تدريب الدعاة على الأساليب البيانية
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١٢٨-السنة-٣٧
سنة النشر
١٤٢٥هـ
تصانيف
التبسم! فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه» (١)
والفصاحة بعد هذا موهبة وملكة، وقد برع في الفصاحة كثير وكانت الفصاحة فيهم وقوة البيان من مقومات شهرتهم وذيوع صيتهم وعمق تأثيرهم في الناس كالخلفاء الأربعة، وعدد لا يحصيهم إلا الله من الصحابة والتابعين، وكالأئمة الأربعة وغيرهم، قال الذهبي: «وقال الربيع بن سليمان كان الشافعي والله لسانه أكبر من كتبه لو رأيتموه لقلتم إن هذه ليست كتبه. وعن يونس بن عبد الأعلى قال ما كان الشافعي إلا ساحرا ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله كأن ألفاظه سكر وكان قد أوتي عذوبة منطق وحسن بلاغة وفرط ذكاء وسيلان ذهن وكمال فصاحة وحضور حجة» (٢)
ومن المعيب في الخطيب التشدق والتكلف وإظهار المقدرة الخطابية تصنُّعًا، إما جدالا في الباطل وهذا مما ينافي الفصاحة، تأمل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى مَا فِي قَلبِهِ وَهُوَ أَلدُّ الخِصَامِ﴾ (٣) وإما على وجه الرياء، كما في قول الله تعالى في وصف المنافقين: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولوا تَسْمَعْ لقَوْلهِمْ﴾ (٤)
وفي حديث النبي ﷺ: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاق، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا
_________
(١) زاد المعاد ١/١٨٢
(٢) سير أعلام النبلاء ١٠ / ٤٨ ترجمة الإمام الشافعي
(٣) سورة البقرة: ٢٠٤
(٤) سورة المنافقون: ٤
1 / 378