بِهِ لَا تَقُولُ شَيْءٌ إلَهٌ وَتَقُولُ إلَهٌ وَاحِدٌ اهـ.
أَوْ لِقَوْلِهِ هُوَ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ إلَخْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الصَّبَّانِ فِي حَاشِيَتِهِ هُوَ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ إلَخْ أَوْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ إلَخْ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْبُجَيْرَمِيِّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لِكُلِّ مَعْبُودٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَصْلِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ وَهُوَ إلَهٌ أَوْ الثَّانِي وَهُوَ الْإِلَهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي مِنْ حَيْثُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْأَمْرُ الْمَحْمُولُ بِحَمْلِ الِاشْتِقَاقِ صَحَّ التَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ (قَوْلُهُ حَذَرًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ وَفِيهِ كَلَامٌ فِي هَامِشِ الْأَيْمَانِ
(قَوْلُهُ فَوَصْفٌ) يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّفْرِيعُ. الْوَاجِبِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ
1 / 7
وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ جُزْئِيٌّ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مِنْ الْأَعْلَامِ الْخَاصَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى وَمِنْ الْغَالِبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ أَصْلَهُ الْإِلَهُ بِالنَّظَرِ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ فَقَطْ، وَكَانَ قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةَ تَوْحِيدٍ أَيْ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا ذَلِكَ الْوَاحِدُ الْحَقُّ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَفْهُومِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ أَوْ الْمُسْتَحِقِّ لِلْمَعْبُودِيَّةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا كُلِّيٌّ انْحَصَرَ فِي فَرْدٍ فَلَا يَكُونُ عَلَمًا لِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَلَمِ جُزْئِيٌّ فَقَدْ سَهَا وَلَزِمَهُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا تُفِيدُ تَوْحِيدًا كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِنْ أَلِهِ بِكَسْرِ عَيْنِهِ إذَا تَحَيَّرَ لِتَحَيُّرِ الْخَلْقِ فِي مَعْرِفَتِهِ أَوْ بِفَتْحِهَا إذَا عَبَدَ أَوْ مِنْ لَاهَ إذَا ارْتَفَعَ أَوْ إذَا احْتَجَبَ، وَهَذَا لِكَوْنِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ قَبْلَ الْعَلَمِيَّةِ لَا يُنَافِي عَلَمِيَّتَهُ وَهُوَ عَرَبِيٌّ وَوُرُودُهُ فِي غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ تَوَافُقِ اللُّغَاتِ كَمَا أَنَّ الْحَقَّ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّ كُلَّ مَا قِيلَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ الْأَعْلَامِ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَرَبِيٌّ تَوَافَقَتْ فِيهِ اللُّغَاتُ وَلَا بِدَعَ أَنْ يَخْفَى عَلَى مِثْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَوْنُهُ عَرَبِيًّا كَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ مَعْنَى فَاطِرٍ وَفَاتِحٍ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁ لَا يُحِيطُ بِاللُّغَةِ إلَّا نَبِيٌّ وَمُشْتَقٌّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَقَوْلُ أَبِي حَيَّانَ فِي نَهْرِهِ لَيْسَ مُشْتَقًّا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لَعَلَّهُ أَرَادَ مِنْ النُّحَاةِ وَأَعْرَفُ الْمَعَارِفِ وَإِنْ كَانَ عَلَمًا
(الرَّحْمَنِ) هُوَ صِفَةٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى كَثِيرِ الرَّحْمَةِ جِدًّا
ــ
[حاشية الشرواني]
إنَّ أَصْلَهُ الْإِلَهُ (قَوْلُهُ وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى حَالَتِهِ الرَّاهِنَةِ وَهِيَ اللَّهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَمَفْهُومُ الْجَلَالَةِ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهِ كُلِّيٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ كَانَ) أَيْ لَفْظُ الْجَلَالَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْغَالِبَةِ) أَيْ غَلَبَةً تَقْدِيرِيَّةً كَمَا مَرَّ عَنْ الْبُجَيْرَمِيِّ وَيُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَقَطْ (قَوْلُهُ وَكَانَ قَوْلُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَانَ مِنْ الْأَعْلَامِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمَنْ زَعَمَ إلَخْ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَقِيلَ إنَّهُ اسْمٌ لِمَفْهُومِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ إلَخْ وَرُدَّ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا إجْمَاعُهُمْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تُفِيدُ التَّوْحِيدَ وَلَوْ كَانَ اسْمًا لِمَفْهُومٍ كُلِّيٍّ لَمْ تُفِدْهُ لِأَنَّ الْكُلِّيَّ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَحْتَمِلُ الْكَثْرَةَ.
ثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْمًا لِلْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ لَزِمَ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ إنْ أُرِيدَ بِإِلَهٍ فِيهَا الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ وَالْكَذِبُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْمَعْبُودِ لِكَثْرَةِ الْمَعْبُودَاتِ الْبَاطِلَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ إلَهٌ فِيهَا بِمَعْنَى الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ، وَاَللَّهُ عَلَمًا وَضْعِيًّا لِلْفَرْدِ الْمَوْجُودِ مِنْهُ. أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَى هَذَا الْفَرْدِ الْمُنْحَصِرِ فِيهِ الْكُلِّيُّ إذْ لَا يَسَعُهُ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَ الشِّرْوَانِيُّ عَنْ الْخَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ أَطْبَقَ جَمِيعُ الْخَلَائِقِ عَلَى أَنَّ قَوْلَنَا اللَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ تَعَالَى أَيْ إمَّا بِطَرِيقِ الْوَضْعِ أَوْ الْغَلَبَةِ، ثُمَّ رَأَيْت لِلْعَلَّامَةِ سم فِي حَوَاشِيهِ عَلَى مُخْتَصَرِ السَّعْدِ مَا يُرَشِّحُهُ حَيْثُ كَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يَكُونُ عَلَمًا مَا نَصُّهُ أَيْ بِالْأَصَالَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَلَى هَذَا قَدْ يُجْعَلُ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ اهـ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الْأَمْرَانِ الْمَذْكُورَانِ وَعَلَى هَذَا وَمَا سَبَقَ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ يَكُونُ اسْمُ الْجَلَالَةِ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ عَلَمًا بِاتِّفَاقِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ إلَّا أَنَّ عَلَمِيَّتَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُتَأَصِّلَةٌ وَضْعِيَّةٌ وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ غَلَبِيَّةٌ طَارِئَةٌ اهـ.
وَقَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ عَلَمًا أَيْ بَلْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ صَبَّانٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ سَهَا كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ) الَّذِي بَيَّنَهُ السَّعْدُ سم وَقَدْ مَرَّ عَنْ الصَّبَّانِ آنِفًا بَيَانُهُ بِأَمْرَيْنِ، ثُمَّ رَدَّهُمَا (قَوْلُهُ مِنْ إلَهٍ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَأَصْلُهُ إلَهٌ إلَخْ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَمٌ بِالْوَضْعِ فَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِيهِ فَقِيلَ إنَّهُ مَنْقُولٌ أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ أَصْلٍ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ قَالَ الشَّيْخُ زَادَهْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمُشْتَقِّ فِي عِبَارَةِ مَنْ عَبَّرَ بِهِ لَا مُقَابِلُ الْأَعْلَامِ وَأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ مِنْ الْوَصْفِ اهـ وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلُ إلَى الْجُمْهُورِ غَيْرَ وَاحِدٍ كَالشَّرْوَانِيِّ فِي حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ وَقِيلَ مُرْتَجَلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا اشْتِقَاقَ بَلْ هُوَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ ابْتِدَاءً لِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْخَلِيلُ وَالْخَارِجِيُّ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَنَسَبَهُ إلَى سِيبَوَيْهِ وَأَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ كَمَا فِي حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ عَلَى أَنَّهُ مَنْقُولٌ فَقِيلَ إنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ أَصْلٍ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَقِيلَ مِنْ لَاهَ يَلُوهُ لَوْهًا إذَا خَلَقَ، وَقِيلَ مِنْ لَاهَ يَلُوهُ لَيْهًا إذَا احْتَجَبَ أَوْ ارْتَفَعَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالٍ أُخَرَ وَأَرْجَحُ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ مِنْ أَلِهَ إذَا عَبَدَ وَأَصْلُهُ إلَهٌ كَفِعَالٍ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ كَثْرَةُ دَوَرَانِ إلَهٍ كَفِعَالٍ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ وَإِطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ.
عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مُتَفَرِّعًا عَلَى عَلَمِيَّتِهِ فَهُوَ مُرْتَجَلٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ وَنُقِلَ عَنْ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ أَيْضًا وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَلِهَ أَيْ بِكَسْرِ اللَّامِ بِمَعْنَى تَحَيَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا تَحَيَّرَ إلَخْ) فَإِلَهٌ بِمَعْنَى مَأْلُوهٍ فِيهِ وَقَوْلُهُ إذَا عَبَدَ فَإِلَهٌ بِمَعْنَى مَأْلُوهٍ كَكِتَابٍ بِمَعْنَى مَكْتُوبٍ صَبَّانٌ (قَوْلُهُ إذَا ارْتَفَعَ إلَخْ) أَيْ فَإِلَهٌ بِمَعْنَى آلِهٍ اسْمِ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْأَخْذُ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَخْ) عِلَّةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ طَرَفَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ لِأَصْلِهِ) أَيْ أَصْلِ اللَّهِ وَهُوَ إلَهٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَرَبِيٌّ) خِلَافًا لِلْبَلْخِيِّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ، وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الِاسْمَ الْكَرِيمَ عَرَبِيٌّ وَضْعًا وَقِيلَ عَجَمِيٌّ وَضْعًا، وَأَصْلُهُ قِيلَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَقِيلَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ لَاهَا فَعُرِّبَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ الْأَخِيرَةِ وَإِدْخَالِ أَلْ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَانِيِّينَ أَوْ السُّرْيَانِيِّينَ يَقُولُونَ لَاهَا كَثِيرًا وَمَعْنَاهُ مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ اهـ (قَوْلُهُ كَوْنُهُ إلَخْ) أَيْ مَا قِيلَ فِي الْقُرْآنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَلَا بِدَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمُشْتَقٌّ إلَخْ) كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ عَرَبِيٌّ لِمَا قَدَّمْنَا عَنْ الصَّبَّانِ عَنْ الشَّيْخِ زَادَهْ (قَوْلُهُ وَأَعْرَفُ الْمَعَارِفِ إلَخْ) فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك فَقَالَ خَيْرًا كَثِيرًا لِجَعْلِي اسْمَهُ أَعْرَفَ الْمَعَارِفِ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى كَثِيرِ الرَّحْمَةِ جِدًّا) اعْلَمْ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِأَنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ وَقَدْ تُوُهِّمَ إشْكَالُهُ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ الْخَمْسَةِ وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ مَا يَنْحَصِرُ فِي الْخَمْسَةِ هُوَ مَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ بِالصِّيغَةِ، وَمَا هُنَا مِمَّا يُفِيدُهَا بِالْمَادَّةِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ جُزْئِيٌّ) أَيْنَ مَرْجِعُ هَذَا الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ) الَّذِي بَيَّنَهُ السَّعْدُ
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى كَثِيرِ الرَّحْمَةِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِأَنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ تَوَهَّمَ إشْكَالَهُ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ الْخَمْسَةِ وَلَا
1 / 8
ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الْبَالِغِ فِي الرَّحْمَةِ وَالْإِنْعَامِ بِحَيْثُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى وَغَلَبَةُ عَلَمِيَّتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِعْرَابِهِ بَدَلًا هُنَا لَا تَمْنَعُ اعْتِبَارَ وَصْفِيَّتِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ نَعْتًا بِاعْتِبَارِهَا لِوُقُوعِهِ صِفَةً وَلِكَوْنِهِ بِإِزَاءِ الْمَعْنَى وَمَجِيئِهِ غَيْرَ تَابِعٍ لِلْعَلَمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ، وَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَعَدَمُهُ لِتَعَارُضِ سَبَبَيْهِمَا (الرَّحِيمِ) أَيْ ذِي الرَّحْمَةِ الْكَثِيرَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
فَإِنْ قُلْت قَدْ يُشْكِلُ الْحَصْرُ فِي الْخَمْسَةِ بِقَوْلِهِمْ إنَّ نَحْوَ التَّرْحَالِ وَالتَّحْوَالِ وَالتَّرْدَادِ بِفَتْحِ التَّاءِ فِي الْجَمِيعِ مَصَادِرُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِيرِ قُلْت لَا إشْكَالَ لِأَنَّ تِلْكَ الْخَمْسَةَ لِأَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ لَا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَأُورِدَ عَلَى قَوْلِهِمْ مَوْضُوعَتَانِ لِلْمُبَالَغَةِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ صِيَغَ الْمُبَالَغَةِ مَحْصُورَةٌ فِي خَمْسٍ فَعَّالٍ وَمِفْعَالٍ وَفَعُولٍ وَفَعِلٌ وَفَعِيلٌ الْعَامِلُ نَصْبًا وَالصِّفَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ لَيْسَتَا مِنْهَا أَمَّا الرَّحْمَنُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الرَّحِيمُ فَلِأَنَّهُ هُنَا غَيْرُ عَامِلٍ نَصْبًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَحْصُورَ فِي الْخَمْسَةِ مَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ كَوْنُهُمْ قَصَدُوا الْحَصْرَ فِي الْخَمْسِ الثَّانِي أَنَّ الْمُبَالَغَةَ هِيَ أَنْ تَنْسِبَ لِلشَّيْءِ أَكْثَرَ مِمَّا هُوَ لَهُ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي صِفَاتِهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا فِي نِهَايَةِ الْكَمَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ الْمُفَسَّرَةَ بِمَا ذُكِرَ هِيَ الْمُبَالَغَةُ الْبَيَانِيَّةُ وَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا حَتَّى يَتَوَجَّهَ الِاعْتِرَاضُ بَلْ الْمُرَادُ بِالْمُبَالَغَةِ هُنَا قُوَّةُ الْمَعْنَى أَوْ كَثْرَةُ أَفْرَادِهِ.
