2
الذي أثاره نكتبانس؟»
قال صوت آخر: «استمعي إلي سيدتي الملكة، إذا لم يكن نكتبانس الحكيم الأمير شديد الغيرة من عروسه وعاهلته البارعة، فلنبعث بها تنقذنا من هذا الفارس الشارد السفيه، الذي أمكن إغراؤه بهذه السهولة، حتى ظن أن كرائم السيدات بحاجة إلى بسالته المتصلفة العاتية.»
وأجابت الأخرى: «من العدل أن تصرف الأميرة «جنفرا» بكياستها ذلك الرجل الذي استمالته إلى هنا حكمة زوجها.»
وأصاب سويداء القلب من سير كنث الخزي والغيظ مما سمع، حتى أوشك أن يسعى إلى الفرار من السرادق مهما كلفه ذلك، لولا أن ما تلا ذلك من حديث ملك عليه لبه وخاطره.
إذ قالت المحدثة الأولى: «كلا. حقا إن ابنة عمنا أديث ينبغي أن تعلم أولا أي مسلك سلك هذا الرجل المتبجح، وعلينا أن نسوق إليها دليلا عيانا على أنه قد فشل في أداء واجبه، وقد يكون في ذلك درس نافع لها، لأني - وصدقيني فيما أقول يا «كالستا» - كثيرا ما ظننت أنها قد سمحت لهذا المخاطر من أهل الشمال أن يدنو من قلبها أكثر مما تجيز لها الروية.»
وارتفع حينئذ صوت آخر يدمدم بشيء عن حكمة السيدة أديث، وحصافة رأيها.
فقيل ردا على ذك: «أي حصافة رأي يا فتاة! إن هو إلا كبرياء ورغبة في أن تشتهر بالصرامة والصلابة أكثر منا جميعا؛ كلا، إني لن أتهاون في حقي، إنكن تعرفن حق المعرفة أننا إن أخطأت إحدانا، فلا تستطيع أينا أن تضع بلباقة أمام الآثمة إثمها واضحا ملموسا كما تستطيع سيدتي أديث. صه! ها هي ذي قد أقبلت.»
وانتشر من شخصها وهي تلج الغرفة ظل فوق الحاجز أخذ ينزلق رويدا رويدا حتى اختلط بغيره من الظلال التي كانت تظلم بغيومها الحاجز، ورغم ما مر بالفارس من خيبة مريرة، ورغم الإهانة والأذى اللذين ألحقهما به حقد الملكة «برنجاريا» - أو إن أحسن الظن بها فتندرها به تندرا شديدا - (وكان إذ ذاك قد أيقن أن تلك التي كانت تعلو بصوتها جميع الأصوات وتتكلم بنغمة الآمر إن هي إلا زوج رتشارد)، رغم كل ذلك، أحس الفارس بشيء يلطف مشاعره، حينما علم أن أديث لم تكن تساهم في الغدر الذي تواطأ به الحاضرات عليه، كما أحس بشيء من التشوق والتطلع إلى ما يوشك أن يقع، فلم يقم بإنفاذ العزم الحكيم الذي اعتزم، وهو الرجوع توا بغير توان، بل على النقيض من ذلك، أخذ يبحث متلهفا عن شق أو خصاص يستطيع أن يكون منه شاهد عيان، وشاهد سمع، لكل ما يقع.
وقال محدثا نفسه: «لا ريب أن الملكة التي سرها أن تتفكه فكاهة سمجة سقيمة، وتعرض بذكري بل وبحياتي، لا تستطيع الشكوى إن أنا اغتنمت هذه الفرصة - التي أراد الجد السعيد أن يرمي بها إلي - كي أظفر ببعض العلم عما برح في مكنون الطوايا.»
صفحة غير معروفة