ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فمن دعا ربه بقلب حاضر، ودعاء مشروع، ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء، كأكل الحرام ونحوه، فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصًا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء، وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية، والإيمان به، الموجب للاستجابة، فلهذا قال: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة، ويزول عنهم الغني المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره، سبب لحصول العلم» (١).
وقال القرطبي ﵀: «قوله تعالى: "وإذا سألك" المعنى وإذا سألوك عن المعبود فأخبرهم أنه قريب يثيب على الطاعة ويجيب الداعي، ويعلم ما يفعله العبد من صوم وصلاة وغير ذلك. وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قالت اليهود كيف يسمع ربنا دعاءنا، وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام، وغلظ كل سماء مثل ذلك؟ فنزلت هذه الآية. وقال الحسن: سببها أن قومًا قالوا للنبي ﷺ: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فنزلت. قوله تعالى: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ أي بالإجابة. وقيل بالعلم. وقيل: قريب من أوليائي بالإفضال والإنعام. قوله تعالى: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ أي أقبل عبادة من عبدني، فالدعاء بمعنى العبادة، والإجابة بمعنى القبول» (٢).
وقال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ (٣).
_________
(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تحقيق: د. عبد الرحمن بن معللا اللويحق ص ٨٧.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش ٢/ ٣٠٨، ط/ دار الكتب المصرية، القاهرة: ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م.
(٣) سورة غافر، الآية: ٦٠.
1 / 18