الثَّالِثُ أَنَّ وَضْعَهُمَا لِلْمُبَالَغَةِ يُنَافِي كَوْنَهُمَا صِفَتَيْنِ مُشَبَّهَتَيْنِ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ لِلدَّوَامِ وَالْمُبَالَغَةُ كَثْرَةُ الْأَفْرَادِ الْمُتَجَدِّدَةِ أَقُولُ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِمَا صِفَتَيْنِ مُشَبَّهَتَيْنِ أَنَّهُمَا عَلَى صُورَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، وَبِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُرَادَ بِالدَّوَامِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِطَرِيقِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ مَا يَشْمَلُ دَوَامَ تَجَدُّدِ الْأَفْرَادِ، وَقَدْ رَجَّحَ الشِّهَابُ أَيْ الْخَفَاجِيُّ كَوْنَهُمَا مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ وَضَعَّفَ كَوْنَهُمَا مِنْ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ حَقِيقَةً بِمَا يَطُولُ فَانْظُرْهُ فِي حَوَاشِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ غَلَبَ إلَخْ) أَيْ غَلَبَةً تَقْدِيرِيَّةً (قَوْلُهُ عَلَى الْبَالِغِ فِي الرَّحْمَةِ) أَيْ بِجَلَائِلِ النِّعَمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ غَايَتُهَا (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى) أَيْ وَتَسْمِيَةُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ مُسَيْلِمَةَ بِهِ تَعَنُّتٌ فِي الْكُفْرِ فَخَرَجُوا بِمُبَالَغَتِهِمْ فِي الْكُفْرِ عَنْ مَنْهَجِ اللُّغَةِ حَتَّى اسْتَعْمَلُوا الْمُخْتَصَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ إنَّهُ شَاذٌّ لَا اعْتِدَادَ بِهِ، وَقِيلَ الْمُخْتَصُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ وَمَذْهَبُ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى شَرْعًا قَالَ الصَّبَّانُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَغَلَبَةُ عَلَمِيَّتِهِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الْمُقْتَضِيَةُ صِفَتُهُ وَقَوْلُهُ لَا تَمْنَعُ إلَخْ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ بَدَلًا) أَيْ أَوْ بَيَانًا صَبَّانٌ (قَوْلُهُ اعْتِبَارَ وَصْفِيَّتِهِ) أَيْ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ صِفَةً إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ هُوَ صِفَةٌ فِي الْأَصْلِ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَكَوْنُ الرَّحْمَنِ صِفَةً هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِوُقُوعِهِ نَعْتًا، وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ الْبَالِغُ فِي الرَّحْمَةِ لَا الذَّاتُ الْمَخْصُوصَةُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَمًا لَأَفَادَ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ التَّوْحِيدَ صَرِيحًا كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَذَهَبَ الْأَعْلَمُ وَابْنُ مَالِكِ وَابْنُ هِشَامٍ إلَى أَنَّهُ عَلَمٌ أَيْ بِالْغَلَبَةِ كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَاسْتَدَلُّوا بِمَجِيئِهِ كَثِيرًا غَيْرَ تَابِعٍ كَمَا فِي ﴿الرَّحْمَنُ﴾ [الرحمن: ١] ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ [الرحمن: ٢] ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ [الإسراء: ١١٠] ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان: ٦٠] وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُنْتِجُ أَعَمَّ مِنْ الْمُدَّعِي وَلَا يُنْتِجُ الْمُدَّعِي إلَّا بِمَعُونَةٍ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ وَلَا صِفَةٍ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الرَّصَّاعِ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الِاسْمِيَّةُ، وَلَيْسَ بِعَلَمٍ كَأَبْطَحَ وَأَجْرَعَ وَالنَّعْتُ بِهِ بِاعْتِبَارِ وَصْفِيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا رَدُّ اسْتِدْلَالِهِمْ بِجَوَازِ تَبَعِيَّتِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ لِمَوْصُوفٍ مُقَدَّرٍ لِجَوَازِ حَذْفِ الْمَوْصُوفِ إذَا عُلِمَ فَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ حَذْفَ الْمَوْصُوفِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذِكْرِهِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِكَثْرَةِ مَجِيئِهِ غَيْرَ تَابِعٍ اهـ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَجِيءَ الرَّحْمَنِ غَيْرَ تَابِعٍ دَلِيلٌ وَمُقَوٍّ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَعْلَمُ وَمَنْ مَعَهُ الَّذِي إلَيْهِ مَيْلُ كَلَامِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ فَرَدُّ الشَّارِحِ لَهُ بِأَنَّهُ لِلْعِلْمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ لَوْ سُلِّمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ) أَقُولُ أَوْ بِالنَّظَرِ لِعِلْمِيَّتِهِ الْغَالِبَةِ سم (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَعَدَمُهُ) هُمَا قَوْلَانِ سم فَمَنْ يَقُولُ إنَّ شَرْطَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ فِي الصِّفَةِ انْتِفَاءُ فَعْلَانَةَ يَمْنَعُ صَرْفَهُ وَمَنْ يَقُولُ إنَّهُ وُجُودٌ فِعْلِيٌّ يَصْرِفُهُ قَالَ الصَّبَّانُ، وَالتَّحْقِيقُ الَّذِي اخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَالْبَيْضَاوِيُّ أَنَّ رَحْمَنَ مُجَرَّدًا مِنْ أَلْ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْغَالِبِ فِي بَابِهِ قَالَ السُّيُوطِيّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ فِي النَّحْوِ، وَمَالَ السَّعْدُ إلَى جَوَازِ صَرْفِهِ وَعَدَمِهِ عَمَلًا بِالْأَمْرَيْنِ قَالَ الْعِصَامُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ اشْتَبَهَ حَالُ رَحْمَنَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ مِنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَالْبَيَانِ حَتَّى بَنَوْا أَمْرَهُمْ فِيهِ عَلَى الْمَعْقُولِ، وَلَمْ يَعْثُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمَنْقُولِ، وَلَمْ يَكْشِفْ عَنْ الْمَعْمُولِ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ قُلْت كَأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوهُ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا نُقِلَ عَنْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إشْكَالٌ لِأَنَّ مَا يَنْحَصِرُ فِي الْخَمْسَةِ هُوَ مَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ بِالصِّيغَةِ وَمَا هُنَا مِمَّا يُفِيدُهَا بِالْمَادَّةِ كَالْجُودِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ يُشْكَلُ الْحَصْرُ فِي الْخَمْسَةِ بِقَوْلِهِمْ إنَّ نَحْوَ التَّرْحَالِ وَالتَّحْوَالِ وَالتَّرْدَادِ بِفَتْحِ التَّاءِ فِي الْجَمْعِ مَصَادِرُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِيرِ (قُلْت) لَا إشْكَالَ لِأَنَّ تِلْكَ الْخَمْسَةَ لِأَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ لَا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ) أَقُولُ أَوْ بِالنَّظَرِ لِعِلْمِيَّتِهِ الْغَالِبَةِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَعَدَمُهُ) هُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ
1 / 9
فَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْهُ بِشَهَادَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا» وَالْقِيَاسُ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى غَالِبًا وَجُعِلَ كَالتَّتِمَّةِ لِمَا دَلَّ عَلَى جَلَائِلِ الرَّحْمَةِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ دَقَائِقِهَا فَلَا يُسْأَلُ وَلَا يُعْطِي وَمِنْ حَيِّزِ التَّدَلِّي لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ كَالْعِلْمِ كَمَا تَقَرَّرَ وَكِلَاهُمَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ رَحِمَ بِكَسْرِ عَيْنِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ إلَى رَحُمَ بِضَمِّهَا
ــ
[حاشية الشرواني]
الْعَرَبِ إلَّا مُعَرَّفًا بِاللَّامِ أَوْ مُضَافًا أَوْ مُنَادَى اهـ وَأَمَّا
وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لَا زِلْت رَحْمَانَا
فَلَا شَاهِدَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ فَتَكُونُ أَلِفُهُ لِلْإِطْلَاقِ وَالصَّرْفَ فَتَكُونُ أَلِفُهُ بَدَلًا مِنْ التَّنْوِينِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ إلَخْ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى إطْلَاقِ تَفْسِيرِ الرَّحِيمِ وَتَقْيِيدِ تَفْسِيرِ الرَّحْمَنِ بِقَوْلِهِ جِدًّا، وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ بِشَهَادَةٍ إلَخْ الْوَاوُ بَدَلُ الْفَاءِ كَمَا فِي غَيْرِهِ لِئَلَّا تَتَوَارَدَ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ بِلَا تَبَعِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا فِي تَعَلُّقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدَّارَيْنِ لَا يُنَافِي أَنَّ أَحَدَهُمَا أَبْلَغُ وَأَزْيَدُ مَعْنًى سم عِبَارَةُ الصَّبَّانِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أَبْلَغِيَّةُ الرَّحْمَنِ بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِ فَقَطْ، وَأَنَّهُ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ إنْعَامُهُ بِالنِّعَمِ الْعَظِيمَةِ رَحْمَنُ وَمِنْ حَيْثُ إنْعَامُهُ بِمَا دُونَهَا رَحِيمٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَفْسِيرُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الرَّحْمَنَ بِالْمُنْعِمِ بِجَلَائِلِ النِّعَمِ وَالرَّحِيمَ بِالْمُنْعِمِ بِدَقَائِقِهَا وَبَعْضِهِمْ الرَّحْمَنَ بِالْمُنْعِمِ بِمَا لَا يُتَصَوَّرُ جِنْسُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَالرَّحِيمَ بِالْمُنْعِمِ بِمَا يُتَصَوَّرُ جِنْسُهُ مِنْهُمْ اهـ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ سم (قَوْلُهُ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ إلَخْ) هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَشْرُوطَةٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصِّفَاتِ الْجِبِلِّيَّةِ فَخَرَجَ نَحْوُ شَرِهٍ وَنَهِمٍ، وَأَنْ يَتَّحِدَ اللَّفْظَانِ فِي النَّوْعِ فَخَرَجَ حَذِرٌ وَحَاذِرٌ وَأَنْ يَتَّحِدَا فِي الِاشْتِقَاقِ فَخَرَجَ زَمَنٌ وَزَمَانٌ إذْ لَا اشْتِقَاقَ فِيهِمَا بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ غَالِبُ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ حَذِرٍ وَحَاذِرٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ تَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ أَوْ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ وَالثَّانِي اسْمُ فَاعِلٍ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى الِاتِّصَافِ بِمَضْمُونِهِ وَلَوْ مَرَّةً (قَوْلُهُ وَجُعِلَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ لِمَ قَدَّمَ الرَّحْمَنَ عَلَى الرَّحِيمِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقُدِّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ اسْمُ ذَاتٍ وَهُمَا اسْمَا صِفَةٍ وَالرَّحْمَنُ عَلَى الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ إذْ لَا يُقَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ بِخِلَافِ الرَّحِيمِ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِهِمْ عَالِمٌ نِحْرِيرٌ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْعِلْمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُنْعِمُ الْحَقِيقِيُّ الْبَالِغُ فِي الرَّحْمَةِ غَايَتِهَا، وَذَلِكَ لَا يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى وَلِذَلِكَ رَجَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ عَلَمٌ وَلِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَى جَلَائِلِ النِّعَمِ وَأُصُولِهَا ذَكَرَ الرَّحِيمَ كَالتَّابِعِ وَالتَّتِمَّةِ لِيَتَنَاوَلَ مَا دَقَّ مِنْهَا وَلَطُفَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي بَلْ مِنْ بَابِ التَّعْمِيمِ وَالتَّكْمِيلِ وَلِلْمُحَافَظَةِ عَلَى رُءُوسِ الْآيِ (فَائِدَةٌ)
قَالَ النَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قِيلَ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الدُّنْيَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ صُحُفُ شِيثٍ سِتُّونَ وَصُحُفُ إبْرَاهِيمَ ثَلَاثُونَ وَصُحُفُ مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرَةٌ وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْفُرْقَانُ وَمَعَانِي كُلِّ الْكُتُبِ أَيْ غَيْرِ الْقُرْآنِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَمَعَانِي كُلِّ الْقُرْآنِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْفَاتِحَةِ وَمَعَانِي الْفَاتِحَةِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْبَسْمَلَةِ وَمَعَانِي الْبَسْمَلَةِ مَجْمُوعَةٌ فِي بَائِهَا وَمَعْنَاهَا أَيْ الْإِشَارِيُّ بِي كَانَ مَا كَانَ وَبِي يَكُونُ مَا يَكُونُ زَادَ بَعْضُهُمْ وَمَعَانِي الْبَاءِ فِي نُقْطَتِهَا اهـ قَالَ شَيْخُنَا، وَالْمُرَادُ بِهَا أَوَّلُ نُقْطَةٍ تَنْزِلُ مِنْ الْقَلَمِ الَّتِي يُسْتَمَدُّ مِنْهَا الْخَطُّ لَا النُّقْطَةُ الَّتِي تَحْتَ الْبَاءِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ وَمَعْنَاهَا الْإِشَارِيُّ أَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى نُقْطَةُ الْوُجُودِ الْمُسْتَمَدُّ مِنْهَا كُلُّ مَوْجُودٍ اهـ.
(قَوْلُهُ لِمَا دَلَّ إلَخْ) اللَّامُ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّتِمَّةِ وَمَا كِنَايَةٌ عَنْ الرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ وَمِنْ التَّدَلِّي) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَالتَّتِمَّةِ سم وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّدَلِّي هُنَا مُقَابِلُ التَّرَقِّي أَيْ التَّنَزُّلِ مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى، وَقَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ وَمِنْ حَيِّزِ التَّدَلِّي وَهُوَ أَيْ التَّدَلِّي الْقُرْبُ وَالْمُقَارَنَةُ، أَيْ وَلِئَلَّا يُغْفَلَ عَنْ مَكَانِ الْمُقَارَنَةِ بَيْنَ الْمُتَنَاسِبَيْنِ فَهُوَ دَلِيلٌ ثَانٍ لِتَأْخِيرِ الرَّحِيمِ وَجَعْلِهِ كَالتَّتِمَّةِ لِلرَّحْمَنِ، وَالْمُرَادُ أَخَّرَهُ لِيُقَارِنَ النَّظِيرَ وَهُوَ لَفْظُ الرَّحْمَنِ بِالنَّظِيرِ، وَهُوَ لَفْظُ اللَّهِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ تَقْدِيمُهُ لِلتَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَمِنْ حَيِّزِ التَّدَلِّي عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ إلَخْ قَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ عَنْ سم عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) أَقُولُ وَلِرِعَايَةِ الْفَوَاصِلِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ طُرِدَ فِي غَيْرِهَا سم (قَوْلُهُ كَالْعَلَمِ) أَيْ بِالْوَضْعِ، وَإِلَّا فَقَدْ قُدِّمَ أَنَّهُ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ مِنْ رَحِمَ إلَخْ) أَيْ مِنْ مَصْدَرِهِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْفِعْلِ تَقْرِيبًا وَلِضِيقِ الْعِبَارَةِ إذْ لَيْسَ لَهُ مَصْدَرٌ وَاحِدٌ حَتَّى يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ مِنْ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ مِنْ الْفِعْلِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بَعْدَ نَقْلِهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَلَا يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ) أَيْ لِأَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا فِي تَعَلُّقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدَّارَيْنِ لَا يُنَافِي أَنَّ أَحَدَهُمَا أَبْلَغُ وَأَزْيَدُ مَعْنًى (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ دَقَائِقِهِمَا) مُقَابَلَتُهُ بِالْجَلَائِلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الْجَلَائِلِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ حَيِّزِ التَّدَلِّي أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَالتَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) أَقُولُ وَلِرِعَايَةِ الْفَوَاصِلِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي الْفَاتِحَةِ ثُمَّ طَرَدَ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ
1 / 10
أَوْ تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ وَالرَّحْمَةُ مَيْلٌ نَفْسَانِيٌّ أُرِيدَ بِهَا لِاسْتِحَالَتِهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى غَايَتُهَا مِنْ الْإِنْعَامِ أَوْ إرَادَتُهُ وَكَذَا كُلُّ صِفَةٍ اسْتَحَالَ مَعْنَاهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى
(الْحَمْدُ) الَّذِي هُوَ لُغَةً الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ
ــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ) أَيْ لِاطِّرَادِ نَقْلِ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي إلَى فَعُلَ بِالضَّمِّ فِي بَابَيْ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ صَبَّانٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَنْزِيلُهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى نَقْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ مَنْزِلَتَهُ) أَيْ فِي اللُّزُومِ بِأَنْ لَا يُعْتَبَرَ تَعَلُّقُهُ بِمَفْعُولِ لَا لَفْظًا وَلَا تَقْدِيرًا كَقَوْلِك زَيْدٌ يُعْطِي أَيْ يَصْدُرُ مِنْهُ الْإِعْطَاءُ قَاصِدًا الرَّدَّ عَلَى مَنْ نَفَى عَنْهُ أَصْلَ الْإِعْطَاءِ صَبَّانٌ.
