تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران
الناشر
مؤسسة النور للطباعة والتجليد
رقم الإصدار
الأولى
مكان النشر
الرياض
تصانيف
حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ فذكره بنحوه.
وذكر ابن عبد البر أيضا: (أن الله تعالى أوحى إلى جبريل أن اخسف بقرية كذا وكذا قال: يارب إن فيهم فلانا العابد، قال: به فابدأ، إنه لم يتمعر وجهه فيّ يوما قط) وقد رواه البيهقي في شعب الإيمان من حديث جابر ﵁ عن النبي ﷺ فذكره بنحوه.
وروى أبو نعيم في الحلية من حديث مكحول عن واثلة بن الأسقع ﵁ مرفوعا، قال: (يؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له ذنبا فيقول له: هل كنت توالي أوليائي، قال: كنت من الناس سلما، قال: فهل كنت تعادي أعدائي، قال: رب لم يكن بيني وبين أحد شيء، فيقول الله ﷿: لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي).
إذا علم هذا فأهل العقل المعيشي لا يرون بمداهنة البدع والفسوق والعصيان بأسا، وكثير منهم لا يرون بمداهنة الكفار والمنافقين بأسا. وبعض أهل الجهل المركب منهم ينكرون على من يهجر أهل البدع والفسوق والعصيان ويكفهر في وجوههم ويعدون ذلك من الهجر الذي نهى عنه رسول الله ﷺ بقوله: (لا تهاجروا) وقوله: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث). وقد سمعت هذا من بعض الخطباء والقصاص منهم والحامل لهم على التسوية بين الهجر الديني وهو ما كان لله وبين الهجر الدنيوي وهو ما كان لحظ النفس لا يخلو من أحد أمرين:
1 / 38