ومواضع الوقف عليها في القرآن ومذاهب القراء فيها
وهي المسماة " تحفة الملا في مواضع كلا "
تأليف
أبو بكر محمد بن علي النحوي
المعروف بابن المحلي
1- يقول راجي ربه الغفار *** محمد نجل علي الأنصاري
2- الحمد لله على النعماء *** في صحة الوقف والابتداء
3- باللفظ في كتابه المجيد *** فإنها من جملة التجويد
4- ثم صلاته مع السلام *** على النبي سيد الأنام
5- محمد رسوله الأمين *** وأهل بيته هداة الدين
6- ثم على أصحابه الأبرار *** من المهاجرين والأنصار
7- وبعد فالمقصود أن كلا *** لها معان فاحفظن تجلى
أخوتي في الله ، هذه منظومة " تحفة الملا في مواضع كلا " لابن المحلى في 56 بيتا ،وجدتها في مجلة المورد العراقية وهي مجلة تراثية فصلية في " العدد الثاني مجلد 17ص 158: 166" وفيها تحقيقات نادرة لكثير من المخطوطات العراقية خاصة ، وقد حقق هذه الأرجوزة الدكتور طه محسن سأنقل المنظومة وبعض التعليقات مع بعض الزيادة في الشرح والله الموفق.
حظى الحرف " كلا " بنصيب من الاهتمام لتعدد معانيه ، وتكرار وروده في القرآن الكريم فقد ورد في ثلاثة وثلاثين آية " وقد ذكر " كلا " ومعانيها أصحاب مؤلفات الوقف والابتداء كابن الإنباري والنحاس ، وأصحاب كتب علوم القرآن كالزركشي في البرهان والسيوطي في الإتقان ، واللغويون كالأزهري في تهذيب اللغة والمرتضى الزبيدي في تاج العروس ، والنحاة كسيبويه في الكتاب والزمخشري في المفصل ، وأفرد لها البعض مصنفا خاصا كابن فارس ( ت 395ه ) في رسالته ( مقالة كلا وما جاء منها في كتاب الله ) وهي مطبوعة ، وابن رستم الطبري في رسالته ( رسالة كلا في الكلام والقرآن ) وهي مطبوعة ، ومكي أبو طالب في رسالته ( الوقف على كلا وبلى في القرآن وهي مطبوعة .
وقد جاءت كلا في ثلاثة وثلاثين موضعا من القرآن تضمها خمس عشرة سورة تقع جميعها في النصف الثاني من القرآن .
صفحة ١
التعريف بالناظم :
هو أمين الدين محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن الأنصاري ، كنيته أبو بكر ، شهرته ابن المحلي نسبة إلى المحلة بمصر .
ولد سنة ست مائة للهجرة وهو من أهل القاهرة وأحد أئمة النحو بها توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وست مئة للهجرة .
من مصنفاته : التذكرة جمع فيه أشعار المحدثين ، الجوهرة الفريدة أرجوزة في العروض ، مختصر طبقات النحاة للزبيدي ، وتحفة الملا في مواضع كلا .
ملخص معاني الارجوزة :
أنهى ابن المحلي الأرجوزة في سنة ثلاث وستين وست مائة كما أشار في آخرها وهي عند على معنى الرد والإنكار والردع أو بمعنى حقا أو إلا، فيوقف عليها إذا جاءت بالمعاني الثلاثة الأولى ، ويبتدأ بها إذا كانت بمعنى حقا وإلا.
8- فمرة تأتي ، هديت سبلها *** لرد مذكور يكون قبلها
9- فقف عليها منكرا هنالك *** ورادعا لمن يقول ذلك
هذا هو المعنى الأول وهو معنى الرد والإنكار والردع ، فالواجب الوقف عليها نحو : " يحسب أن ماله أخلده . كلا " ( الهمزة 3،4) فالوقف على كلا هنا حسن .
10- وتارة تأتي بمعنى حقا *** فابدأ بلفظها تكن محقا
والمعنى الثاني بمعنى " حقا " نحو " كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين " ( المطففين 18) وقد اختلف القراء في الوقف عليها :
فمنهم من يقف عليها أينما وقعت ، ومنهم من يقف دونها ويبتدئ بها وهو الأولى وهو ما ذكره صاحب المنظومة .