(قَوْلُهُ مَيْلٌ نَفْسَانِيٌّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ تَقْتَضِي التَّفَضُّلَ وَالْإِحْسَانَ، فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَأْخُوذَةُ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ دُونَ الْمَبَادِئِ الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى إرَادَةُ إيصَالِ الْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ أَوْ نَفْسُ إيصَالِ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ عَلَى الْأَوَّلِ وَمِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ عَلَى الثَّانِي اهـ، زَادَ الصَّبَّانُ أَيْ فَهِيَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ فِي الْمُسَبَّبِ الْقَرِيبِ أَوْ الْبَعِيدِ أَوْ اسْمِ الْمَلْزُومِ فِي اللَّازِمِ الْقَرِيبِ أَوْ الْبَعِيدِ هَذَا أَيْ مَجَازِيَّةُ وَصْفِهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هُوَ بِحَسَبِ اللُّغَةِ أَمَّا وَصْفُهُ تَعَالَى بِهِمَا بِحَسَبِ الشَّرْعِ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ الصَّفَوِيُّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الْإِحْسَانِ أَوْ إرَادَتِهِ اهـ.
عَلَى أَنَّ الْخَادِمِيَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضٍ أَنَّ مِنْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ إرَادَةَ الْخَيْرِ وَعَنْ بَعْضٍ آخَرَ أَنَّ مِنْهَا الْإِحْسَانَ فَعَلَى هَذَيْنِ لَا تَجُوزُ أَصْلًا فَاحْفَظْهُ اهـ كَلَامُ الصَّبَّانِ عِبَارَةُ ع ش وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِحْسَانِ أَوْ إرَادَتِهِ فَقَوْلُ م ر إمَّا مَجَازٌ إلَخْ مَعْنَاهُ بِحَسَبِ أَصْلِهِ قَبْلَ اشْتِهَارِهِ شَرْعًا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْغَايَاتِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُلَّا إبْرَاهِيمَ الْكُرْدِيِّ، ثُمَّ الْمَدَنِيُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ الرَّحْمَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ هِيَ الرَّحْمَةُ الْقَائِمَةُ بِنَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ الرَّحْمَةِ كَذَلِكَ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْهُ كَوْنُ الرَّحْمَةِ الَّتِي وُصِفَ بِهَا الْحَقُّ سُبْحَانَهُ مَجَازًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِلْمَ الْقَائِمَ بِنَا مِنْ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ وَقَدْ وُصِفَ الْحَقُّ بِالْعِلْمِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْعِلْمَ الَّذِي وُصِفَ بِهِ الْحَقُّ مَجَازٌ مَعَ أَنَّ عِلْمَ الْحَقِّ ذَاتِيٌّ أَزَلِيٌّ حُضُورِيٌّ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَعِلْمُنَا مَجْعُولٌ حَادِثٌ حُصُولِيٌّ غَيْرُ مُحِيطٍ، وَكَذَلِكَ الْقُدْرَةُ الْقَائِمَةُ بِنَا مِنْ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ وَصْفَ الْحَقِّ بِالْقُدْرَةِ مَجَازٌ مَعَ أَنَّ قُدْرَتَهُ تَعَالَى ذَاتِيَّةٌ أَزَلِيَّةٌ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ وَقُدْرَتُنَا مَجْعُولَةٌ حَادِثَةٌ غَيْرُ شَامِلَةٍ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ الْإِرَادَةُ وَغَيْرُهَا فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرَّحْمَةُ حَقِيقَةً وَاحِدَةً هِيَ الْعَطْفُ، ثُمَّ الْعَطْفُ تَخْتَلِفُ وُجُوهُهُ وَأَنْوَاعُهُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَوْصُوفِينَ بِهِ فَإِذَا نُسِبَ إلَيْنَا كَانَ كَيْفِيَّةً نَفْسَانِيَّةً وَإِذَا نُسِبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَانَ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِجَلَالِ ذَاتِهِ مِنْ نَحْوِ الْإِنْعَامِ أَوْ إرَادَتِهِ، كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ وَنَحْوَهُ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا نُسِبَتْ إلَيْنَا كَانَتْ كَيْفِيَّةً نَفْسَانِيَّةً، وَإِذَا نُسِبَتْ إلَى الْحَقِّ كَانَتْ كَمَا تَلِيقُ بِجَلَالِ ذَاتِهِ.
وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ وَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ وَلَا تَتَعَذَّرُ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّحْمَةَ مُطْلَقًا مُنْحَصِرَةٌ فِي الْكَيْفِيَّةِ النَّفْسَانِيَّةِ وَضْعًا وَدُونَهُ خَرْطُ الْقَتَادِ، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ مَنْ تَنَبَّهَ لَهَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّكَلُّفَاتِ فِي تَأْوِيلِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا وَرَدَ إطْلَاقُهَا عَلَى اللَّهِ فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهَا) أَيْ بِهَذَا الْمَعْنَى سم (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ صِفَةٍ اسْتَحَالَ إلَخْ) أَيْ كَالْغَضَبِ وَالرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ وَالْحَيَاءِ وَالْفَرَحِ وَالْحُزْنِ وَالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالِاسْتِهْزَاءِ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ ع ش وَصَبَّانٌ
(قَوْلُهُ لُغَةً) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُنْدَرِجًا فِي الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَهَذَا الْأَخِيرُ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَهُوَ وَإِنْ كَانَ سَمَاعِيًّا مُلْحَقٌ بِالْقِيَاسِيِّ لِكَثْرَتِهِ فِي كَلَامِهِمْ بُجَيْرِمِيٌّ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ فِيهِ نَظَرٌ رَاجِعْ عِلْمَ النَّحْوِ (قَوْلُهُ بِالْجَمِيلِ) إنْ كَانَتْ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ كَانَ بَيَانًا لِلْمَحْمُودِ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ اخْتِيَارِيًّا، وَإِنْ كَانَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ بِمَعْنَى عَلَى كَانَ بَيَانًا لِلْمَحْمُودِ عَلَيْهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ اخْتِيَارِيًّا وَلَوْ حُكْمًا أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ فَيَشْمَلُ ذَاتَهُ تَعَالَى وَصِفَاتَهُ، أَوْ بِأَنْ كَانَ مَنْشَأً لِأَفْعَالٍ اخْتِيَارِيَّةٍ كَذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِ التَّأْثِيرِ كَالْقُدْرَةِ أَوْ مُلَازِمًا لِلْمَنْشَأِ كَبَقِيَّةِ الصِّفَاتِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجَمِيلُ الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَضَائِلِ وَهِيَ الْمَزَايَا الْقَاصِرَةُ الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ الِاتِّصَافُ بِهَا عَلَى تَعَدِّي أَثَرِهَا لِلْغَيْرِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ مِنْ الْفَوَاضِلِ وَهِيَ الْمَزَايَا الَّتِي يَتَوَقَّفُ الِاتِّصَافُ بِهَا عَلَى تَعَدِّي أَثَرِهَا لِلْغَيْرِ كَالْإِنْعَامِ وَالشَّجَاعَةِ، ثُمَّ الْمُرَادُ الْجَمِيلُ عِنْدَ الْحَامِدِ أَوْ الْمَحْمُودِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَمِيلًا فِي الشَّرْعِ فَيَشْمَلُ الثَّنَاءَ عَلَى الْقَتْلِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ الْوَصْفِ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَلَوْ ظَاهِرًا بِأَنْ لَا يَصْدُرَ عَنْ الْحَامِدِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَلَبِيُّ وَوَافَقَهُ الْبُجَيْرَمِيُّ وَشَيْخُنَا وَاشْتَرَطَ الْمُغْنِي
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَنْزِلَتَهُ) أَيْ فِي اللُّزُومِ وَقَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهَا أَيْ بِهَذَا الْمَعْنَى
1 / 11
وَعُرْفًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِإِنْعَامِهِ وَهَذَا هُوَ الشُّكْرُ لُغَةً، وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهُوَ صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ فَهُوَ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ الثَّلَاثَةِ - قَبْلَهُ أَيْ مَاهِيَّتُهُ إنْ جُعِلَتْ أَلْ لِلْجِنْسِ وَهُوَ الْأَصْلُ أَوْ جَمِيعُ أَفْرَادِهِ إنْ جُعِلَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ أَبْلَغُ
ــ
[حاشية الشرواني]
مُوَافَقَةَ الْبَاطِنِ لِلظَّاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَعُرْفًا فِعْلٌ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذِكْرًا بِاللِّسَانِ أَوْ اعْتِقَادًا وَمَحَبَّةً بِالْجِنَانِ أَوْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ فَمَوْرِدُ اللُّغَوِيِّ هُوَ اللِّسَانُ وَحْدَهُ وَمُتَعَلِّقُهُ يَعُمُّ النِّعْمَةَ وَغَيْرَهَا وَمَوْرِدُ الْعُرْفِيِّ يَعُمُّ اللِّسَانَ وَغَيْرَهُ وَمُتَعَلِّقُهُ النِّعْمَةُ وَحْدَهَا فَاللُّغَوِيُّ أَعَمُّ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ وَأَخَصُّ بِاعْتِبَارِ الْمَوْرِدِ وَالْعُرْفِيُّ بِالْعَكْسِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِإِنْعَامِهِ) أَيْ عَلَى الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي سَوَاءٌ كَانَ لِلْغَيْرِ خُصُوصِيَّةٌ بِالْحَامِدِ كَوَلَدِهِ وَصَدِيقِهِ أَوْ لَا وَلَوْ كَافِرًا ع ش (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الشُّكْرُ لُغَةً) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي، وَقَالَ النِّهَايَةُ وَالشُّكْرُ لُغَةً فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الشَّاكِرِ اهـ وَيَأْتِي عَنْ النَّتَائِجِ وَتُحْفَةِ الرَّشِيدِيِّ مِثْلُهُ بَلْ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ صَرْفُ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدُ أَعْضَاءَهُ وَمَعَانِيَهُ فِيمَا طَلَبَ الشَّارِعُ اسْتِعْمَالَهَا فِيهِ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَسَمَاعِ نَحْوِ عِلْمٍ وَهَكَذَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ قَلْيُوبِيٌّ قَالَ سم إذَا صَرَفَ الْعَبْدُ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ سُمِّيَ شَكُورًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] وَإِذَا صَرَفَهَا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ سُمِّيَ شَاكِرًا قَالَ شَيْخُنَا ع ش وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ صَرْفِهَا كُلِّهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ بِمَنْ حَمَلَ جِنَازَةً مُتَفَكِّرًا فِي مَصْنُوعَاتِهِ ﷿ نَاظِرًا بَيْنَ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَزِلَّ بِالْمَيِّتِ مَاشِيًا بِرِجْلِهِ إلَى الْقَبْرِ شَاغِلًا لِسَانَهُ بِالذِّكْرِ وَأُذُنَهُ بِاسْتِمَاعِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إطْفِيحِيٌّ اهـ.
بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَخَصُّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الشُّكْرَ الْعُرْفِيَّ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ الْحَمَدَيْنِ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ أَيْ وَبَيْنَ الشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ وَالْحَمْدِ الْعُرْفِيِّ تَرَادُفٌ وَبَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيَّيْنِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ يَجْتَمِعَانِ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ فِي مُقَابَلَةِ إحْسَانٍ، وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ اللُّغَوِيُّ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ إحْسَانٍ، وَيَنْفَرِدُ الشُّكْرُ اللُّغَوِيُّ فِي ثَنَاءٍ بِغَيْرِ لِسَانٍ فِي مُقَابَلَةِ إحْسَانٍ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ تُحْفَةِ الرَّشِيدِيِّ وَالنَّتَائِجِ الْحَمْدُ لَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَهُوَ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ تَعْظِيمًا عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ مُطْلَقًا وَعُرْفِيٌّ وَهُوَ فِعْلٌ يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ قَصْدًا لِإِنْعَامِهِ مُطْلَقًا، وَلِلشُّكْرِ أَيْضًا مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَهُوَ فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ قَصْدًا لِإِنْعَامِهِ عَلَى الشَّاكِرِ وَعُرْفِيٌّ وَهُوَ صَرْفُ الْعَبْدِ إلَخْ وَالْمَدْحُ هُوَ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ تَعْظِيمًا عَلَى الْجَمِيلِ مُطْلَقًا أَيْ اخْتِيَارِيًّا أَوْ لَا، وَالثَّنَاءُ فِعْلٌ يُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ فَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِاللِّسَانِ وَغَيْرِهِ وَبِمُقَابَلَةِ الْإِنْعَامِ وَغَيْرِهِ اخْتِيَارِيًّا وَغَيْرَهُ وَالْحَمْدُ اللُّغَوِيُّ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ الْمَدْحِ وَمِنْ وَجْهٍ مِنْ الْحَمْدِ الْعُرْفِيِّ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ وَمُبَايِنٌ لِلشُّكْرِ الْعُرْفِيِّ بِحَسَبِ الْحَمْلِ إذْ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ جَزْءٌ مِنْ الصَّرْفِ الْمَذْكُورِ وَالْجُزْءُ مُبَايِنٌ لِلْكُلِّ وَأَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْهُ بِحَسَبِ الْوُجُودِ، وَالْحَمْدُ الْعُرْفِيُّ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ وَالْعُرْفِيِّ وَمِنْ وَجْهٍ مِنْ الْمَدْحِ وَالشُّكْرُ الْعُرْفِيُّ مُبَايِنٍ لِلْمَدْحِ بِحَسَبِ الْحَمْلِ عَلَى مَا مَرَّ وَجْهُهُ فِي الْحَمْدِ اللُّغَوِيِّ، وَأَخَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا بِحَسَبِ الْوُجُودِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ مَاهِيَّتُهُ) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ سم (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصْلُ) فَإِنَّ حَرْفَ التَّعْرِيفِ مَوْضُوعٌ لِلْإِشَارَةِ إلَى مَعْهُودٍ أَوْ إلَى نَفْسِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا الِاسْتِغْرَاقُ وَالْعَهْدُ الذِّهْنِيُّ فَمِنْ مُتَفَرِّعَاتِ الثَّانِي فَالْمُعَرَّفُ فَاللَّامُ الْجِنْسِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْفَرْدِ الذِّهْنِيِّ أَوْ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ السَّكَّاكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَوْ مَوْضُوعٌ لِلْإِشَارَةِ إلَى نَفْسِ الْحَقِيقَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الِاسْتِغْرَاقُ وَالْعَهْدَانِ فَمِنْ مُتَفَرِّعَاتِهَا فَإِطْلَاقُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ بِالْقَرِينَةِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ عَلَى هَذَا وَهُوَ مُخْتَارُ الْمُحَقِّقِينَ وَهُنَا قَوْلَانِ آخَرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَشْتَرِكُ لَفْظًا بَيْنَ الْجِنْسِ وَالْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَالِاسْتِغْرَاقِ وَالْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْجِنْسِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَشْتَرِكُ لَفْظًا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَبْلَغُ) اخْتَارَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِرْكَوِيُّ أَيْضًا فَقَالَ لِظُهُورِهِ فِي أَدَاءِ الْمَرَامِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْمَحَامِدِ وَحُصُولِهَا لَهُ تَعَالَى بِخِلَافِ مَعْنَى
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(قَوْلُهُ فَهُوَ صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ) فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَطَالِعِ لِلدَّوَانِي كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ جُمْلَتِهِ قَوْلُهُ بَلْ الْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَنْ صَرَفَ الْجَمِيعَ فِيمَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ دُونَ وَقْتٍ آخَرَ لَيْسَ شَاكِرًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي تَحَقَّقَ فِيهِ صَرْفُ الْجَمِيعِ بَلْ هُوَ شَاكِرٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَاكِرًا فِي وَقْتٍ آخَرَ فَإِنَّ عُمُومَ الْأَوْقَاتِ لَا يُعْتَبَرُ فِي التَّعْرِيفِ إلَخْ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَيْ مَاهِيَّتُهُ) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَبْلَغُ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْجِنْسَ يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِغْرَاقَ وَفِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ سُلُوكُ طَرِيقِ الْبُرْهَانِ كَمَا قَرَّرَهُ السَّيِّدُ فِي تَوْجِيهِ تَرْجِيحِ صَاحِبِ الْكَشَّافِ الْحَمْلَ عَلَى الْجِنْسِ.
