تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران
الناشر
مؤسسة النور للطباعة والتجليد
رقم الإصدار
الأولى
مكان النشر
الرياض
تصانيف
والموالاة والمعاداة عقلان:
أحدهما: عقل مسدد موفق قاهر للهوى والنفس الأمارة بالسوء قد استنار بنور الإيمان وصار الحاكم عليه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فهذا العقل يقتضي من أصحابه أن لا يقدموا على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله ﷺ شيئا أبدا ويقتضي من أصحابه أن يحبوا في الله ويبغضوا في الله ويوالوا في الله ويعادوا في الله ويعطوا لله ويمنعوا لله ويسارعوا إلى كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال سواء رضي الناس أو سخطوا لا تأخذهم في الله لومة لائم، وما أقل أهل هذا العقل في هذه الأزمان المظلمة.
والعقل الآخر: عقل معيشي نفاقي مخذول قد قهرته النفس الأمارة بالسوء وأسرته الحظوظ الدنيوية والشهوات النفسية وصار الحاكم عليه الهوى فمحبته لهواه وبغضه لهواه وموالاته لهواه ومعاداته لهواه وبذله لهواه ومنعه لهواه. فهذا العقل يقتضي من أربابه أن يتملقوا لسائر أصناف الناس بألسنتهم ويحسنوا السلوك مع الصالح والطالح، وهذا العقل هو الغالب على أكثر الناس في زماننا عامتهم وخاصتهم وما أكثره في المنتسبين إلى العلم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقد روى الترمذي عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ألسنتهم أحلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله أبي تغترون أم علي تجترئون فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا).
1 / 36