ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
قال ابن رجب ﵀: «هذا منزع من قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (١). فإن السؤال هو دعاؤه والرغبة إليه، والدعاء هو العبادة.
واعلم أن سؤال الله ﷿ دون خلقه هو المتعين، لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضر ونيل المطلوب، وجلب المنافع ودرء المضار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة» (٢).
ومن الثقة في الله في استجابة الدعاء أن يحرص المسلم على الصبر وعدم الاستعجال، فعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «يستجاب لأحدكم ما لم يجعل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» (٣).
قال ابن حجر ﵀: «وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أن يلازم الطلب، ولا ييأس من الإجابة؛ لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار» (٤).
وعن أبي هريرة ﵁ أنه ﷺ قال: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل». قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: «يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء» (٥).
قال ابن بطال ﵀: «قال بعض العلماء: قوله: «ما لم يعجل» يعني يسأم الدعاء ويتركه فيكون كالمان بدعائه، وأنه قد أتى من الدعاء ما كان
_________
(١) سورة الفاتحة، الآية: ٥.
(٢) جامع العلوم والحكم، أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي ص ١٨٠، ١٨١، ط/ ١، دار المعرفة، بيروت: ١٤٠٨ هـ.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب: الدعوات، باب: يستجاب للعبد ما لم يعجل، رقم ٦٣٤٠، وأخرج
(٤) فتح الباري بسرح صحيح البخاري، أحمد بن حجر العسقلاني ١١/ ١٤١.
(٥) أخرجه مسلم، كتاب: الذكر والدعاء، باب: بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي، رقم ٢٧٣٥.
1 / 24