تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

عبد الرحمن المباركفوري ت. 1353 هجري
22

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هجري

مكان النشر

بيروت

لَهُ أَدْنَى مُنَاسَبَةٍ بِفَنِّ الْحَدِيثِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ وَقَعَ صاحب الطيب الشذى ها هنا فِي مَغْلَطَةٍ عَظِيمَةٍ فَظَنَّ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَالِدَ سُهَيْلٍ هَذَا هُوَ أَبُو صَالِحٍ الَّذِي اسمه ميناء حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ مَوْلَى ضُبَاعَةَ لين الحديث من الثالثة واسمه ميناء بِكَسْرِ الْمِيمِ انْتَهَى وَالْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ أَنَّهُ كَيْفَ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَغْلَطَةِ مَعَ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَدْ صَرَّحَ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَالِدَ سُهَيْلٍ هُوَ أَبُو صَالِحٍ السمان واسمه ذكوان ثم قد حَكَمَ التِّرْمِذِيُّ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَكَيْفَ ظَنَّ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَالِدَ سُهَيْلٍ هو أبو صالح الذي اسمه ميناء وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ (إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ) هَذَا شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَكَذَا قَوْلُهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ قَطْرِ الْمَاءِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ (فَغَسَلَ وَجْهَهُ) عُطِفَ عَلَى تَوَضَّأَ عَطْفَ تَفْسِيرٍ أَوْ الْمُرَادُ إِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ) جَوَابُ إِذَا (كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا) أَيْ إِلَى الْخَطِيئَةِ يَعْنِي إِلَى سَبَبِهَا إِطْلَاقًا لِاسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ مُبَالَغَةً (بِعَيْنَيْهِ) قَالَ الطِّيبِيُّ تَأْكِيدٌ (مَعَ الْمَاءِ) أَيْ مَعَ اِنْفِصَالِهِ (أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوَ هَذَا) قِيلَ أَوْ لِشَكِّ الرَّاوِي وَقِيلَ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَالْقَطْرُ إِجْرَاءُ الْمَاءِ وَإِنْزَالُ قَطْرِهِ كَذَا فِي المرقاة قلت أو ها هنا لِلشَّكِّ لَا لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَ هَذَا قَالَ الْقَاضِي الْمُرَادُ بِخُرُوجِهَا مَعَ الْمَاءِ الْمَجَازُ وَالِاسْتِعَارَةُ فِي غُفْرَانِهَا لِأَنَّهَا ليست بأجسام فتخرج حقيقة وقال بن الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ قَوْلُهُ خَرَجَتْ الْخَطَايَا يَعْنِي غُفِرَتْ لِأَنَّ الْخَطَايَا هِيَ أَفْعَالٌ وَأَعْرَاضٌ لَا تَبْقَى فَكَيْفَ تُوصَفُ بِدُخُولٍ أَوْ بِخُرُوجٍ ولكن الباريء لَمَّا أَوْقَفَ الْمَغْفِرَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ فِي الْعُضْوِ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا بِالْخُرُوجِ انْتَهَى قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ بن الْعَرَبِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ بَلْ الظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَطَايَا تُورِثُ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ سَوَادًا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَرْبَابُ الْأَحْوَالِ وَالْمُكَاشَفَاتِ وَالطَّهَارَةُ تُزِيلُهُ وَشَاهِدُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ المصنف والنسائي وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يكسبون وأخرج أحمد وبن خزيمة عن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ الْجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ الثَّلْجِ وإنما خَطَايَا الْمُشْرِكِينَ قَالَ السُّيُوطِيُّ فَإِذَا أَثَّرَتْ الْخَطَايَا فِي الْحَجَرِ فَفِي جَسَدِ فَاعِلِهَا أَوْلَى فَإِمَّا أَنْ يُقَدَّرَ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ أَثَرُ خَطِيئَتِهِ أَوْ السَّوَادُ الَّذِي أَحْدَثَتْهُ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إن الخطيئة

1 / 25