(قَوْلُهُ
1 / 12
مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحَقٌّ (لِلَّهِ) أَيْ لِذَاتِهِ وَإِنْ انْتَقَمَ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنَى إذْ الْقَصْدُ بِهَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَضْمُونِهَا الْمَذْكُورِ مِنْ اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ ذَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الْجَمِيلَة وَمِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِجَمِيعِ الْحَمْدِ مِنْ الْخَلْقِ.
قِيلَ وَيُرَادِفُهُ الْمَدْحُ، وَرُجِّحَ وَاعْتُرِضَ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَفِي تَحْقِيقِهِ أَقْوَالٌ وَجَمَعَ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ الْحَقِيقِيِّ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْإِضَافِيِّ بِالْحَمْدَلَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْجِنْسِ إذْ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ فَيَكُونُ فِي الْإِفَادَةِ أَوْفَى وَبِمَقَامِ الثَّنَاءِ أَحْرَى اهـ وَرَجَّحَ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ مَعْنَى الْجِنْسِ عِبَارَتَهُمَا، وَالْحَمْدُ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ فِيهِ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لِلْجِنْسِ كَمَا عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ؛ لِأَنَّ لَامَ لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا فَرْدَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا اخْتِصَاصَ لِتَحَقُّقِ الْجِنْسِ فِي الْفَرْدِ الثَّابِتِ لِغَيْرِهِ أَمْ لِلْعَهْدِ كَاَلَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: ٤٠] كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَجَازَهُ الْوَاحِدِيُّ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحَمْدَ الَّذِي حَمِدَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَحَمِدَهُ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذُكِرَ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَأُولَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ اهـ.
زَادَ الثَّانِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَمَانِيَةُ أَحْرُفٍ وَأَبْوَابُ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ فَمَنْ قَالَهَا عَنْ صَفَاءِ قَلْبِهِ اسْتَحَقَّ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ اهـ أَيْ اسْتَحَقَّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ، فَيُخَيَّرُ إكْرَامًا وَإِنَّمَا يَخْتَارُ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ مِنْهُ ع ش وَقَوْلُهُمَا لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لِتَوْكِيدِهِ، وَإِلَّا فَالِاخْتِصَاصُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْجُمْلَةِ بِوَاسِطَةِ تَعْرِيفِ الْمُبْتَدَأِ فِيهَا كَمَا فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ وَالْكَرَمِ فِي الْعَرَبِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُمَا وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذُكِرَ أَمَّا حَمْدُ غَيْرِهِمْ فَكَالْعَدِمِ فَإِذَا صَدَرَ مِنْهُمْ حَمْدٌ لِغَيْرِهِ تَعَالَى لَا يَفُوتُ اخْتِصَاصُ الْحَمْدِ بِهِ تَعَالَى ع ش وَقَوْلُهُمَا وَأَوْلَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ بِالِالْتِزَامِ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ الْمَحَامِدِ لَهُ تَعَالَى فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ بُرْهَانِيٌّ فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْأَفْرَادَ مُخْتَصَّةٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ اخْتِصَاصِ الْجِنْسِ بِهِ سم وَع ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحَقٌّ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ اللَّامَ لِلْمِلْكِ أَوْ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لِلِاخْتِصَاصِ عِنْدَ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يُعْتَبَرُ بَيْنَ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ نَحْوُ الْعِزَّةُ لِلَّهِ وَالِاخْتِصَاصُ بِالذَّاتَيْنِ نَحْوُ الْجَنَّةُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوْ وَلِلِاخْتِصَاصِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَعَمَّمَ الثَّانِيَ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ هِشَامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الِاشْتِرَاكِ، وَاخْتَارَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِرْكَوِيُّ فِي الْإِمْعَانِ نَتَائِج (قَوْلُهُ أَيْ لِذَاتِهِ) وَلَمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ لِذَاتِهِ لَمْ يَقُلْ الْحَمْدُ لِلْخَالِقِ أَوْ لِلرَّازِقِ أَوْ نَحْوِهِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْحَمْدِ لِذَلِكَ الْوَصْفِ نِهَايَةٌ أَيْ لَمْ يَقُلْ نَحْوُ لِلْخَالِقِ ابْتِدَاءً فَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَرُّ الْجَوَادُ إلَخْ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الصَّنِيعِ إلَى اسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى لِلْحَمْدِ لِذَاتِهِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ وَلِصِفَاتِهِ ثَانِيًا وَبِالْعَرْضِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ احْتِمَالِيِّ الْجِنْسِ وَالِاسْتِغْرَاقِ كَمَا مَرَّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ النَّتَائِجُ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت فِي أَيِّ مَعْنَى الْحَمْدِ اُعْتُبِرَ الْجِنْسُ أَوْ الِاسْتِغْرَاقُ يَكُونُ بَعْضُ أَفْرَادِ الْآخَرِ خَارِجًا عَنْ التَّخْصِيصِ الَّذِي يُفِيدُهُ تَعْرِيفُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ بِاللَّامِ فَلَا يَكُونُ حَمْدُ الْمُخَصَّصِ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ؟ قُلْت: فَإِنْ أَرَدْت الْإِكْمَالَ فَعَلَيْك بِعُمُومِ الْمَجَازِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى إلَخْ) أَيْ وَمَا وَقَعَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ فَرَاجِعٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَقِيقَةِ نَتَائِجُ وَأَيْضًا الْوُقُوعُ لِلْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْكُلِّ لِلَّهِ إذْ الِاسْتِحْقَاقُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَكِيمِ (قَوْلُهُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى) وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً شَرْعًا لِلْإِنْشَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَهَذَا قَوْلٌ آخَرُ ع ش وَقَالَ شَيْخُنَا، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ خَبَرِيَّةً لَفْظًا وَمَعْنًى لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْحَمْدِ حَمْدٌ فَيَحْصُلُ الْحَمْدُ بِهَا وَإِنْ قُصِدَ بِهَا الْإِخْبَارُ اهـ (قَوْلُهُ مِنْ اتِّصَافِهِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ بِصِفَاتِ ذَاتِهِ إلَخْ) وَجْهُ إدْخَالِ هَذَا فِي مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ أَنَّ مَضْمُونَهَا يَسْتَلْزِمُهُ إذْ ثَبَاتُ الثَّنَاءِ بِالْجَمِيلِ لَهُ يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ الْجَمِيلِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَمِلْكِهِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى اتِّصَافِهِ إلَخْ أَوْ صِفَاتِ ذَاتِهِ سم (قَوْلُهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَخْذًا مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ إلَّا أَنْ يُشِيرَ بِهِ هُنَا إلَى جَوَازِ إرَادَاتِهِمَا مَعًا بِعُمُومِ الْمُشْتَرَكِ كَمَا جَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَوْ بِعُمُومِ الْمَجَازِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قِيلَ وَيُرَادِفُهُ الْمَدْحُ) وَهُوَ رَأْيُ الزَّمَخْشَرِيّ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ اخْتِيَارِيًّا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ) وَهُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ فَيَشْتَرِطُونَ كَوْنَ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ اخْتِيَارِيًّا دُونَ الْمَمْدُوحِ عَلَيْهِ كَمَدَحْتُ اللُّؤْلُؤَ لِصِفَاتِهِ (قَوْلُهُ وَفِي تَحْقِيقِهِ أَقْوَالٌ)، وَالرَّاجِحُ مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّتَائِجِ وَتُحْفَةِ الرَّشِيدِيِّ (قَوْلُهُ الْحِسِّيُّ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحَقِيقِيِّ سَيِّدِي عُمَرَ وَالِابْتِدَاءُ الْحَقِيقِيُّ جَعْلُ الشَّيْءِ أَوَّلًا غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِشَيْءٍ آخَرَ أَصْلًا، وَالِابْتِدَاءُ الْإِضَافِيُّ وَيُسَمَّى الْعُرْفِيَّ أَيْضًا جَعْلُ الشَّيْءِ أَوَّلًا بِالْإِضَافَةِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِصِفَاتِ ذَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الْجَمِيلَةِ) وَجْهُ إدْخَالِ هَذَا فِي مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ أَنَّ مَضْمُونَهَا يَسْتَلْزِمُهُ لِأَنَّ إثْبَاتَ الثَّنَاءِ بِالْجَمِيلِ لَهُ يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ الْجَمِيلِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ) عُطِفَ عَلَى اتِّصَافِهِ أَوْ صِفَاتِ ذَاتِهِ
1 / 13
اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَعَمَلًا بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» أَيْ حَالٍ يُهْتَمُّ بِهِ أَيْ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَقَدْ يَخْرُجَانِ بِذِي الْبَالِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ ذَوُوهُ شَرْعًا لَا عُرْفًا وَلَا ذِكْرٍ مَحْضٍ وَلَا جَعَلَ الشَّارِعُ لَهُ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ الْبَسْمَلَةِ كَالصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ «بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» بِجِيمٍ فَمُعْجَمَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ «أَقْطَعُ» وَفِي أُخْرَى «أَبْتَرُ» أَيْ قَلِيلُ الْبَرَكَةِ، وَقِيلَ مَقْطُوعُهَا وَفِي رِوَايَةِ «بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَفِي أُخْرَى «بِذِكْرِ اللَّهِ» وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ لِلْمُرَادِ وَعَدَمُ التَّعَارُضِ بِفَرْضِ إرَادَةِ الِابْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِيهِمَا وَفِي أُخْرَى سَنَدُهَا ضَعِيفٌ «لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» ثُمَّ لَمَّا كَانَ عَادَةُ الْبُلَغَاءِ تَحْسِينَ مَا يُكْسِبُ الْكَلَامَ رَوْنَقًا وَطَلَاوَةً لَا سِيَّمَا الِابْتِدَاءُ ثَنَّى بِمَا فِيهِ بَرَاعَةُ الِاسْتِهْلَالِ
ــ
[حاشية الشرواني]
إلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ سَوَاءٌ سَبَقَهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الْحَقِيقِيِّ صَبَّانٌ وَع ش (قَوْلُهُ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ) أَيْ بِأُسْلُوبِهِ وَهَذَا عِلَّةٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَلِتَقْدِيمِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَعَمَلًا بِالْخَبَرِ إلَخْ) أَيْ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِحَمْلِ حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى الْبَدْءِ الْحَقِيقِيِّ وَحَدِيثِ الْحَمْدَلَةِ عَلَى الْبَدْءِ الْإِضَافِيِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي دَفْعِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا وَهُنَاكَ أَوْجُهٌ أُخَرُ لِدَفْعِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ شَيْخُنَا وَعُبِّرَ فِي جَانِبِ الْكِتَابِ بِالِاقْتِدَاءِ وَفِي جَانِبِ الْحَدِيثِ بِالْعَمَلِ إذْ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَمْرٌ بِذَلِكَ لَا تَصْرِيحًا وَلَا ضِمْنًا، وَإِنَّمَا نَزَلَ بِذَلِكَ الْأُسْلُوبِ فَاقْتَدَى بِهِ، وَالْحَدِيثُ مُتَضَمِّنٌ لِلْأَمْرِ كَأَنَّهُ يَقُولُ ابْدَءُوا بِالْبَسْمَلَةِ فِي كُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ) أَيْ لِذَاتِهِ وَلَا مَكْرُوهٍ أَيْ كَذَلِكَ وَلَا مِنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ أَيْ مُحَقَّرَاتِهَا فَتَحْرُمُ عَلَى الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ كَالزِّنَا وَتُكْرَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ لِذَاتِهِ كَالنَّظَرِ لِلْفَرْجِ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ لِعَارِضٍ كَأَكْلِ الْبَصَلِ وَلَا تُطْلَبُ عَلَى مُحَقَّرَاتِ الْأُمُورِ كَكَنْسِ زِبْلٍ صَوْنًا لِاسْمِهِ تَعَالَى عَنْ اقْتِرَانِهِ بِالْمُحَقَّرَاتِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الْعِبَادِ شَيْخُنَا، وَكَذَا فِي الْبُجَيْرَمِيِّ إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ أَكْلَ الْبَصَلِ مِنْ الْمَكْرُوهِ لِذَاتِهِ فَتُكْرَهُ عَلَيْهِ وَمَثَّلَ لِلْمَكْرُوهِ لِعَارِضٍ بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُشْمِسِ، وَزَادَ وَبِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لَا لِذَاتِهِ كَالْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ فَتُسَنُّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يَخْرُجَانِ) أَيْ الْمُحَرَّمُ وَالْمَكْرُوهُ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ ذَوُوهُ) فِيهِ إضَافَةُ ذُو إلَى الْمُضْمَرِ، وَأَكْثَرُ النُّحَاةِ عَلَى مَنْعِهَا عِبَارَةُ الْكَافِيَةِ وَذُو لَا يُضَافُ إلَى مُضْمَرٍ وَقَالَ شُرَّاحُهُ وَقَدْ أُضِيفَ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الشُّذُوذِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ
إنَّمَا يَعْرِفُ ذَا الْفَضْلِ ذَوُوهُ
اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا ذِكْرٍ مَحْضٍ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُحَرَّمٍ سم أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ذِكْرٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ ذِكْرًا غَيْرَ مَحْضٍ كَالْقُرْآنِ فَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ فِيهِ بِخِلَافِ الذِّكْرِ الْمَحْضِ كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ شَيْخُنَا زَادَ الْبُجَيْرَمِيُّ فَإِنْ قُلْت وَمِنْ الْأُمُورِ ذِي الْبَالِ الْبَسْمَلَةُ فَتَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ الْبَرَكَةِ فِيهَا إلَى سَبْقِ مِثْلِهَا، وَيَتَسَلْسَلُ قُلْت هِيَ مُحَصِّلَةٌ لِلْبَرَكَةِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا كَالشَّاةِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عُمُومِ الْأَمْرِ ذِي الْبَالِ فِي الْحَدِيثِ اهـ.