11- وتارة تأتي للاستفتاح *** مثل ألا فابدأ بلا جناح
والمعنى الثالث أن تأتي للاستفتاح بمنعنى ألا نحو " كلا إنها كلمة هو قائلها" ( المؤمنون 100) فالإبتاء يكون بها والوقوف قبلها .
12- وقد أتت في محكم القرآن *** لكل ما قلنا من المعاني
13- فإن ترد اتقانها محصلا *** فاسمع وخذ بيانها مفصلا
شرع الشيخ الآن في تفصيل مواضع كلا في القرآن ، وهل نقف علها أم لا ؟ فإلى التفصيل :
صفحة ٢
14- فهو موضعان أتيا في " مريما " *** فقف عليهما فيهما وربما 15- تكون فيهما ك " حقا " أو " ألا " *** فإن بدأت لم تكن مجهلا .
قال المحقق : الموضعان { 1، 2} في سورة ( مريم ) أتيا في سياق الآيات ( 77- 81) قال تعالى " أفرأيت الذي كفر بآيتنا وقال لأوتين مالا وولدا * أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا * كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا * ونرثه ما يقول ويأتينا فردا * واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " .
قلت : في موضعي مريم يجوز :
1- الوقف عليهما والابتداء بما بعدهما .
2- الوقف على ما قبلهما والابتداء بهما على أنهما بمعنى حقا .
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في المقصد " الوقف على كلا تام لأنها زجر ورد لما قبلها ، وقيل : إنها بمعنى حقا وألا" بالتخفيف " لم يحسن السكوت على عهدا دون كلا " قال الأشموني في منار الهدى بعد كلام مشابه للسابق عن الوقف على كلا الثانية " تام : لأنها للردع والزجر كالتي قبلها .
16- وموضع قد جاء في قد أفلحا *** قف وابتديء مثل ألا فتفلحا
قال المحقق : ورد الموضع في سورة المؤمنون في سياق الآيتين 99 - 100: " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ".
قلت : قال في المقصد : " كلا الوقف حسن وقال ابو عمرو تام لأنها بمعنى الرد لما قبلها ، وجوز بعضهم أنها بمعنى حقا فيوقف على ما قبلها ويبتدأ بها "
والشيخ هنا يبين أنها بمعنى ألا المخففه وبالتالى فيوقف علي ما قبلها ويبتدأ بها .
17- وموضعان أتيا في الشعرا *** فقف عليها فيهما لتنكرا
18- في الموضعين وابتديء بالأول *** على كلا الوجهين ثم عول
صفحة ٣
19- في البدء بالثاني على الأخير *** وهو ألا واسمع من الخبير قال المحقق : الموضع الأول في سورة الشعراء في سياق الآيات 12-15 " قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون * قال كلا فاذهبا بآيتنا إنا معكم مستمعون "
قلت : الناظم يبين أن الوقف عليها تام فكلا رد لقوله إني أخاف أي لا تخف فإنهم لا يقدرون على ذلك فتقف على كلا وتبدأ بما بعدها .
قال مكي : ويجوز الابتداء ب " قال كلا فاذهبا " تجعله قولا واحدا وكلا بمعنى ألا على معنى قال ألا فاذهبا تجعلها افتتاح كلام محكي . ويجوز أن تكون كلا بمعنى حقا أي قال حقا فاذهبا ولا يحسن أن نبتديء بكلا لأن القول لا يوقف عليه دون المقول البتة .
قال المحقق : والموضع الثاني ورد في سياق الآيتين 61-62 " فلما ترائى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين " .
قلت هذا الموضع مثل سابقه فالوقف على كلا تام ثم البدء بما بعدها .
قال مكي : ويجوز الابتداء ب " قال كلا " على معنى قال ألا إن معي ربي سيهدين تجعلها افتتاح كلام محكي كله ولا يحسن أن يبتدأ ب " قال كلا " وتجعل كلا بمعنى حقا لأنه يلزم أن يفتح " إن " بعدها على ما تقدم ذكره ولم يقرأ بفتح " أن " أحد ولا يجوز أن يبتأ ب كلا لأن القول لا يوقف عليه دون مقول البتة .
20- وموضع في سبأ قد وقعا *** قف وابتديء على الطريقين معا
قال المحقق : الآية 27 من سورة سبأ " قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم " .
يقصد بالطريقين الوجهين في البيت ( 10، 11) بمعنى حقا وبمعنى ألا
قلت : قال في منار الهدى : الوقف على كلا تام والبدء بما بعدها عند أبي حاتم والخليل لأن المعنى كلا لا شريك لي ولا تروني ولا تقدرون على ذلك فلما أفحموا عن الإتيان بجواب وتبين عجزهم زجرهم عن كفرهم فقال" كلا " ثم استأنف "بل هو الله العزيز الحكيم" .
صفحة ٤
21- وموضعين في المعارج اعرف *** قف وابتديء على الأخير واكتف
قال المحقق : الموضع الأول من سورة المعارج جاء في سياق الآيات 11-15" يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه * كلا إنها لظى "
الوقف والابتداء على معنى ألا ولا يجوز الإبتداء على معنى حقا وهو المعنى الثالث من معاني كلا .
قلت : قال في المقصد :" الوقف على كلا أولى من ينجيه " وقال في منار الهدى " الوقف على كلا حسن عند الأخفش والفراء وأبي حاتم السجستاني وكلا بمعنى ألا فكأنه قال ألا لا ينجيه أحد من عذاب الله ثم ابتدأ إنها لظى "
قال المحقق : الموضع الثاني جاء في سياق الآيات 36-39" فما الذين كفروا قبلك مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين * أيطمع كل امريء منهم أن يدخل جنة نعيم * كلا إنا خلقناهم مما يعلمون "
قلت : قال في منار الهدى : " الوقف ( أي على كلا ) تام عند نافع ردا لما قبلها ، ويجوز الوقف على نعيم والابتداء بما بعدها على معنى ألا "
والخلاصة أنه في الموضعين يقف على كلا ويبدأ بما بعدها وهذا الوقف على معنى ألا الخفيفة .
والله أعلم
22- وقد أتت في سورة المدثر *** أربعة تظهر للمستحضر
23- وليس للأول في المنهج *** إلا الذي في سورة المعارج
24- والوقف في الثاني على قولين *** فابدأ به على كلا الوجهين
25- وقف على الثالث بالإجماع *** وابدأ به أيضا ولا تراعي
26- على كلا الوجهين أما الرابع *** ففي الوقوف عنده تنازع
27- أجازه قوم على التأكيد *** وليس هذا القول بالبعيد
28- وليس ردا للذي قد مرا *** واستبعد التأكيد بعض القرا
29- لأجل ما بينهما قد فصلا *** وإن تشأ فابدأ به مثل ألا
قال المحقق : سياق المواضع الأربعة في سورة الدثر جاءت على الشكل التالي :
صفحة ٥
الموضع الأول : الآيات 11-17 " ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد * كلا إنه كان لآياتنا عنيدا " .
الذي تقدم في الكلام على البيت 21 الخاص بسورة المعارج الوقف والابتداء على معنى ألا ولا يجوز الابتداء على معنى حقا .
قلت : قال في المقصد: " الوقف على كلا تام وأجازوا الوقف على أن أزيد ويبتدأ بكلا بجعلها بمنعى ألا "
قال المحقق : والثاني الآيتان 31- 32 " وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر * كلا والقمر "
ومعنى كلا الوجهين كما قررهما في البيتين 10، 11 معنى حقا ومعنى ألا .
قال مكي : " الوقف على كلا لا يحسن ؛ لأنك لو وقفت عليها لصارت ردا لما قبلها وما قبلها لا يرد ولا ينكر . والابتداء بها حسن على معنى ألا والقمر وحقا والقمر أي حقا ما أقول والقمر ، وقد أجاز قوم الوقف هنا على كلا جعلوها ردا لما تضمنته الآية مما أتى في التفسير من قول ذي الأشدين لأصحابه عند نزول قوله تعالى في خزنة جهنم { عليها تسعة عشر } قال لهم أنا أكفيكم سبعة عشر واكفوني أنتم اثنين . وهو مذهب الطبري وهذا بعيد لأنه لفظ لم يتضمنه معنى لفظ الآية .
قال المحقق : الموضع الثالث والرابع في سياق الآيات 49- 54" فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة * بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة * كلا بل لا يخافون الآخرة * كلا إنه تذكرة ".
