158

التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي

تصانيف

التفسير

لانها خلقت من المرء فأما تسميتها حواء: لما أدخل آدم الجنة واخرج منها إبليس ولعن وطرد فاستوحش: فخلقت ليسكن اليها فقالت له الملائكة تجربة لعلمه: ما اسمها؟ قال حواء قالوا لم سميت حواء؟ قال: لانها خلقت من شئ حي.

وقال ابن اسحاق: خلقت من ضلعه قبل دخوله الجنه، ثم دخلا جميعا الجنة لقوله تعالى: " يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة " التي كان فيها آدم في السماء، لانه اهبطهما منها.

وقال ابومسلم محمد بن يحيى: هي في الارض، لانه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهاهما عنها دون غيرها من الثمار و" حيث " مبنية على الضم كما تبنى الغاية: نحو من قبل ومن بعد، لانه منع من الاضافة (إلى المفرد) كما منعت الغاية من الاضافة إلى مفرد.

وقوله: " ولاتقربا هذه الشجرة " صيغته صيغة النهي والمراد به الندب عندنا لانه دل الدليل على أن النهي لا يكون نهيا إلى بكراهته للمنهي عنه والله تعالى لا يكره إلا القبيح والانبياء لا يجوز عليهم القبائح: صغيرها ولا كبيرها وقالت المعتزلة: إن تلك كانت صغيرة من آدم - على اختلافهم في انه كان منه عمدا أو سهوا أو تأويلا - وانما قلنا لا يجوز عليهم القبائح، لانها لو جازت عليهم لوجب أن يستحفوا بها ذما، وعقابا وبراءة ولعنة، لان المعاصي كلها كبائر عندنا والاحباط باطل ولو جازذلك لنفر عن قبول قولهم وذلك لا يجوز عليهم كما لا يجوز كل منفر عنهم من الكبائر والخلق المشوهة والاخلاق المنفرة ولا خلاف أن النهي يتناول الا كل دون القرب كأنه قال: لا تقربا بالاكل لانه لا خلاف أن المخالفة وقعت بالاكل لا بالدنو منها ولذلك قال: " فاكلا منها فبدت لهما سوأتهما ".

وقوله: " فتكونا " يحتمل أن يكون جوابا للنهي فيكون موضعه نصبا وهو الاقوى ويحتمل أن يكون عطفا على النهي فيكون موضعه جزما وكلاهما جيد محتمل ومتى كان جوابا كان تقديره: إن قربتما كنتما من الظالمين، لانه يتضمن معنى الجواب واذا كان عطفا على النهي فكأنه قال: لا تكونا من الظالمين واجاز البصريون من اهل العدل أن يبتدئ الله الخلق في الجنة فينعمهم فيها تفضلا منه تفسير التبيان ج1

صفحة ١٥٧