عَبْدُ الْحَقِّ وَأَجَابَ الْمَدَابِغِيُّ بِتَقْيِيدِ الْأَمْرِ ذِي الْبَالِ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ وَسِيلَةً إلَى الْمَقْصُودِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ أَمْرٌ ذُو بَالٍ فَتَحْتَاجُ إلَى سَبْقِ مِثْلِهَا وَيَتَسَلْسَلُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ بِالرَّفْعِ فَإِنَّ التَّعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ رَفْعُ الْحَمْدِ وَتَسَاوِي الرِّوَايَتَيْنِ وَكَوْنُ رِوَايَةِ الْبَسْمَلَةِ بِبَاءَيْنِ، وَأَنْ يُرَادَ بِالِابْتِدَاءِ فِيهِمَا الِابْتِدَاءُ الْحَقِيقِيُّ وَكَوْنُ الْبَاءِ صِلَةَ يَبْدَأُ فَإِنْ جُعِلَتْ لِلِاسْتِعَانَةِ فَلَا تَعَارُضَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِشَيْءٍ لَا تُنَافِي الِاسْتِعَانَةَ بِآخَرَ، وَكَذَا إنْ جُعِلَتْ لِلْمُلَابَسَةِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ كَابْتِدَائِهَا (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ بِحَمْدِ اللَّهِ) النُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهَا إفَادَةُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ لَفْظِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَفَادَتْ اشْتِرَاطَهُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَجْذَمُ إلَخْ) الْأَجْذَمُ الْمَقْطُوعُ إلَيْهِ أَوْ الذَّاهِبُ الْأَنَامِلِ قَامُوسٌ وَهَذَا التَّرْكِيبُ وَنَحْوُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ وَوَجْهِ الشَّبَهِ وَالْأَصْلُ فَهُوَ كَالْأَجْذَمِ فِي عَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ وَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُنْبِئُ عَنْ التَّشْبِيهِ لَا مُطْلَقًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِكَوْنِ نَحْوِ قَدْ زَرَّ أَزْرَارَهُ عَلَى الْقَمَرِ اسْتِعَارَةً عَلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ مَحْذُوفٌ أَيْ هُوَ نَاقِصٌ كَالْأَجْذَمِ فَحُذِفَ الْمُشَبَّهُ وَهُوَ النَّاقِصُ وَعُبِّرَ عَنْهُ بِاسْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَصَارَ الْمُرَادُ مِنْ الْأَجْذَمِ النَّاقِصَ فَلَيْسَ هُنَا جَمْعٌ بَيْنَ طَرَفَيْ التَّشْبِيهِ، وَإِنَّمَا الْمَذْكُورُ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَقَطْ ع ش.
(قَوْلُهُ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَمْدِ وَالتَّسْمِيَةِ فِي رِوَايَتَيْهِمَا مُجَرَّدُ الذِّكْرِ لَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا يَلْزَمْ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِأَحَدِهِمَا يَمْنَعُ الِابْتِدَاءَ بِالْآخَرِ، وَذَلِكَ إنْ أُرِيدَ بِالِابْتِدَاءِ فِيهِمَا الِابْتِدَاءُ الْحَقِيقِيُّ، وَأَمَّا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْأَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ الْإِضَافِيِّ فَلَا تَعَارُضَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ التَّعَارُضِ) عُطِفَ عَلَى الْمُرَادِ (قَوْلُهُ بِفَرْضِ إرَادَةِ الِابْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ إلَخْ) أَيْ مَعَ فَرْضِ وُجُودِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ (قَوْلُهُ رَوْنَقًا) أَيْ جِنْسًا (قَوْلُهُ وَطَلَاوَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا الِابْتِدَاءُ) أَيْ الْمُبْتَدَأُ بِهِ (قَوْلُهُ ثَنَّى بِمَا فِيهِ بَرَاعَةُ الِاسْتِهْلَالِ) هِيَ أَنْ يُورِدَ مُصَنِّفٌ أَوْ شَاعِرٌ أَوْ خَطِيبٌ فِي
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ) تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِذَلِكَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِابْتِدَاءِ الْقُرْآنِ بِهَا، وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا ذِكْرٌ مَحْضٌ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ
1 / 14
إشَارَةً إلَى أَنَّ تَيْسِيرَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي لَهُ هُوَ نِعْمَةٌ أَيُّ نِعْمَةٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ مَحْضِ بِرِّ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ لَهُ وَجُودِهِ عَلَيْهِ وَلُطْفِهِ بِهِ.
فَقَالَ (الْبَرِّ) أَيْ الْمُحْسِنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اشْتِقَاقُهُ مِنْ الْبِرِّ بِسَائِرِ مَوَادِّهِ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى الْإِحْسَانِ كَبَرَّ فِي يَمِينِهِ أَيْ صَدَقَ لِأَنَّ الصِّدْقَ إحْسَانٌ فِي ذَاتِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْإِحْسَانُ لِلْغَيْرِ وَأَبَرَّ اللَّهُ حَجَّهُ أَيْ قَبِلَهُ لِأَنَّ الْقَبُولَ إحْسَانٌ وَزِيَادَةٌ، وَأَبَرَّ فُلَانٌ عَلَى أَصْحَابِهِ أَيْ عَلَاهُمْ لِأَنَّهُ غَالِبًا يَنْشَأُ عَنْ الْإِحْسَانِ لَهُمْ فَتَفْسِيرُهُ بِاللَّطِيفِ أَوْ الْعَالِي فِي صِفَاتِهِ أَوْ خَالِقُ الْبِرِّ أَوْ الصَّادِقُ فِيمَا وَعَدَ أَوْلِيَاءَهُ بَعِيدٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ بَعْضُ مَاصَدَقَاتِ أَوْ غَايَاتِ ذَلِكَ الْبِرِّ (الْجَوَادِ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ كَثِيرِ الْجُودِ أَيْ الْعَطَاءِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَوْقِيفٌ أَيْ وَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا يَجُوزُ اخْتِرَاعُ اسْمٍ أَوْ صِفَةٍ لَهُ تَعَالَى إلَّا بِقُرْآنٍ أَوْ خَبَرٍ صَحِيحٍ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَمِيلِ بَلْ صَوَّبَهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْعَمَلِيَّاتِ الَّتِي يَكْفِي فِيهَا الظَّنُّ لَا الِاعْتِقَادِيَّاتُ مُصَرَّحٌ بِهِ لَا بِأَصْلِهِ الَّذِي اُشْتُقَّ مِنْهُ فَحَسْبُ أَيْ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ ذِكْرُهُ لِمُقَابَلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَحْوِ ﴿أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾ [الواقعة: ٦٤] ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ٥٤] .
وَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَلْقَى بَذْرًا فِي أَرْضٍ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ الزَّارِعُ وَالْمُنْبِتُ وَالْمُبَلِّغُ إنَّمَا يَأْتِي فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيمَا صَحَّ مَعْنَاهُ تَوْقِيفٌ فَإِنْ قُلْت الْجَمِيلُ ذُكِرَ لِلْمُقَابَلَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَوَّلَ كَلَامِهِ عِبَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَالْمُرَادُ هُنَا حُصُولُ بَرَاعَةِ الِاسْتِهْلَالِ لِلْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَقْصُودُ الْخُطْبَةِ، وَأَمَّا بَرَاعَةُ الِاسْتِهْلَالِ لِلْكِتَابِ فَفِي قَوْلِهِ الْآتِي الْمُوَفِّقِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ لِأَنَّ الْكِتَابَ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ قَالَ الْكُرْدِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بِمَا فِيهِ إلَخْ وَاقِعَةٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْبَرِّ إلَى قَوْلِهِ أَحْمَدُهُ إلَخْ فَيَشْمَلُ قَوْلَهُ الْمُوَفِّقُ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَخْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ ثَنَّى بِمَعْنَى مُشِيرًا، وَلَيْسَ بَيَانًا لِلْمَقْصُودِ بِمَا فِيهِ الْبَرَاعَةُ (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَخْ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ ثَنَّى إلَخْ عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ لَهُ مَثَلًا سم وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ حَالًا مِنْ فَاعِلِ ثَنَّى لَا مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ لَهُ لِئَلَّا تَتَوَارَدَ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ فَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمَتْنِ (الْبَرِّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَعْنًى (قَوْلُهُ أَيْ الْمُحْسِنِ) أَيْ بِكَثْرَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحِ الَّذِي جَلَّتْ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْبَرَّ بِمَعْنَى الْمُحْسِنِ اشْتِقَاقُهُ مِنْ الْبِرِّ أَيْ اشْتِقَاقُ الْبَرِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ مِنْ الْبِرِّ بِكَسْرِهَا بِمَعْنَى الْإِحْسَانِ (قَوْلُهُ بِسَائِرِ مَوَادِّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالِاشْتِقَاقِ وَالضَّمِيرُ لِلْبَرِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ مَوَادُّهُ الْبَاقِيَةُ يَعْنِي تَفَاسِيرَهَا (قَوْلُهُ تَرْجِعُ إلَى الْإِحْسَانِ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهَا إلَيْهِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَدْلُولُ لِجَوَازِ أَنَّهَا الْمَدْلُولُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهَا بَلْ ظَاهِرُ الْكَلَامِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ سم وَقَدْ يَدَّعِي الِاقْتِضَاءَ بِوَسَطِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ فَتَفْسِيرُهُ) أَيْ الْبَرِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ خَالِقِ الْبِرِّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَلِذَا حُكِيَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي هَذِهِ التَّفَاسِيرُ بِقِيلَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ) أَيْ بِالتَّفْسِيرِ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَالِي فِي صِفَاتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ غَايَاتِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مَاصَدَقَاتِ (قَوْلُهُ ذَلِكَ الْبَرِّ) أَيْ الْمُحْسِنِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّفْسِيرَ بِالْعَالِي فِي صِفَاتِهِ مِنْ التَّفْسِيرِ بِالْمَلْزُومِ أَوْ السَّبَبِ، وَالتَّفْسِيرُ بِغَيْرِهِ مِنْ التَّفْسِيرِ بِالْمَاصَدَقَ (قَوْلُهُ أَيْ كَثِيرُ الْجُودِ) تَقَدَّمَ عَنْ سم أَنَّ الْجَوَادَ مِمَّا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ بِالْمَادَّةِ لَا الْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ أَيْ الْعَطَاءِ) فَسَّرَهُ ع ش شَيْخُنَا بِالْإِعْطَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَطَاءَ الشَّيْءُ الْمُعْطَى وَالْقَصْدُ وَصْفُ اللَّهِ تَعَالَى بِكَثْرَةِ الْإِسْدَاءِ وَالْإِعْطَاءِ فَاَللَّهُ ﷾ كَثِيرُ الْبَذْلِ وَالْإِعْطَاءِ لَا يَنْقَطِعُ إعْطَاؤُهُ فِي وَقْتٍ وَيُعْطِي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى لَا يُعْطِي إلَّا كَثِيرَ الصَّادِقِ بِالْإِعْطَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ عَلَى أَنَّهُ فِي نُسَخٍ أَيْ لِلنِّهَايَةِ أَيْ الْإِعْطَاءِ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْجُودِ بِأَنَّهُ إعْطَاءُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي كَمَا فَسَّرُوهُ بِهِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَوْقِيفٌ) أَيْ لَمْ يَرِدْ إذْنُ الشَّارِعِ بِإِطْلَاقِ الْجَوَادِ عَلَيْهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ تَوْقِيفِيَّةٌ) أَيْ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إذْنِ الشَّارِعِ بِإِطْلَاقِهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ اخْتِرَاعُ اسْمٍ أَوْ وَصْفٍ لَهُ تَعَالَى) وَمِثْلُهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَهُ بِاسْمٍ لَمْ يُسَمِّهِ بِهِ أَبُوهُ وَلَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ كَذَا نُقِلَ عَنْ سِيرَةِ الشَّامِيِّ وَمُرَادُهُ بِأَبِيهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ خَبَرٍ صَحِيحٍ) أَيْ أَوْ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَمِيلِ) يَعْنِي صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ التَّوْقِيفَ فِي لَفْظِ الْجَمِيلِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْغَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ أَيْ الَّذِي يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ يَعْنِي أَنَّ هَذَا الِاخْتِرَاعَ وَالْإِطْلَاقَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ فَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْمُفِيدُ لِلظَّنِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مُصَرَّحٍ) نَعْتُ قُرْآنٍ أَوْ خَبَرٌ سم أَيْ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ لَا بِأَصْلِهِ) أَشَارَ فِي بَابِ الرِّدَّةِ إلَى خِلَافِ فِي الِاكْتِفَاء بِالْأَصْلِ سم (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مُصَرَّحٍ بِهِ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى إذْ مَعْنَاهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُصَرَّحًا بِهِ (قَوْلُهُ ذِكْرُهُ) أَيْ ذِكْرُ الِاسْمِ أَوْ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ نَحْوُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ إلَخْ) مِنْ أَمْثِلَةِ الذِّكْرِ لِلْمُقَابَلَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا فِي حَاشِيَةِ الْجَوْهَرَةِ وَاخْتَارَ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى تَوْفِيقِيَّةٌ وَكَذَا صِفَاتُهُ فَلَا نُثْبَتُ لِلَّهِ اسْمًا وَلَا صِفَةً إلَّا إذَا وَرَدَ بِذَلِكَ تَوْقِيفٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَذَهَبَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إلَى جَوَازِ إثْبَاتِ مَا كَانَ مُتَّصِفًا بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يُوهِمْ نَقْصًا وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِهِ تَوْقِيفٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَمَالَ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَفَصَّلَ الْغَزَالِيُّ فَجَوَّزَ إطْلَاقَ الصِّفَةِ وَهِيَ مَا دَلَّ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَلَى مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَخْ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ ثَنَّى عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ رُجُوعَهَا إلَيْهِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهَا الْمَدْلُولُ لِجَوَازِ أَنَّهَا الْمَدْلُولُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهَا بَلْ ظَاهِرُ الْكَلَامِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ بَعِيدٌ) فِيهِ بَحْثٌ أَشَرْنَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ مُصَرَّحٌ بِهِ) نَعْتُ قُرْآنٍ أَوْ خَبَرٌ (قَوْلُهُ لَا بِأَصْلِهِ)
1 / 15
أَيْضًا إذْ لَفْظُ الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» فَجَعْلُ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ التَّوْقِيفِيِّ يُلْغِي اعْتِبَارَ قَيْدِ الْمُقَابَلَةِ.
قُلْت الْمُقَابَلَةُ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا عِنْدَ اسْتِحَالَةِ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ اللَّفْظُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ الْجَمَالُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى إبْدَاعِ الشَّيْءِ عَلَى آنَقْ وَجْهٍ وَأَحْسَنِهِ وَسَيَأْتِي فِي الرِّدَّةِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِيهِ مُرْسَلًا اُعْتُضِدَ بِمُسْنَدٍ بَلْ رَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ «ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرَ وَالْمُعَرَّفِ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُنَكَّرِ لَا يُغَيِّرُ مَعْنَاهُ كَمَا يَأْتِي فِي اللَّهُ الْأَكْبَرُ وَبِالْإِجْمَاعِ النُّطْقِيِّ الْمُسْتَلْزِمِ لِتَلَقِّي ذَلِكَ الْمُرْسَلِ بِالْقَبُولِ وَلِإِشْعَارِ الْعَاطِفِ بِالتَّغَايُرِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَتَهُ حُذِفَ هُنَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ﴾ [الجمعة: ١] ﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] الْآيَاتُ وَأُتِيَ بِهِ فِي نَحْوِ ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ﴾ [الحديد: ٣] ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ [التحريم: ٥] ﴿الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: ١١٢]
(الَّذِي) لِكَثْرَةِ بِرِّهِ وَسَعَةِ جُودِهِ فَلِذَا أُخِّرَ عَنْ ذَيْنِك (جَلَّتْ) عَظُمَتْ وَلِاسْتِقْرَارِ هَذِهِ الصِّلَةِ فِي النُّفُوسِ وَإِذْعَانِهَا لَهَا
ــ
[حاشية الشرواني]
عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ وَمَنَعَ إطْلَاقَ الِاسْمِ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى نَفْسِ الذَّاتِ اهـ.
