التبر المسبوك في نصيحة الملوك
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
اختار لهم وولى عليهم خير خلقه وإذا أراد أن يرى عباده أي قدر لذلك الخليفة عنده اطلق على لسانه ما لم يطلق على لسانك ثم كان ينظر الموبذان فإن كان بين الملك وخصمه دعوى صحيحة وقامت البينة على الملك أخذ الحق منه بتمامه وكماله، وإن لم يكن بين الملك وخصمه دعوى صحيحة وكانت دعواه باطلة لا يثبت على صحتها حجة أمر بعقوبة ونادى عليه هذا جزاء من يريد عيب الملك والمملكة وكان الملك إذا فرغ من الدعاوي واستوى على سرير ملكه وضع التاج على مفرقه وأقبل على جماعته وخاصته وقال إنما انصفت من نفسي لئلا يطمع أحد منكم في الظلم والجور على أحد فلك من كان له منكم خصم فليرضه وكان يبعد في ذلك اليوم كل من كان قريبًا منه ومن كان قويًا ضعف عنده وكانت الملوك على هذا السبيل وعلى هذا المذهب إلى أيام يزدجرد الاثيم فانه عبر قواعد بني ساسان وظلم الخلق وافسد حتى جاء في بعض الأيام فرسه في غاية الجودة والكمال بحيث أنه لم ير أحد في ذلك الزمان مثله في حسن خلقته، وجمال هيئته، فدخل من باب الدار واجتهد جميع من في عسكره أن يلزموه فامتنع منهم ولم يقدروا على إمساكه حتى وصل قريبًا من يزدجرد فوقف إلى جانب الايوان ساكنًا فقال يزدجرد تنحوا عن هذا الفرس فلا يقربه أحد منكم فإنه هدية من الله تعالى خاصة لي فنهض من مكانه وجعل يمسح وجهه قليلًا ثم أمر يده على ظهر الفرس والفرس ساكن لا يتحرك فاستدعى يزدجرد السرج فأسرجه بيده وجذب حزامه وأوثقه وانحرف نحو كفله ليضع التفر فيه فرفسه الفرس على فؤاده رفسة محكمة فخر ميتًا في الحال وخرج الفرس ولم يعلم أحد من أين جاء ولا إلى أين ذهب فقال الناس كان هذا الفرس ملكًا أرسله الله تعالى ليهلكه ويخلصنا من جوره وظلمه.
حكاية: قال القاضي أبو يوسف حضر عندي ف مجلس حكمي يحي ابن خالد البرمكي مع خصم له مجوسي فادعي المجوسي عليه فطلب منه
1 / 81