الحاجة لمعرفته وإدراكه، ويظن المسكين أنه قد أحاط بكل شيء علمًا.
وقد كان النبي ﷺ وهو الموحى إليه المسدَّد المؤيَّد يراجَع في بعض الأمور والشؤون، فلا يجد غضاضة في ذلك، ولا يجد مَن يراجعه حرجًا من مراجعته تلك لأنه يعلم أن النبي ﷺ قد أفسح له الطريق بقوله: «الدين النصيحة». قلنا: لمن؟ قال: «ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم» (١).
فمثل هذا الكلام المشجْع قد فتح الباب على مصراعيه للمراجعة والنصيحة، فلم يؤثر عنه ﷺ امتناع عن تقبل النصح أو ترفع عنه أو استنكاف له، ولم يشعر الصحابة رضي الله تعالى عنهم بهذا أبدًا، فهذا الحُباب بن المنذر ﵁ (٢) يقول للنبي ﷺ: يارسول الله، أهذا منزل أنزلكَه الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: «بل هو الرأي والحرب والمكيدة». فقال الحباب: يا
(١) أخرجه الإمام البخاري في صحيحة: كتاب الإيمان: باب قول النبي ﷺ «الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين».
(٢) الحُباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخرَرجي ثم السلميّ. شهد بدرًا. وكان يقرض الشعر. توفي في خلافة عمر ﵄ وقد زاد على الخمسين. انظر «الإصابة»: ١/ ٣٠٢.