صفحة ٦
قلت الموضع الثالث " كلا بل لا يخافون الآخرة " لك الوقف عليه ، ولك أيضا البدء به على معنى حقا وألا وهذا مقصوده من قوله على كلا الوجهين .
قال صاحب منار الهدى : " وقيل كلا - الوقف عليها حسن كالسابق عليها - على أنها للردع على معنى أن الكفار لا يعطون الصحف التي أرادوها ثم استأنف بل لا يخافون الآخرة وإن جعلت كلا بمعنى ألا التي للتنبيه حسن الابتداء بها " .
قال المحقق : قال مكي في كلامه على الموضع الرابع : " الوقف على كلا لا يجوز لأنك كنت تنفي بها ما حكى الله عنهم من أنهم لا يخافون الآخرة فإن جعلتها للنفي على أنها تأكيد لكلا الأولى جاز الوقف عليها عند بعض العلماء وهو مذهب أبي حاتم والكسائي ونصير يجعلونها ردا وتأكيدا لكلا الأولى فتنفي ما نفته الأولى وهذا بعيد لأن التأكيد لا يفرق بينه وبين المؤكد وقد أجازوا الوقف على كلا الأولى وكيف يجوز الوقف عليها والثانية عندهم تأكيد لها ؟ فيفرقون بين المؤكد وتوكيده وفيه بعد آخر أيضا إشكال المعنى فلا يحسن الوقف عليها عندنا . ويجوز الابتداء بها على معنى ألا إنه تذكرة ولا يجوز الابتاء بها على معنى حقا أنه تذكرة لأنه يلزم فتح إن .
30- وقد أتت في سورة القيامة *** ثلاثة يعرفها العلامة
31- في الوقف في الأول خلف قد ذكر *** ومنعه في الباقيين مشتهر
32- وإن لا سكت قرأت كن غيتا *** فابدأ بأي المعنيين شئتا
قال المحقق : سياق المواضع الثلاثة من سورة القيامة جاءت على الشكل الآتي :
الموضع الأول الآيات 7-11" فإذا برق البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر"
صفحة ٧
قال مكي : الوقف على كلا لا يحسن لأنك لو وقفت عليها لنفيت ما حكى الله جل ذكره من قول الإنسان يوم القيامة أين المفر ؟ وقد أجاز قوم الوقف عليها وجعلوها ردا لما طمع به الإنسان من إصابته مفرا ذلك اليوم فيكون التقدير : لا موضع يلجأ إليه ذلك اليوم ثم ابتدأ لا وزر بتكرير المعنى للتأكيد إذ قد اختلف اللفظان وهذا قول . والأول أجود لأن هذا معنى قد تضمنه قوله تعالى " لا وزر " فالوقف الحسن " لا وزر " ويحسن الابتداء ب " كلا " وعلى معنى حقا أمكن وأبلغ في المعنى لأنها تكون تأكيدا لعدم الملجأ من الله يوم القيامة .
والموضعين الثاني والثالث الآيات 16-26" لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرآناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه * كلا بل تحبون العاجلة * وتذرون الآخرة * وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة * ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة * كلا إذا بلغت التراقي "
قال المحقق : " قرأت كن غيتا " كذا ورد الشطر في المخطوط ولم أتبين صحة رسمه .
ومقصود الناظم في هذا البيت أن الابتداء ب " كلا " في المواضع الثلاثة يكون على معنيين معنى حقا ومعنى ألا .
قلت ولا يوقف على كلا هنا لأنها ليست مبعنى الردع .
33- وموضعان في النبأ فالأول *** لم يقفوا فيه ولم يعولوا
34- على خلاف لنصير ذكرا *** وابدأ على الوجهين فيما سطرا
35- كذلك لا وقف على الثاني ولا *** تبدأ به إلا ب " ثم " أولا
قال المحقق : الموضعان وردا في سورة النبأ في سياق الآيات 1-5" عم يتسائلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون * كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون " .
قوله " على خلاف لنصير " في المخطوط " للبصير " والصواب ما أثبته وهو نصير بن يوسف تلميذ الكسائي له تصنيف في رسم المصحف توفي قي حدود 240ه ينظر غاية النهاية لابن الجزري 2/340، وبغية الوعاة 2/216.