وَمَالَ الْجَلَالُ الدَّوَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ إلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَالزَّارِعِ وَالْمَاكِرِ (قَوْلُهُ فَجَعْلُ الْمُصَنِّفِ لَهُ) أَيْ لِلْجَمِيلِ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ قَوْلُهُ يُلْغِي اعْتِبَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ قَيْدِ الْمُقَابَلَةِ) أَيْ عَدَمًا (قَوْلُهُ قُلْت الْمُقَابَلَةُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ وُجُودَ الْمُقَابَلَةِ هُنَا وَيَدَّعِي أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ نِسْبَةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِلْغَيْرِ سم (قَوْلُهُ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا عِنْدَ اسْتِحَالَةِ الْمَعْنَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ وَرَدَ إطْلَاقُ اسْمٍ عَلَيْهِ تَعَالَى وَلَمْ يَسْتَحِلْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَصَحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ وَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ حِينَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ كَانَ مَعَهُ مَا يُقَابِلُهُ.
وَأَمَّا إذَا اسْتَحَالَ مَعْنَاهُ عَلَيْهِ تُوقَفُ صِحَّةُ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ عَلَى مُسَوِّغٍ فَإِذَا اتَّفَقَ وُقُوعُ مَا يُقَابِلُهُ مَعَهُ كَانَ ذَلِكَ مُسَوِّغًا لِإِطْلَاقِهِ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى آنَقْ وَجْهٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ بَعْدَهَا قَافٌ (قَوْلُهُ وَأَحْسَنِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاعْتُرِضَ إلَخْ أَيْ لِلِاعْتِرَاضِ الْمَفْهُومِ مِنْهُ سم (قَوْلُهُ وَحَدِيثًا طَوِيلًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي حَدِيثًا مَرْفُوعًا ذُكِرَ فِيهِ عَنْ الرَّبِّ ﷾ أَنَّهُ قَالَ «إنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ» اهـ.
(قَوْلُهُ ذَلِكَ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَاعِلُ قَوْلِهِ فِيهِ فَالْإِشَارَةُ إلَى لَفْظِ الْجَوَادِ وَقَوْلِهِ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ بَدَلٌ مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ هُوَ الْفَاعِلُ وَلَفْظُ ذَلِكَ مِنْ الْحَدِيثِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَبِالْإِجْمَاعِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُسْنَدٍ (قَوْلُهُ الْمُسْتَلْزِمِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ سم أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلْإِجْمَاعِ مُسْتَنَدٌ آخَرُ (قَوْلُهُ وَلِإِشْعَارِ الْعَاطِفِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي حُذِفَ مِنْهَا قَالَ سم وَيُوَجَّهُ تَرْكُ الْعَاطِفِ أَيْضًا بِأَنَّ فِي تَرْكِهِ يَكُونُ كُلُّ وَصْفٍ مَنْسُوبًا اسْتِقْلَالًا لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ بِالتَّغَايُرِ الْحَقِيقِيِّ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ أُرِيدَ التَّغَايُرُ الْحَقِيقِيُّ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ وَإِنْ أُرِيدَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ فَهُوَ مَنْفِيٌّ فِي هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ سم وَقَدْ يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَحُمِلَ التَّغَايُرُ عَلَى التَّنَافِي فِي التَّحَقُّقِ فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَوُجُودُهُ فِي نَحْوِ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ دُونَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَأَتَى بِهِ) أَيْ بِالْعَاطِفِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُذِفَ يَعْنِي حُذِفَ فِي الْأَوْصَافِ الْمُتَّحِدَةِ فِي التَّحَقُّقِ فِي زَمَنٍ لِئَلَّا يُوهِمَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ، وَأُتِيَ بِهِ فِي الْمُخْتَلِفَةِ فِيهِ لِئَلَّا يُوهِمَ الِاتِّحَادُ فِيهِ
(قَوْلُ الْمَتْنِ الَّذِي جَلَّتْ نِعَمُهُ) اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَةَ الَّذِي وَاقِعَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَارَةُ عَنْهُ فَالتَّذْكِيرُ فِيهَا وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَتْ صِلَتُهَا سَبَبِيَّةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سَبَبِيَّةِ صِلَتِهَا وَإِسْنَادِ الْفِعْلِ فِيهَا إلَى النِّعَمِ أَنَّ الْمَوْصُولَ وَاقِعٌ عَلَى النِّعَمِ، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ وُجُوبَ تَأْنِيثِ الْمَوْصُولِ هُنَا وَبَعْضُهُمْ جَوَازَهُ فَيُقَالُ الَّتِي جَلَّتْ نِعَمُهُ، وَذَلِكَ خَطَأٌ وَاضِحٌ سم (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ بِرِّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَلَّتْ الْمُتَضَمِّنُ لِمَعْنَى امْتَنَعَتْ لِيَصِحَّ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ عَنْ الْإِحْصَاءِ بِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَلِذَا أُخِّرَ عَنْ ذَيْنِك) أَيْ فَإِنَّهُ كَالنَّتِيجَةِ لَهُمَا سم أَيْ لِلْبَرِّ وَالْجَوَادِ (قَوْلُهُ وَلِاسْتِقْرَارِ هَذِهِ الصِّلَةِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّوْجِيهُ وَكَوْنُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَشَارَ فِي بَابِ الرِّدَّةِ إلَى خِلَافٍ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ قُلْت الْمُقَابَلَةُ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ وُجُودُ الْمُقَابَلَةِ وَيُدَّعَى أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ نِسْبَةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاعْتُرِضَ أَيْ لِلِاعْتِرَاضِ الْمَفْهُومِ مِنْ اُعْتُرِضَ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَلْزِمُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَلِإِشْعَارِ الْعَاطِفِ) بِوَجْهِ تَرْكِ الْعَاطِفِ أَيْضًا بِأَنَّ فِي تَرْكِهِ يَكُونُ كُلُّ وَصْفٍ مَنْسُوبًا اسْتِقْلَالًا لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِالتَّغَايُرِ الْحَقِيقِيِّ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ أُرِيدَ التَّغَايُرُ الْحَقِيقِيُّ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ وَإِنْ أُرِيدَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ فَهُوَ مَنْفِيٌّ فِي الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ
(قَوْلُهُ الَّذِي جَلَّتْ نِعَمُهُ) اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَةَ الَّذِي وَاقِعَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَارَةٌ عَنْهُ فَالتَّذْكِيرُ فِيهَا وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَتْ صِلَتُهَا سَبَبِيَّةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سَبَبِيَّةِ صِلَتِهَا وَإِسْنَادِ الْفِعْلِ فِيهَا إلَى النِّعَمِ أَنَّ الْمَوْصُولَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ وَاقِعٌ عَلَى النِّعَمِ وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ وُجُوبَ تَأْنِيثِ الْمَوْصُولِ هُنَا فَيُقَالُ الَّتِي جَلَّتْ نِعَمُهُ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ التَّأْنِيثَ وَذَلِكَ خَطَأٌ وَاضِحٌ وَلَا يُؤَيِّدُ مَا تَوَهَّمُوهُ جَاءَ رَجُلٌ قَائِمَةٌ أُمُّهُ لِأَنَّ هَذَا نَعْتٌ سَبَبِيٌّ نَظِيرُ الصِّلَةِ هُنَا بَلْ نَعْتِيَّتُهُ بِالتَّأْوِيلِ أَيْ قَائِمُ الْأُمِّ (قَوْلُهُ فَلِذَا أَخَّرَ عَنْ ذَيْنِك) أَيْ فَإِنَّهُ كَالنَّتِيجَةِ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَلِاسْتِقْرَارٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّوْجِيهُ وَكَوْنُ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ لَا يُنَاسِبُ الْمَعْدُولَ لَهُ
1 / 16
عُدِلَ لِذَلِكَ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ عَنْ الْإِحْصَاءِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا أُتِيَ بِالْمَوْصُولِ هُنَا لِقَاعِدَةٍ هِيَ أَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِاَلَّذِي لِوَصْفِهِ تَعَالَى بِمَا ثَبَتَ لَهُ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ تَوْقِيفٌ وَكَانَ قَائِلُهُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا لَا يُؤَدَّى إلَّا بِوَصْفٍ لَهُ تَعَالَى وَقَدْ عَلِمْت تَأْدِيَتَهُ بِوَصْفِ النِّعَمِ بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِتَوْقِيفٍ (نِعَمُهُ) فِيهِ إيهَامٌ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ حَصْرِهَا جَمْعُهَا الْمُنَافِي ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ [النحل: ١٨] أَيْ تُرِيدُوا عَدَّ أَوْ تَشْرَعُوا فِي عَدِّ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ نِعَمِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَنَّ مَدْلُولَ الْعَامِّ كَالْمُفْرَدِ الْمُضَافِ هُنَا كُلِّيَّةً ﴿لا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤] أَيْ لَا تَحْصُرُوهَا فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ جَمْعُ نِعْمَةٍ بِمَعْنَى أَنْعَامٍ وَجَمْعُهُ لَا إيهَامَ فِيهِ أَيْ جَلَّتْ أَنَعَمَاتِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ كُلِّ أَثَرٍ مِنْ آثَارِهَا عَنْ أَنْ تُحَدَّ فَيَشْمَلُ الْقَلِيلَ أَيْضًا
ــ
[حاشية الشرواني]
الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ لَا يُنَاسِبُ الْمَعْدُولَ لَهُ سم (قَوْلُهُ عُدِلَ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْجَلِيلَةَ نِعَمُهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ عَلَى قَوْلٍ، وَلِأَنَّ اسْتِقْرَارَ هَذِهِ الصِّلَةِ فِي النُّفُوسِ لَا تَقْتَضِي تَرْجِيحَ طَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُصَحِّحُهُ، وَالْكَلَامُ فِي التَّرْجِيحِ لَا فِي التَّصْحِيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ أَرَادَ النِّعَمَ الْحَادِثَةَ الْوَاصِلَةَ لِخَلْقِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى حُدُوثِ الْعِظَمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِحُدُوثِ النِّعَمِ وَوُصُولِهَا سم، وَدَفَعَ الْكُرْدِيُّ قَوْلَ سم وَلِأَنَّ اسْتِقْرَارَ إلَخْ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ عُدِلَ لِذَلِكَ اللَّامَ بِمَعْنَى إلَى أَيْ عُدِلَ إلَى تَرْكِيبِ الَّذِي جَلَّتْ إلَخْ عَنْ تَرْكِيبِ الْجَلِيلَةِ إلَخْ لِأَنَّ اسْتِقْرَارَ الْفِعْلِيَّةِ أَقْوَى مِنْ الِاسْمِيَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ) أَيْ وَالْجَلِيلُ النِّعَمِ بِالْإِضَافَةِ سم (قَوْلُهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ) وَهُوَ هُنَا جَلَالَةُ نِعَمِهِ عَنْ الْإِحْصَاءِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ) أَيْ بِوَصْفِهِ تَعَالَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّ هَذَا) أَيْ ثُبُوتَ جَلَالَةِ النِّعَمِ عَنْ الْإِحْصَاءِ لَهُ تَعَالَى وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ ثُبُوتُ مَعْنَى جَلَّتْ لَهُ تَعَالَى اهـ (قَوْلُهُ لَا يُؤَدَّى) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ إلَّا بِوَصْفٍ لَهُ) أَيْ بِجَعْلِهِ وَصْفًا وَحَالًا لَهُ تَعَالَى كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ وَلَيْسَ كَمَا فُهِمَ؛ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت إلَخْ أَيْ مِنْ قَوْلِنَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَيَصِحُّ كَوْنُ عُلِمَتْ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِوَصْفِ النِّعَمِ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِجَعْلِ الْجَلَالَةِ صِفَةً لِلنِّعَمِ وَإِسْنَادِهَا إلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ وَصْفُ النِّعَمِ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ الْمَتْنِ (نِعَمُهُ) جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى إنْعَامٍ وَهُوَ الْإِحْسَانُ. وَأَمَّا النَّعْمَةُ بِفَتْحِ النُّونِ فَهِيَ التَّنَعُّمُ وَبِضَمِّهَا الْمَسَرَّةُ
نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ نِعْمَتُهُ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨] وَأَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر بِمَعْنَى إنْعَامٍ لَمْ يُبْقِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ حَصْرِهَا جَمْعُهَا فَيُنَافِي صَرِيحًا ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨] الْمُقْتَضَى انْتِفَاءُ الْإِحْصَاءِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ النِّعَمِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقَاتِ فَالْحَمْدُ عَلَى الْإِنْعَامِ وَإِنْ أَوْهَمَ أَنَّ عَدَمَ الْإِحْصَاءِ بِسَبَبِ جَمْعِيَّتِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُنَافَاةٌ صَرِيحَةٌ لِلْآيَةِ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ الْمُنَافِي) يَنْبَغِي أَنَّهُ نَعْتُ أَنَّ سَبَبَ إلَخْ إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْجَمْعِ وَالْآيَةِ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ مِنْ أَفْرَادِ نِعَمِهِ) أَيْ إنْعَامَاتِهِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْجَمْعِ تَقْرِيبًا لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ مِمَّا فِي الْآيَةِ وَإِلَّا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ مِنْ أَفْرَادِ نِعْمَتِهِ بِالْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِحَمْلِ الْآيَةِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ كَالْمُفْرَدِ الْمُضَافِ هُنَا) أَيْ نِعْمَةُ اللَّهِ وَهُوَ مِثَالٌ لِلْعَامِّ (قَوْلُهُ كُلِّيَّةً) أَيْ الْحُكْمُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ (قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ) أَيْ لِدَفْعِ الْإِيهَامِ أَنَّهُ جَمْعُ نِعْمَةٍ بِفَتْحِ النُّونِ بِمَعْنَى إنْعَامِ وَالنِّعْمَةُ بِالْكَسْرِ أَثَرُهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْإِيهَامِ) الْأَوْلَى لِدَفْعِ الْمُنَافَاةِ وَقَوْلُهُ بِفَتْحِ إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَجَمْعُهُ) أَيْ لَفْظُ نِعَمِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَقَوْلُهُ لَا إيهَامَ فِيهِ فِيهِ تَوَقُّفٌ وَلَوْ قَالَ لَا مُنَافَاةَ فِيهِ لِظَهَرَ (قَوْلُهُ أَيْ جَلَّتْ إنْعَامَاتُهُ أَيْ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْمَتْنِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَتَعَيَّنَ وَفِي الْمَعْنَى عِلَّةٌ لِنَفْيِ الْإِيهَامِ بَلْ لِنَفْيِ الْمُنَافَاةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ أَثَرٍ مِنْ آثَارِهَا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْإِمْكَانِ فَهِيَ نَفْسُهَا لَا تُحْصَى مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى اعْتِبَارِ آثَارِهَا ضَرُورَةَ عَدَمِ تَنَاهِيهَا، وَإِنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ وَآثَارُهَا مُحْصَاةٌ مَعْدُودَةٌ قَطْعًا ضَرُورَةَ أَنَّهَا مُتَنَاهِيَةٌ ضَرُورَةً أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ مُتَنَاهٍ وَكُلُّ مُتَنَاهٍ مُحْصًى مَعْدُودٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي إحْصَاءِ الْآثَارِ وَآثَارِ إنْعَامَاتِهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَاةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ لَا قُدْرَةَ لِلْبَشَرِ عَلَى عَدِّهَا وَإِحْصَائِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَتَشْمَلُ إلَخْ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَثَرِ الْإِنْعَامِ يَعْنِي لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ نِعَمُهُ بِمَعْنَى الْإِنْعَامَاتِ، وَكَانَ عَدَمُ إحْصَائِهَا بِاعْتِبَارِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ آثَارِهَا فَيَشْمَلُ ذَلِكَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ عُدِلَ لِذَلِكَ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْجَلِيلَةَ نِعَمُهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةُ عَلَى قَوْلٍ، وَلِأَنَّ اسْتِقْرَارَ هَذِهِ الصِّلَةِ فِي النُّفُوسِ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ طَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ.
غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُصَحِّحُهُ وَالْكَلَامُ فِي التَّرْجِيحِ لَا فِي التَّصْحِيحِ فَلْيَتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ أَرَادَ النِّعَمَ الْحَادِثَةَ الْوَاصِلَةَ لِخَلْقِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى حُدُوثِ الْعِظَمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِحُدُوثِ النِّعَمِ وَوُصُولِهَا (قَوْلُهُ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ) أَيْ وَالْجَلِيلُ النِّعَمِ بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ الْمُنَافِي) يَنْبَغِي أَنَّهُ نَعْتٌ أَنَّ سَبَبَ إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْجَمْعِ وَالْآيَةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ أَثَرٍ مِنْ آثَارِهَا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْإِمْكَانِ فَهِيَ نَفْسُهَا لَا تُحْصَى مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى اعْتِبَارِ آثَارِهَا ضَرُورَةَ عَدَمِ تَنَاهِيهَا وَإِنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ وَآثَارُهَا مُحْصَاةٌ مَعْدُودَةٌ قَطْعًا ضَرُورَةَ أَنَّهَا
1 / 17
وَمَعَ هَذَا التَّعْبِيرِ بِنِعْمَةٍ مُوَافَقَةٍ لِلَفْظِ الْآيَةِ أَوْلَى وَمِنْ ثَمَّ أَصْلَحَ فِي نُسْخَةٍ وَكُلُّ نِعْمَةٍ وَإِنْ سَلِمَ حَصْرُهَا هُوَ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهَا لَا مُتَعَلِّقَاتِهَا مَعَ دَوَامِهَا مَعَاشًا وَمَعَادًا وَهِيَ أَيْ حَقِيقَةُ كُلِّ مُلَائِمٍ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ.
وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ، وَإِنَّمَا مَلَاذُّهُ اسْتِدْرَاجٌ فَإِنْ قُلْت هَذَا لَا يُوَافِقُ تَفْسِيرَ النِّعْمَةِ لُغَةً مِنْ أَنَّهَا مُطْلَقُ الْمُلَائِمِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي أَكْثَرِ النُّصُوصِ فَمَا حِكْمَتُهُ قُلْت شَأْنُ الْمُصْطَلَحَاتِ الْعُرْفِيَّةِ مُخَالَفَتُهَا لِلْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ وَكَوْنُهَا أَخَصَّ مِنْهَا كَالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عُرْفًا وَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الْعَبْدِ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ وَفَائِدَتُهَا هُنَا بَيَانُ مَا هُوَ نِعْمَةٌ بِالْحَقِيقَةِ لَا بِالصُّورَةِ الَّتِي اكْتَفَى بِهَا أَهْلُ اللُّغَةِ وَالرِّزْقُ أَعَمُّ مِنْهَا لِأَنَّهُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ حَرَامًا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (عَنْ الْإِحْصَاءِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ أَيْ الضَّبْطِ وَهُوَ الْحَصْرُ وَفُسِّرَ بِالْعَدِّ، وَهُوَ الْفِعْلُ فَهُوَ غَيْرُ الْعَدَدِ فِي (بِالْإِعْدَادِ) أَيْ بِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْهَا لَا بِقَيْدِ الْقِلَّةِ الَّتِي أَوْهَمَتْهَا الْعِبَارَةُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْجَمْعُ الْمُحَلَّى بِأَلْ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ أَيْ عَظُمَتْ عَنْ أَنْ تُحْصَرَ أَوْ تُعَدَّ بِعَدَدٍ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَمَعْنَى ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن: ٢٨] عَلِمَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْقَوْلُ قَلِيلَ الْإِنْعَامَاتِ كَمَا يَشْمَلُ جَمِيعَهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَعَ هَذَا) أَيْ التَّوْجِيهِ الدَّافِعِ لِلْإِيهَامِ بَلْ لِلْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ مُوَافَقَةً) مَفْعُولٌ لَهُ لِقَوْلِهِ أَوْلَى أَوْ حَالٌ مِنْ نِعْمَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْلَى خَبَرٌ لِتَعْبِيرٍ (قَوْلُهُ أَصْلَحَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ فَالْمُصْلِحُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَكُلُّ نِعْمَةٍ) مُبْتَدَأٌ سم أَيْ بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ هُوَ جَوَابُ سُؤَالٍ، كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ إنَّ الْفَرْدَ لَا يَكُونُ إلَّا مَحْصُورًا فَكَيْفَ يُقَالُ كُلُّ فَرْدٍ مُمْتَنِعٌ عَنْ الْإِحْصَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ سُلِّمَ حَصْرُهَا) لَعَلَّ الْوَاوَ حَالِيَّةٌ لَا غَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ هُوَ إلَخْ) أَيْ الْحَصْرُ (قَوْلُهُ مَعَ دَوَامِهَا) أَيْ مُتَعَلِّقَاتِهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ النِّعْمَةُ وَقَوْلُهُ أَيْ حَقِيقَةٌ أَيْ بِمَعْنَى الْأَثَرِ الْحَاصِلِ بِالْإِنْعَامِ ع ش (قَوْلُهُ كُلُّ مُلَائِمٍ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظَةِ كُلٍّ (قَوْلُهُ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ) فَهَذَا يُخْرِجُ الْحَرَامَ سم وَكَذَا يُخْرِجُ الْمَكْرُوهَ (قَوْلُهُ فَمَا حِكْمَتُهُ) أَيْ الْمُخَالَفَةِ بِالتَّقْيِيدِ بِتُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ (قَوْلُهُ شَأْنُ الْمُصْطَلَحَاتِ) أَيْ الْغَالِبُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ مُخَالَفَتُهَا إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَخَصُّ مِنْهَا) إنْ أَرَادَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ كَذَلِكَ أَيْ فَمُسَلَّمٌ أَوْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ فَمَمْنُوعٌ يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ أَنَّ الزَّكَاةَ لُغَةً لِمَعَانٍ كَالنَّمَاءِ لَا تُصَدَّقُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ أَيْ الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ سم وَمَرَّ أَنَّ مَعْنَى الْغَلَبَةِ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ وَفَائِدَتُهَا) أَيْ الْمُخَالَفَةِ وَرَجَّحَ الْكُرْدِيُّ التَّمْيِيزَ إلَى الْمُصْطَلَحَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالرِّزْقُ أَعَمُّ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ أَنَّهُ يَتَبَادَرُ أَنَّ نَحْوَ هَلَاكِ الْعَدُوِّ نِعْمَةٌ لَا رِزْقٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَرَامًا أَيْ وَالْحَرَامُ لَا تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ سم وَقَدْ يُمْنَعُ قَوْلُهُ لَا رِزْقٌ وَلَوْ سَلَمَ فَيُحْمَلُ الْعُمُومُ عَلَى الْوَجْهِيِّ كَمَا تَرَجَّاهُ الْبَصْرِيُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَصْرُ) أَيْ الْإِحَاطَةُ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَ) أَيْ الْإِحْصَاءَ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالْأَعْدَادِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ عَدَدٍ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَالْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الْقِلَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ الْأَعْدَادُ جَمْعُ قِلَّةٍ وَالشَّيْءُ قَدْ لَا يَضْبِطُهُ الْعَدَدُ الْقَلِيلُ وَيَضْبِطُهُ الْكَثِيرُ وَلِذَا قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بِالتَّعْدَادِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ عَدَّ لَكَانَ أَوْلَى أُجِيبَ بِأَنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ اهـ.
أَيْ: لِأَنَّ أَلْ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَمْعِ أَبْطَلَتْ مِنْهُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَصَيَّرَتْ أَفْرَادَهُ آحَادًا عَلَى الصَّحِيحِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ الَّتِي أَوْهَمَتْهَا الْعِبَارَةُ) أَيْ قَبْلَ التَّأَمُّلِ وَإِلَّا فَالصِّيغَةُ مَعَ أَلْ لِلْكَثْرَةِ سم (قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ الْجَمْعُ الْمُحَلَّى بِأَلْ أَيْ كَمَا صَرَّحُوا بِأَنَّ الْحُكْمَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْوُجُودُ وَلَمْ يَكُنْ قَرِينَةُ الْبَعْضِيَّةِ، وَكَانَ الْمَقَامُ خَطَابِيًّا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ عَبْدُ الْحَكِيمِ عَلَى الْمُطَوَّلِ (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ) أَيْ لِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّ اللَّامَ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهْمٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُسْتَفَادُ بِمَعُونَةِ الْقَرَائِنِ عَبْدُ الْحَكِيمِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ع ش أَنَّ الْمُعَرَّفَ بِاللَّامِ مُفْرَدًا كَانَ أَوْ جَمْعًا لِلِاسْتِغْرَاقِ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ فَإِفَادَتُهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ وَضْعِيٌّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَرِينَةٍ فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ عَظُمَتْ عَنْ أَنْ تُحْصَرَ إلَخْ) وَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ لَا تُحْصَى تَنْحَصِرُ فِي جِنْسَيْنِ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ، وَالْأَوَّلُ قِسْمَانِ مَوْهِبِيٌّ وَكَسْبِيٌّ وَالْمَوْهِبِيُّ قِسْمَانِ رُوحَانِيٌّ كَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَإِشْرَافِهِ بِالْعَقْلِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْقُوَى كَالْفِكْرِ وَالْفَهْمِ وَالنُّطْقِ وَجُسْمَانِيٌّ كَتَحْلِيقِ الْبَدَنِ وَالْقُوَى الْحَالَّةِ فِيهِ وَالْهَيْئَاتِ الْعَارِضَةِ لَهُ مِنْ الصِّحَّةِ وَكَمَالِ الْأَعْضَاءِ، وَالْكَسْبِيُّ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ عَنْ الرَّذَائِلِ وَتَحْلِيَتُهَا بِالْأَخْلَاقِ وَالْمَلَكَاتِ الْفَاضِلَةِ وَتَزَيُّنُ الْبَدَنِ بِالْهَيْئَاتِ الْمَطْبُوعَةِ وَالْحُلِيِّ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَحُصُولُ الْجَاهِ وَالْمَالِ وَالثَّانِي أَيْ الْأُخْرَوِيُّ أَنْ يَعْفُوَ عَمَّا فَرَطَ مِنْهُ وَيَرْضَى عَنْهُ وَيُبَوِّئَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي شَرْحِ نِعَمِهِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ عَلِمَهُ مِنْ جِهَةِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مُتَنَاهِيَةٌ ضَرُورَةَ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ مُتَنَاهٍ وَكُلُّ مُتَنَاهٍ مُحْصًى مَعْدُودٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكُلُّ نِعْمَةٍ) مُبْتَدَأٌ (قَوْلُهُ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ) هَذَا يُخْرِجُ الْحَرَامَ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا أَخَصَّ) إنْ أَرَادَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ أَوْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ فَمَمْنُوعٌ يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ أَنَّ الزَّكَاةَ لُغَةً لَمَعَانٍ كَالنَّمَاءِ لَا تَصْدُقُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ أَيْ الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ.
(قَوْلُهُ وَالرِّزْقُ أَعَمُّ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ أَنَّهُ يَتَبَادَرُ أَنَّ نَحْوَ هَلَاكِ الْعَدُوِّ نِعْمَةٌ لَا رِزْقٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَرَامًا أَيْ وَالْحَرَامُ لَا تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ (قَوْلُهُ الَّتِي أَوْهَمَتْهَا الْعِبَارَةُ) أَيْ قَبْلَ التَّأَمُّلِ وَإِلَّا فَالصِّيغَةُ مَعَ أَلْ لِلْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن: ٢٨] إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ عَلِمَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ
1 / 18
وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْمُحْصِي أَيْ الْعَالِمُ أَوْ الْقَوِيُّ أَوْ الْعَادُّ أَقْوَالٌ نَعَمْ فِي الْأَخِيرِ إيهَامُ أَنَّ عِلْمَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُتَوَقِّفٌ عَلَى عَدِّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (الْمَانِّ) مِنْ الْمِنَّةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ مُطْلَقًا أَوْ بِقَيْدِ كَوْنِهَا ثَقِيلَةً مُبْتَدَأَةً مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ يُوجِبُهَا فَنِعَمُهُ تَعَالَى مِنْ مَحْضِ فَضْلِهِ إذْ لَا يَجِبُ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِزَعْمِ الْمُعْتَزِلَةِ وُجُوبَ الْأَصْلَحِ عَلَيْهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ (بِاللُّطْفِ) وَهُوَ مَا يَقَعُ بِهِ صَلَاحُ الْعَبْدِ آخِرَهُ وَيُسَاوِيهِ التَّوْفِيقُ الَّذِي هُوَ خَلْقُ قُدْرَةِ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ مَاصَدَقًا لَا مَفْهُومًا وَلِعِزَّتِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا مَرَّةً فِي هُودٍ وَلَيْسَ مِنْهُ إلَّا إحْسَانًا وَتَوْفِيقًا يُوَفِّقُ اللَّهُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوِفَاقِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْخِلَافِ وَقَدْ يُطْلَقُ التَّوْفِيقُ عَلَى أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ اللُّطْفُ مَا يَحْمِلُ الْمُكَلَّفَ عَلَى الطَّاعَةِ ثُمَّ إنْ حُمِلَ عَلَى فِعْلِ الْمَطْلُوبِ سُمِّيَ تَوْفِيقًا أَوْ تَرْكِ الْقَبِيحِ سُمِّيَ عِصْمَةً، وَصَرَّحَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي بَحْثِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ بِأَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى لُطْفًا لَوْ فَعَلَهُ بِالْكُفَّارِ لَآمَنُوا اخْتِيَارًا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ وَهُوَ فِي فِعْلِهِ مُتَفَضِّلٌ وَفِي تَرْكِهِ عَادِلٌ (وَالْإِرْشَادِ) أَيْ الدَّلَالَةِ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ أَوْ الْإِيصَالِ إلَيْهَا (الْهَادِي) أَيْ الدَّالِّ أَوْ الْمُوَصِّلِ (إلَى سَبِيلِ) أَيْ طَرِيقِ (الرَّشَادِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
الْعَدَدِ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ عَلِمَ عَدَدَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُتَنَاهِيَاتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الشَّيْءِ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا هُوَ الْمَوْجُودَاتُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ فِي تَفْسِيرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلْيُنْظَرْ مَا مَوْقِعُ كَلَامِهِ هَذَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ دَفْعَ اعْتِرَاضٍ يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي جَلَّتْ نِعَمُهُ إلَخْ بِأَنْ يُقَالَ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ عَدَدَ الْأَشْيَاءِ، وَمِنْهَا النِّعَمُ كَانَ اللَّائِقُ فِي دَفْعِهِ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَلَا يَرِدُ قَوْلُهُ وَأَحْصَى إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَوْجُودَاتِ وَالْمُرَادُ هُنَا بِالنِّعَمِ أَعَمُّ.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ مَا ذَكَرَهُ فَلَا يَتَّجِهُ مِنْهُ الدَّفْعُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم بِحَذْفِ وَأَشَارَ الْكُرْدِيُّ إلَى دَفْعِ اعْتِرَاضِ سم بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَمَعْنَى أَحْصَى إلَخْ هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ عَظُمَتْ عَنْ أَنْ تُعَدَّ بِدَلِيلِ تِلْكَ الْآيَةِ وَهَذِهِ الْآيَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهَا تُعَدُّ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَادَ لِكُلِّ شَيْءٍ وَمِنْ الْأَشْيَاءِ النِّعَمُ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى الْإِحْصَاءِ فِيهَا الْعِلْمُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ الْعَدُّ اهـ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ الْعَدُّ فَلَا مُنَافَاةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي الْمَتْنِ عَدُّ الْخَلْقِ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى إلَخْ) تَقْوِيَةً لِهَذَا الْمَعْنَى كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ) أَيْ هَذِهِ التَّفَاسِيرُ الثَّلَاثَةُ أَقْوَالٌ لِكُلٍّ مِنْهَا قَائِلٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ فِي الْأَخِيرِ إيهَامٌ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْإِيهَامِ بَصَرِيٌّ وَالْإِيهَامُ ظَاهِرٌ لَا مَجَالَ لِإِنْكَارِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ ثَقِيلَةً كَانَتْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ مُبْتَدَأَةً إلَخْ) حَالٌ مِنْ النِّعْمَةِ بِقِسْمَيْهِ أَيْ حَالَ كَوْنِ النِّعْمَةِ الثَّقِيلَةِ وَغَيْرِهَا مُبْتَدَأَةً إلَخْ فَيَصِحُّ التَّفْرِيعُ الْآتِي كُرْدِيٌّ أَيْ فَيَسْقُطُ مَا لسم هُنَا مِنْ اسْتِشْكَالِهِ (قَوْلُهُ أَخَرَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ وَالرَّاءِ فِي شَرْحِ اللُّبِّ أَيْ آخِرَ عُمْرِهِ الْبَصْرِيُّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَهُوَ بِوَزْنِ دَرَجَةٍ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِصَلَاحٍ إلَخْ، وَقَالَ الْكُرْدِيُّ لِيَقَعَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُسَاوِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَقِبَ الْمَتْنِ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الطَّاءِ أَيْ الرَّأْفَةُ وَالرِّفْقُ وَهُوَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ بِأَنْ يَخْلُقَ قُدْرَةَ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَفَتْحُهُمَا لُغَةٌ فِيهِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ السُّهَيْلِيُّ لَمَّا جَاءَ الْبَشِيرُ إلَى يَعْقُوبَ أَعْطَاهُ فِي الْبِشَارَةِ كَلِمَاتٍ يَرْوِيهَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ يَا لَطِيفًا فَوْقَ كُلِّ لَطِيفٍ اُلْطُفْ بِي فِي أُمُورِي كُلِّهَا كَمَا أُحِبُّ وَرَضِّنِي فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي اهـ.
