وفي بيان الشرع قال أخبرنا أبو محمد الفضل بن الحواري عن زياد بن مثوبة أنه أخبره بأنه لما أراد المسلمون أن يعزلوا محمد بن أبي عفان حضر موسى ابن أبي جابر العسكر وهو شيخ كبير مشدود على حاجبيه بعمامة وهو نائم على سرير في العسكر , وقد خرج وراث يريد العسكر مناظرا محتجا لابن أبي عفان إذ أرادوا عزله؛ فقالوا لموسى من إمامنا فقال موسى أنا إمامكم فلما وصل وارث إلى نزوى أخذ موسى بيده فقدمه إماما قال فما علمنا أن أحدا من الناس عاب ذلك على وارث.
وقال أبو قحطان أخرج المسلمون ابن أبي عفان من نزوى حين ظهرت منه أحداث لم تعجبهم ولم يرضوا سيرته أخرجوه من نزوى باحتيال , فلما خرج من نزوى اجتمعوا واختاروا لأنفسهم إماما فقدموا وراث بن كعب , قال ولو كان لابن أبي عفان أصل إمامة ما قدموا عليه وارث بن كعب حتى يظهروا للناس ما يحل به عزله ويحتجوا عليه؛ قال فوطئ وارث أثر السلف الصالح من المسلمين وسار في عمان بالحق وظهرت دعوة المسلمين بعمان وعز الإسلام وخمد الكفر.
وقال أبو الحسن بايعوا وارث بن كعب على ما بويع عليه أئمة العدل وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشرى في سيبل الله وإظهار الحل وإخماد الباطل , والجهاد في سبيل الله؛ وتقال الفئة الباغية , وكل فرقة امتنعت من الحق حتى توفئ إلى أمر الله لا يستحلون منهم غنيمة مال ولا سبي عيال ولا انتحال هجرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسموا بالشرك أهل القبلة ما بينوا الشهادة؛ قال فقام وارث بالحق ما شاء الله والمسلمون عنه راضون , وله موازرون وعليه مجتمعون ولمن امتنع من طاعته مفارقون.
وما ذكره بعضهم في سبب اختيار المسلمين للوارث تحتمل صحته وأن صح فالظاهر إن ذلك كان في وقت الجبابرة من بني الجلندى قبل ظهور المسلمين عليهم؛ فتكون تلك الحالة منقبة للوارث محفوظة له منذ مدة من الزمان فظهرت ثمرتها في أوانها برغبة المسلمين في تقديمه.
صفحة ٩٣