صفحة ٨
قال مكي " والوقف علة كلا لا يحسن لأنك كنت تنفي ما حكى الله من اختلافهم في النبأ العظيم وهو القرآن وذلك لا ينفى لأنه قد كان . وقد أجاز نصير الوقف عليها ويجعلها نفيا لما تضمنته تأويل الآية من نفي المشركين للبعث وذلك بعيد لأنه لفظ لم تتضمنه معنى الآية وإنما تكون كلا نافيا لما هو موجود في لفظ النص وفي الوقف عليها اشكال ، لأنه لا يعلم ما نفت للفظ الآية أن ما تضمنه اللفظ من التأويل فلا يحسن الوقف عليها في هذا الموضع وحكى عن نصير أنه وقف عليها على تأويل أنها رد لتحقيق الاختلاف قال تقديره كلا لا اختلاف فيه وأنكر أبو حاتم الاوقف على كلا في هذا .
36- وبعد هذا موضعان في عبس *** الوقف في الأول عنهم يقتبس
37- وأبدأ على معنى ألا وأما *** ثانيهما فلا وقوف حتما
38- وابدأ بأي المعنيين كانا *** وموضع في الإنفطار بانا
قال المحقق : الموضع الأول في سياق الآيات 8-11" وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى * كلا إنها تذكرة "
قال مكي عن الموضع الأول " الوقف على كلا لا يحسن لأنك كنت تنفي ما حكى الله عز وجل من أمر النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن أم مكتوم ، وقد أجازه بعضهم وهو مروى عن نافع ونصير وقال نصير معنى كلا هنا ليس إلا هذا الحق . وقيل معنى الوقف على معنى لا تعرض عن هذا وتقبل على هذا وهو وجه صالح ترك الوقف عليها أمكن وأبين .
قال المحقق : والموضع الثاني فس سياق الآيات 17-23 " قتل الانسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أناته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره * كلا لما يقضي ما أمره "
قلت : يقصد بالمعنيين حقا وألا تقف على أنشره ثم تبدأ كلا .
39- ليس في الابتدا به توقف *** ويبعد الوقف وقوم وقفوا
صفحة ٩
40- وأولوا الرد على معنى انتبه *** فإنه ليس كما غررت به قال المحقق : ورد الموضع في سورة الانفطار في سياق الآيات 6-9" يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك * كلا بل تكذبون بلدين "
قال مكي " الوقف على كلا لا يحسن لأنك كنت تنفي ما أخبر الله به من أنه يصور الإنسان في أي صورة شاء في صورة أب أو أم أو خال أو عم أو حمار أو خنزير . وذلك حق لا ينبغي . وقد أجازه نصير على معنى لا يؤمن هذا الإنسان بذلك وقيل معنى الوقف ليس كما غررت به وفيه بعد للإشكال "
41- وفي المطفيين جاءت أربع *** قف وابتدئ مثل ألا لا تمنع
42- وقال قوم بامتناع الوقف *** في اللفظة الأولى فتابع وصفي
قال المحقق : الموضع الأول الآيات 4-7" ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين * كلا إن كتاب الفجار لفي سجين "
قال مكي : الوقف على كلا لا يحسن لأنك كنت تنفي قيام الناس لرب العالمين وذلك لا ينفى بل هو حق لا شك فيه وقد أجاز الطبري الوقف عليها نفيا لما يظن المشركون من عدم الحشر والبعث ودل على هذا النعنى قوله تعالى { ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم } والوق على هذا التقدير بعيد لأنه لا يدري ما نفت أإثبات البعث نفت أن نفيه ؟ ولأن الذي يقرب منها أولى بأن تكون نفيا له ممابعد منها والذي يقرب منه لا يجوز نفيه لأنه إثبات للبعث والحشر وذلك لا ينتفي ففي الوقف عليها إشكال ظاهر إذ لا يعلم مانفت إلا بدليل آخر فترك ذلك أحسن وأولى فاعلم . وعلل نصير جواز الوقف عليها بأن قال معناها كلا لا يسوغ لكم النقص جعلها ردا لما في أول السورة .
