سواء قيل: إن التكاليف شكر أو جارية مجراه أو أنها لطف أو جارية مجرى اللطف، قال المبين (2) للأمة عليه السلام: ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله عز وجل جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل جزاهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا مما هو من المزيد أهله. انتهى وقال تعالى: {ليجزيهم أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله} فقد صرح بجزاء الأعمال وما بقي فمن مزيد فضله كما قال تعالى: {الذي أحلنا دار المقامة من فضله}، وفي أخرى: {في رحمة منه وفضل}، ولذا قال: (ولا يمنع كون العمل) أي البر (سببا للرحمة) لا ثمنا لها. قال في النهج: حمدا يكون لحقه قضاء ولشكره أداء، وإلى ثوابه مقربا، ولحسن مزيده موجبا. وقوله: [أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم، والموجبة على الله حقكم] وكم آية مصرحة للجزاء في الجهتين بهذا المقال تنحل إشكالات عديدة أعظمها ما ورد على كلام الهادي عليه السلام حيث صرح بوجوب الثواب على الله سبحانه مع قوله إن التكاليف شكر فمن أين أن الشاكر يستحق الجزاء على الشكر، والشكر في نفسه جزاء ولا يخفى أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام وكثيرا من الآل يطلقون لفظة الوجوب على الله بمعنى تنزيه الوعد منه تعالى عن الخلف، وهو الظاهر من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، وقد روى معاذ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، يا معاذ، هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ألا يعذبهم، رواه الشيخان في صحيحيهما، وقد ورد في الحديث: [أني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم حراما] رواه مسلم في صحيحه.
صفحة ٢٣