(قَوْلُهُ خَلْقُ قُدْرَةِ الطَّاعَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِعْلَ مَطْلُوبٍ أَوْ تَرْكَ مَعْصِيَةٍ ع ش (قَوْلُهُ وَلِعِزَّتِهِ) أَيْ نُدْرَةِ التَّوْفِيقِ فِي الْإِنْسَانِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا مَرَّةً فِي هُودٍ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ﴾ [هود: ٨٨] فِي الْحَدِيثِ «لَا يَتَوَفَّقُ عَبْدٌ حَتَّى يُوَفِّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى» وَفِي أَوَائِلِ الْإِحْيَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ.
قَالَ «قَلِيلٌ مِنْ التَّوْفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْعِلْمِ» نِهَايَةٌ أَيْ الْخَالِي عَنْ التَّوْفِيقِ ع ش (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّوْفِيقِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْآيَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ اللُّطْفِ أَوْ مِنْ مَعْنَى التَّوْفِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ الَّذِي هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الطَّاعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِعْلَ مَطْلُوبٍ أَوْ تَرْكَ مَعْصِيَةٍ (قَوْله وَصَرَّحَ أَهْلُ السُّنَّةِ) أَيْ أَئِمَّتُهُمْ وَعُلَمَاؤُهُمْ (قَوْلُهُ لُطْفًا) أَيْ نَوْعًا مِنْ اللُّطْفِ (قَوْلُهُ أَوْ الْإِيصَالِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ وَاسْتَحْسَنَ الرَّشِيدِيُّ حَمْلَ الْإِرْشَادِ عَلَى مَعْنَى الْإِيصَالِ وَالْهَادِي عَلَى مَعْنَى الدَّالِّ فِرَارًا عَنْ التَّكْرَارِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عُلِمَ عَدَدُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُتَنَاهِيَاتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الشَّيْءِ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا هُوَ الْمَوْجُودُ.
قَالَ الْإِمَامُ فِي تَفْسِيرِهِ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن: ٢٨] فَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ فَإِنْ قِيلَ إحْصَاءُ الْعَدَدِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُتَنَاهِي، وَأَمَّا لَفْظَةُ كُلَّ شَيْءٍ فَتَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَنَاهٍ فَيَلْزَمُ وُقُوعُ التَّنَاقُضِ فِي الْآيَةِ قُلْنَا لَا شَكَّ أَنَّ إحْصَاءَ الْعَدَدِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُتَنَاهِي، وَأَمَّا لَفْظَةُ كُلَّ شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَنَاهٍ لِأَنَّ الشَّيْءَ عِنْدَنَا هُوَ الْمَوْجُودَاتُ وَالْمَوْجُودَاتُ مُتَنَاهِيَةٌ فِي الْعَدَدِ وَهَذِهِ الْآيَةُ أَحَدُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَوْ كَانَ شَيْئًا لَكَانَتْ الْأَشْيَاءُ غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ وَقَوْلُهُ ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن: ٢٨] يَقْتَضِي كَوْنَ تِلْكَ الْمَحْصِيَّاتِ مُتَنَاهِيَةً فَيَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَوْنِهَا مُتَنَاهِيَةً وَغَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ، وَذَلِكَ مُحَالٌ يُوجِبُ الْقَطْعَ بِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَنْدَفِعَ التَّنَاقُضُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى.
وَحِينَئِذٍ فَلْيُنْظَرْ مَا مَوْقِعُ كَلَامِ الشَّيْخِ الشَّارِحِ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَمَعْنَى إلَخْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ دَفْعَ اعْتِرَاضٍ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ الَّذِي جَلَّتْ نِعَمُهُ عَنْ الْإِحْصَاءِ بِالْأَعْدَادِ بِأَنْ يُقَالَ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ عَدَدَ الْأَشْيَاءِ وَمِنْهَا النِّعَمُ فَكَانَ اللَّائِقُ فِي دَفْعِهِ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَلَا يَرِدُ قَوْلُهُ وَأَحْصَى إلَخْ لِأَنَّهُ فِي الْمَوْجُودَاتِ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالنِّعَمِ أَعَمُّ.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ مَا ذَكَرَهُ فَلَا يَتَّجِهُ مِنْهُ الدَّفْعُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَنِعَمُهُ تَعَالَى
1 / 19
وَهُوَ كَالرُّشْدِ ضِدَّ الْغَيِّ وَمِنْ أَعْظَمِ طُرُقِهِ وَأَفْضَلِهَا التَّفَقُّهُ فَلِذَا أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ (الْمُوَفِّقِ) أَيْ الْمُقَدِّرِ وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى مَنْ يُجِيزُ غَيْرَ التَّوْقِيفِيَّةِ إذَا لَوْ يُوهِمُ نَقْصًا
(لِلتَّفَقُّهِ) أَيْ التَّفَهُّمِ وَأَخْذِ الْفِقْهِ تَدْرِيجًا وَهُوَ أَعْنِي الْفِقْهَ لُغَةً الْفَهْمُ مِنْ فَقِهَ بِكَسْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ صَارَ الْفِقْهُ سَجِيَّةً لَهُ قِيلَ فَقُهَ بِضَمِّهَا، وَاصْطِلَاحًا الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ النَّاشِئَةِ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَمَوْضُوعُهُ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ تَعَاوُرُ تِلْكَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ وَاسْتِمْدَادُهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَالِاسْتِصْحَابِ وَمَسَائِلِهِ كُلُّ مَطْلُوبٍ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَفَائِدَتُهُ امْتِثَالُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ النَّوَاهِي وَغَايَتُهُ انْتِظَامُ أَمْرِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ مَعَ الْفَوْزِ بِكُلِّ خَيْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ (فِي الدِّينِ) وَهُوَ عُرْفًا وَضْعٌ إلَهِيٌّ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الْإِطْنَابِ وَلَا يُعَابُ فِيهِ بِتَكَرُّرِ نَحْوِ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ (قَوْلُهُ كَالرُّشْدِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ بِفَتْحِهِمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ ضِدُّ الْغَيِّ) وَهُوَ الْهُدَى وَالِاسْتِقَامَةُ وَهِدَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا لَا يُحْصِيهَا عَدٌّ لَكِنَّهَا تَنْحَصِرُ فِي أَجْنَاسٍ مُتَرَتِّبَةٍ الْأَوَّلُ إفَاضَةُ الْقُوَى الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا مِنْ الِاهْتِدَاءِ إلَى مَصَالِحِهِ كَالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ وَالثَّانِي نَصْبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ، وَالثَّالِثُ الْهِدَايَةُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ، وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ السَّرَائِرَ وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ بِالْوَحْيِ أَوْ الْإِلْهَامِ أَوْ الْمَنَامَاتِ الصَّادِقَةِ وَهَذَا قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِنَيْلِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ لَا يَظْهَرُ تَرَتُّبُ الرَّابِعِ عَلَى مَا قُبَيْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ بِرَأْسِهِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّ قَوْلَهُ مُتَرَتِّبَةً أَيْ فِي الْجُمْلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَعْقَبَهُ) كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْمُقَابِلَةِ عَلَى أَصْلِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِرَارًا مِنْ التَّعْقِيبِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَعْقَبَهُ مِنْ الْأَفْعَالِ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّاسِخِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُقَدَّرُ) مِنْ الْأَقْدَارِ بِمَعْنَى خَلْقِ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ إطْلَاقُ الْمُوَفِّقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تُوهِمْ) أَيْ الصِّفَةُ الْغَيْرُ التَّوْقِيفِيَّةِ
(قَوْلُهُ وَأَخْذِ الْفِقْهِ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلتَّفَهُّمِ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّفَقُّهَ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى مُطْلَقِ التَّفَهُّمِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا التَّفَهُّمُ الْمُتَعَلِّقُ بِخُصُوصِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى الْمُوَفِّقَ لِتَحْصِيلِ عِلْمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ كُرْدِيٌّ بِزِيَادَةِ إيضَاحٍ أَيْ فَيَنْدَفِعُ بِهِ مَا لسم هُنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتِمْدَادُهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مِنْ فِقْهٍ إلَى وَاصْطِلَاحًا وَقَوْلُهُ وَمَسَائِلُهُ إلَى وَغَايَتِهِ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ عَيْنِهِ) كَفَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ قِيلَ فَقُهَ بِضَمِّهَا) وَإِذَا سَبَقَ غَيْرَهُ إلَى الْفَهْمِ يُقَالُ فَقَهَ بِالْفَتْحِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحًا الْعِلْمُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِعِلْمِ الْمُقَلِّدِ بِالْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِقْهًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأُصُولِ فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ النَّاشِئِ لِيَكُونَ صِفَةً لِلْعِلْمِ بَدَلَ النَّاشِئَةِ الْوَاقِعِ صِفَةَ الْأَحْكَامِ خَرَجَ عِلْمُ الْمُقَلِّدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا التَّعْرِيفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُطْلِقُونَ الْفِقْهَ عَلَى مَا يَشْمَلُ عِلْمَ الْمُقَلَّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَأَبْدَلَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ النَّاشِئَةِ إلَخْ بِالْمُكْتَسَبِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ اهـ.
وَلَك أَنْ تُجِيبَ عَنْ الشَّارِحِ بِمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ مِنْ أَنْ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْمُشْتَقِّ مُشْعِرٌ بِعَلِيَّةِ مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ مِنْ حَيْثُ نَشْأَتُهَا عَنْ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ الْعَمَلِيَّةِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالنِّيَّةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ مَا يَشْمَلُ عَمَلَ الْقَلْبِ ع ش (قَوْلُهُ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِقَوْلِهِ بَلْ وَنِيَّتِهِ وَاعْتِقَادِهِ سم (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ تَعَاوُرُ تِلْكَ الْأَحْكَامِ) أَيْ عُرُوضِهَا مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الدِّينِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّفَقُّهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ التَّفَهُّمِ لَا كَمَا يَقْتَضِيهِ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ؛ لِأَنَّ الْفِقْهَ مِنْ الدِّينِ سم أَيْ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْمَحَلِّيُّ وَالْمُغْنِي عَلَى التَّفْسِيرِ بِالتَّفَهُّمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا لَفْظَةَ عُرْفًا وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَضْعٌ إلَهِيٌّ إلَخْ) عِبَارَةُ السَّيِّدِ فِي حَوَاشِي الْعَضُدِ.
وَأَمَّا الدِّينُ فَهُوَ وَضْعٌ إلَهِيٌّ سَائِقٌ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إلَخْ) إنْ كَانَ هَذَا التَّفْرِيعُ أَيْضًا عَلَى الْأَوَّلِ الشَّامِلِ لِمَا إذَا كَانَتْ النِّعْمَةُ غَيْرَ الْمُبْتَدَأَةِ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ مَا يُوجِبُهَا فَالْمُرَادُ بِالْمُوجِبِ حِينَئِذٍ الْمُقْتَضِي بِقَضِيَّةِ الْفَضْلِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ إذْ لَا يَجِبُ إلَخْ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِالثَّانِي أَشْكَلَ الْأَوَّلُ حِينَئِذٍ حَيْثُ اقْتَضَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحْضِ الْفَضْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ شُمُولُ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ الْمُبْتَدَأَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مُبْتَدَأَةٌ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ أَيْ التَّفَهُّمُ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ حَمْلُ التَّفَقُّهِ عَلَى مَعْنَى تَفَهُّمِ الْفِقْهِ فَلَا يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَفْسِيرِهِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا إذْ لَا يُتَفَهَّمُ الْفَهْمُ وَلَا الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ بَلْ نَفْسُ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحًا الْعِلْمُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِعِلْمِ الْمُقَلِّدِ بِالْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِقْهًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأُصُولِ فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ النَّاشِئِ لِيَكُونَ صِفَةً لِلْعِلْمِ بَدَلَ النَّاشِئَةِ الْوَاقِعِ صِفَةً لِلْأَحْكَامِ لَخَرَجَ عِلْمُ الْمُقَلِّدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا التَّعْرِيفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُطْلِقُونَ الْفِقْهَ عَلَى مَا يَشْمَلُ عِلْمَ الْمُقَلِّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِقَوْلِهِ بَلْ وَنِيَّتُهُ وَاعْتِقَادُهُ (قَوْلُهُ فِي الدِّينِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّفَقُّهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ التَّفَهُّمِ كَمَا يَقْتَضِيهِ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ لِأَنَّ الْفِقْهَ مِنْ الدِّينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ عُرْفًا وَضْعٌ إلَخْ) عِبَارَةُ السَّيِّدِ فِي حَوَاشِي الْعَضُدِ وَأَمَّا الدِّينُ فَهُوَ وَضْعٌ إلَهِيٌّ سَائِقٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ إلَى الْخَيْرِ بِالذَّاتِ
1 / 20