صفحة ١٠
قال المحقق : والثاني والثالث والرابع الآيات 10-18" ويل يومئذ للمكذبين * الذين يكذبون بيوم الذين * وما يكذب به إلا كل معتد أثيم * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين * كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا إنهم عن ربهم يومئذ لحجوبون * ثم إنهم لصالوا الحجيم * ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون * كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين "
قلت : قال في منار الهدى : عند أبي حاتم : وكلا عنده بمعنى ألا التي للتنبيه يبتأ بها الكلام وقال أبو عمرويوقف عليها ردا وزجرا لما كانوا عليه من التطفيف . والمعنى الأول هو المعنى الموافق لقول الناظم .
43- وموضعان أتيا في الفجر *** والوقف في الأول جا للزجر
44- وابدأ على الوجهين أما الثاني *** ففي الوقوف عنده قولان
45- وأبدأ عليهما وجاء في العلق *** ثلاثة يبدأ بالذي سبق
قال المحقق : ورد الموضعان في سورة الفجر في سياق الآيات 15- 21" فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن * كلا بل لاتكرمون اليتيم * ولا تحاضون على طعام المسكين * وتأكلون التراث أكلا لما * وتحبون المال حبا جما * كلا إذا دكت الأرض دكا دكا "
قال مكي الوقف على كلا لا يحسن لأنك كنت تنفي ما أخبر الله تعالى به من كثرة حبنا للمال وذلك لا يجوز فيه وأجاز نصير الوقف على كلا والمعنى عنده لا يغني عنكم جمع المال وتوفيره .
المقصود بالوجهين وعليهما معنى حقا وألا الخفيفه .
46- مثلا ألا وبعضه قد وقفا *** وليس بالمختار فيه فاعرفا
47- وابدأ على الوجهين في ثانيهما *** وقف على قوله تكن نبيها
48- والحكم في الثالث ما شئت اصنع *** في الابتدا والوقف فالكل وعي
سياق المواضع الثلاثة من خلال سورة العلق
الموضع الأول " علم الانسان ما لم يعلم * كلا إن الانسان ليطغى "
صفحة ١١
قال مكي الوقف على كلا لا يحسن لأنك كنت تنفي ما قد حكى الله من أنه علمنا ما لم نكن نعلم ونفي ذلك كفر ... وقد أجاز بعضهم الوقف على كلا على معنى لا يعلم الإنسان أن الله علمه ثم استأنف " إن الانسان ليطغى" وفيه بعد للاشكال الداخل فيه والاحتمال ومخالفة ما روي من التفسير .
الموضع الثاني قال تعالى : " أرأيت أن كان على الهدى أو أمر بالتقوى * أرأيت إن كذب وتولى * ألم يعلم بأن الله يرى * كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية "
قلت كلا هنا على معنى الوجهين حقا أو ألا الخفيفة
الموضع الثالث " فليدع ناديه * سندع الزبانية * كلا لا تطعه "
قلت في هذا الموضع لك الأحكام الثلاثة الوقف على كلا للرد والزجر أو البدء بما بعدها بمعنى حقا أو ألا كلا
49- وجاء في ألهاكم التكاثر *** ثلاثة منها فأما الآخر
50- فالابتدا بالمعنيين جيد *** والوقف عند بعضهم مؤيد
51- والأولان إن نظرت رتبا *** على نظام الموضعيين في النبا
قال المحقق :المواضع الثلاثة وردت في سياق أيات سورة التكاثر 1-6 " ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر * كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون * كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم "
الموضع الثالث " كلا لو تعلمون علم اليقين " قال مكي وأجاز بعضهم الوقف على كلا الثالثة على معنى لا يؤمنون بهذا الوعيد "
قلت المعنيين المقصود حقا وألا المخففة .
52- وبعد هذا موضع في الهمزة *** مستحسن الوقف لمن يميزه
53- والابتدا بالمعنيين جائز *** فإن تجد حفظا فأنت الفائز
قال المحقق : الموضع في سيا الآيات 1-4 من سورة الهمزة " ويل لكل هموة لمزة * الذي جمع مالا وعدده * يحسب أن ماله أخلده * كلا لينبذن في الحطمة "
54- فقد كفيت كلفة التطويل *** هذا ختام القول في التفصيل
55- نظمتها بالله مستعينا *** في سنة الثلاث والستينا
صفحة ١٢
56- من بعد ست مئة للهجرة *** أرجو بها ثوابه وأجره والحمد لله أوله وآخره أثاب الله ناظمه ومحققه وكاتبه ومن قرأه ..
صفحة ١٣