تفسير التبيان ج1
قوله تعالى: هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى إلى
السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم(29)
آية بلا خلاف.
المعنى: " هو " كناية عن الله عزوجل في قوله: " تكفرون بالله " واراد به تأكيد الحجة فقال: " كيف تكفرون بالله " الذي احياكم بعد موتكم " ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون الذي خلق لكم ما في الارض " يعني الذي في الارض و" ما " في موضع نصب، لان الارض وجميع ما فيها نعمة من الله لخلقه: اما دينية فيستدلون بها على معرفته، وإما دنيوية فينتفعون بها لضروب النفع عاجلا.
وقوله: " ثم استوى إلى السماء فيه وجوه: احدها - ما قاله الفراء: من ان معناه اقبل عليها كما يقول القائل: كان فلان مقبلا على فلان يشتمه، ثم استوى الي يشتمني، واستوى علي يشاتمني قال الشاعر:
اقول وقد قطعن بنا شروري
ثواني واستوين من الضجوع(1)
أي أقبلن وخرجن من الضجوع وقال قوم: ليس معنى البيت ما قاله وانما معناه استوين على الطريق من الضجوع خارجات(2) بمعنى استقمن عليه وقال قوم: معنى استوى: قصدها لتسويتها كقول القائل: قام الخليفة يدبر أمر بني تميم، ثم استوى وتحول إلى بني ربيعة، فأعطاهم وقسم لهم اي قصد اليه ويقال مرفلان مستويا إلى موضع كذا ولم يعدل اى قصد اليها وقال قوم: معنى استوى اى استولى على السماء بالقهر كما قال: " لتستووا على ظهوره "(3) أى تقهروه ومنه قوله تعالى: " ولما بلغ أشده واستوى "(4) أى تمكن من أمره
---
(1) قائله تميم بن ابي عن معجم ما استعجم في المطبوعة " سوامد " بدل " ثواني " شروري : جبل بين بني اسد وبني عامر في طريق الكوفة الضجوع - بفتح الضاد - مكان.
(2) في المطبوعة " فارجات " والصحيح ماذكرنا.
(3) سورة الزخرف: آية 13.
(4) سورة القصص: آية 14.
صفحة ١٢٢