تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٠ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
علوم الحديث
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أُمُّهُ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الْحَنَفِيَّةُ نُسِبَ إِلَيْهَا رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ بَنُوهُ إِبْرَاهِيمُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَخَلْقٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَكْثَرَ وَلَا أَصَحَّ مِمَّا أَسْنَدَ مُحَمَّدُ بن الْحَنَفِيَّةِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ ثِقَةٌ عَالِمٌ مِنْ الثَّانِيَةِ مَاتَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ
قَوْلُهُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ بِالضَّمِّ وَيُفْتَحُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ وَسَمَّى النَّبِيُّ ﷺ الطهور مفتاحا مجاز لِأَنَّ الْحَدَثَ مَانِعٌ مِنْ الصَّلَاةِ فَالْحَدَثُ كَالْقُفْلِ مَوْضُوعٌ عَلَى الْمُحْدِثِ حَتَّى إِذَا تَوَضَّأَ اِنْحَلَّ الْغَلْقُ وَهَذِهِ اِسْتِعَارَةٌ بَدِيعَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا النُّبُوَّةُ وَكَذَلِكَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ مُغْلَقَةٌ يَفْتَحُهَا الطَّاعَاتُ وَرُكْنُ الطَّاعَاتِ الصلاة قاله بن الْعَرَبِيِّ
وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ قَالَ الْمُظْهِرِيُّ سَمَّى الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ تَحْرِيمًا لِأَنَّهُ يُحَرِّمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَغَيْرَهُمَا عَلَى الْمُصَلِّي فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ مُقَارِنًا بِهِ النِّيَّةَ انْتَهَى
قال القارىء وَهُوَ رُكْنٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَشَرْطٌ عِنْدَنَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِالتَّكْبِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ وَفِي قَوْلِهِ تعالى وربك فكبر هُوَ التَّعْظِيمُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ خُصُوصِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَفَادَهُ التَّعْظِيمُ وَالثَّابِتُ بِبَعْضِ الْأَخْبَارِ اللَّفْظُ الْمَخْصُوصُ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ حَتَّى يُكْرَهَ لِمَنْ يُحْسِنُهُ تَرْكُهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْقِرَاءَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَفِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ التعديل كذا في الكافي قال بن الْهُمَامِ وَهَذَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ ظَاهِرًا وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُوَاظَبَةِ الَّتِي لَمْ تَقْتَرِنْ بِتَرْكٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى هَذَا انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ
قال بن الْعَرَبِيِّ قَوْلُهُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ خِلَافًا لِسَعِيدٍ وَالزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ إِنَّ الْإِحْرَامَ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ
وَقَوْلُهُ التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي اِخْتِصَاصَ إِحْرَامِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ صِفَاتِ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَلَالِهِ وَهُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وذكر اسم ربه فصلى فَخَصَّ التَّكْبِيرَ بِالسُّنَّةِ مِنْ الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ فِي الْقُرْآنِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ اِتَّصَلَ فِي ذَلِكَ فِعْلُهُ بِقَوْلِهِ فَكَانَ يُكَبِّرُ ﷺ وَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يجوز بكل لفظ فيه تعظيم الله تعالى لِعُمُومِ الْقُرْآنِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ ضَعِيفٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بِقَوْلِكَ اللَّهُ الْأَكْبَرُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ بِقَوْلِكَ اللَّهُ الْكَبِيرُ أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ زِيَادَةٌ لَمْ تُخِلَّ بِاللَّفْظِ وَلَا بِالْمَعْنَى وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَتَعَلَّقَ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ التَّكْبِيرُ قُلْنَا لِأَبِي يُوسُفَ إِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ اللَّفْظِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْفِعْلُ فَفَسَّرَ الْمُطْلَقَ فِي الْقَوْلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي الْعِبَارَاتِ الَّتِي يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا التَّعْلِيلُ وَبِهَذَا يَرُدُّ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فَإِنَّ الْعِبَادَاتِ إِنَّمَا تُفْعَلُ عَلَى الرَّسْمِ الْوَارِدِ دُونَ نَظَرٍ إِلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَعْنَى قَالَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا قَوْلُهُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي اِخْتِصَاصَ التَّكْبِيرِ بِالصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الَّذِي هُوَ بَابٌ شَأْنُهُ التَّعْرِيفُ كَالْإِضَافَةِ وَحَقِيقَةُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ
1 / 33