تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٠ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
علوم الحديث
قَوْلُهُ (وَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ بن سِيرِينَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو بكر بن أبي عَمْرَةَ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ عَابِدٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ كان لايرى الرواية بالمعنى من الثالثة مات سنة ٠١١ عشر وَمِائَةٍ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَكَرِهَ ذَلِكَ آخَرُونَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَقَوْلُهُمْ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ الْبَابِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَرَبْطُ النَّهْيِ بِعِلَّةِ إِفْضَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ يَصْلُحُ قَرِينَةً تَصْرِفُ النَّهْيَ عَنْ التَّحْرِيمِ إِلَى الْكَرَاهَةِ (قِيلَ لَهُ) أَيْ لِابْنِ سِيرِينَ (يُقَالُ إِنَّ عَامَّةَ الْوِسْوَاسِ مِنْهُ فَقَالَ رَبُّنَا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلتِّرْمِذِيِّ فَهُوَ الْمُتَوَحِّدُ فِي خَلْقِهِ لَا دَخْلَ لِلْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْخَلْقِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَابِهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْأَشْيَاءِ أَسْبَابًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجَنُّبِ عَنْ الْأَسْبَابِ الْقَبِيحَةِ
أَقُولُ عُلِمَ قُبْحُهُ بِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ انْتَهَى كلام أبي الطيب (وقال بن الْمُبَارَكِ قَدْ وُسِّعَ فِي الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ إِذَا جَرَى فِيهِ الْمَاءُ) قَالَ الْحَافِظُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ حَمَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمُغْتَسَلُ لَيِّنًا وَلَيْسَ فِيهِ مَنْفَذٌ بِحَيْثُ إِذَا نَزَلَ فِيهِ الْبَوْلُ شَرِبَتْهُ الْأَرْضُ وَإِذَا اِسْتَقَرَّ فِيهَا فَإِنْ كَانَ صُلْبًا بِبَلَاطٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ يَجْرِي عَلَيْهِ الْبَوْلُ وَلَا يَسْتَقِرُّ أَوْ كَانَ فِيهِ مَنْفَذٌ كالبالوعة ونحوها فلا نهي
روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا كَانَ يسيل فلا بأس وقال بن مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ إِنَّمَا هَذَا فِي الْحَفِيرَةِ فَأَمَّا الْيَوْمَ لِمُغْتَسَلَاتِهِمْ الْجِصُّ وَالْقِيرُ فَإِذَا بَالَ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّمَا نَهَى عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ إِذَا كَانَ صُلْبًا يَخَافُ مِنْهُ إِصَابَةَ رَشَاشَهٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْفَذٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ وَهُوَ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ الْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُمْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى الْأَرْضِ اللَّيِّنَةِ وَحَمَلَهُ هُوَ عَلَى الصُّلْبَةِ وَقَدْ لَمَحَ هُوَ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الصُّلْبَةِ يَخْشَى عَوْدَ الرَّشَاشِ بِخِلَافِ الرِّخْوَةِ وَهُمْ نَظَرُوا إِلَى أَنَّهُ فِي الرِّخْوَة يَسْتَقِرُّ مَوْضِعُهُ وَفِي الصُّلْبَةِ يَجْرِي وَلَا يَسْتَقِرُّ فَإِذَا صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ ذَهَبَ أَثَرُهُ بِالْكُلِّيَّةِ
انْتَهَى
وَالَّذِي قَالَهُ النَّوَوِيُّ سَبَقَهُ إِلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ كَمَا عَرَفْتُ آنِفًا
قُلْتُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَلَا يُقَيَّدَ الْمُسْتَحَمُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُيُودِ فَيُحْتَرَزُ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مسلك أم لا سواء كَانَ الْمَكَانُ صُلْبًا أَوْ لَيِّنًا فَإِنَّ الْوِسْوَاسَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ الَّذِي لَهُ مَسْلَكٌ أَيْضًا وَكَذَلِكَ قَدْ يَحْصُلُ الْوِسْوَاسُ منه في
1 / 82