التبيان في إعراب القرآن
محقق
علي محمد البجاوي
الناشر
عيسى البابي الحلبي وشركاه
فَكَأَنَّ صَاحِبَ الرِّسَالَةِ يُدِيرُهَا فِي فِيهِ، فَيَكُونُ أَصْلُ مَلَكٍ: مِثْلَ مَعَادٍ، ثُمَّ حُذِفَتْ عَيْنُهُ تَخْفِيفًا ; فَيَكُونُ أَصْلُ مَلَائِكَةٍ مِثْلَ مَقَاوِلَةٍ ; فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، كَمَا أُبْدِلَتْ وَاوُ مَصَائِبَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: مَلَكَ فَعَلَ مِنَ الْمُلْكِ وَهِيَ الْقُوَّةُ، فَالْمِيمُ أَصْلٌ، وَلَا حَذْفَ فِيهِ، لَكِنَّهُ جُمِعَ عَلَى فَعَائِلَةٍ شَاذًّا: (جَاعِلٌ): يُرَادُ بِهِ الِاسْتِقْبَالُ، فَلِذَلِكَ عَمِلَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى خَالِقٍ، فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى مُصَيِّرٍ، فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَيَكُونُ: فِي الْأَرْضِ هُوَ الثَّانِي. (خَلِيفَةً): فَعِيلَةً بِمَعْنَى فَاعِلٍ ; أَيْ يَخْلُفُ غَيْرَهُ، وَزِيدَتِ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ.
(أَتَجْعَلُ): الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِرْشَادِ ; أَيْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ كَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ قَبْلُ.
وَقِيلَ: اسْتَفْهَمُوا عَنْ أَحْوَالِ أَنْفُسِهِمْ ; أَيْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مُفْسِدًا وَنَحْنُ عَلَى طَاعَتِكَ، أَوْ نَتَغَيَّرُ. (يَسْفِكُ): الْجُمْهُورُ عَلَى التَّخْفِيفِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَقَدْ قُرِئَ بِضَمِّهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَيُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ لِلتَّكْثِيرِ. وَهَمْزَةُ (الدِّمَاءَ) مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَمَى ; لِأَنَّهُمْ قَالُوا دَمَيَانِ.
(بِحَمْدِكَ): فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; تَقْدِيرُهُ نُسَبِّحُ مُشْتَمِلِينَ بِحَمْدِكَ، أَوْ مُتَعَبِّدِينَ بِحَمْدِكَ. (وَنُقَدِّسُ لَكَ): أَيْ لِأَجْلِكَ ; وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ زَائِدَةً ; أَيْ نُقَدِّسُكَ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعَدِّيَةً لِلْفِعْلِ، كَتَعْدِيَةِ الْبَاءِ مِثْلَ سَجَدْتُ لِلَّهِ.
(إِنِّي أَعْلَمُ): الْأَصْلُ إِنَّنِي، فَحُذَفِتِ النُّونُ الْوُسْطَى لَا نُونُ الْوِقَايَةِ ; هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. (وَأَعْلَمُ): يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا، وَيَكُونُ مَا مَفْعُولًا إِمَّا بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا مِثْلَ أَفْضَلَ، فَيَكُونُ مَا فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِالْإِضَافَةِ.
1 / 47