الطب النبوي لابن القيم - الفكر
الناشر
دار الهلال
رقم الإصدار
-
مكان النشر
بيروت
جَدِّهِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ» «١» فَظَهَرَ أَثَرُ كَرَامَتِهَا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي عُلُومِهِمْ وَعُقُولِهِمْ، وَأَحْلَامِهِمْ وَفِطَرِهِمْ، وَهُمُ الَّذِينَ عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ عُلُومُ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ وَعُقُولُهُمْ، وَأَعْمَالُهُمْ وَدَرَجَاتُهُمْ، فَازْدَادُوا بِذَلِكَ عِلْمًا وَحِلْمًا وَعُقُولًا إِلَى مَا أَفَاضَ اللَّهُ ﷾ عَلَيْهِمْ مِنْ عِلْمِهِ وَحِلْمِهِ.
وَلِذَلِكَ كَانَتِ الطَّبِيعَةُ الدَّمَوِيَّةُ لَهُمْ، وَالصَّفْرَاوِيَّةُ لِلْيَهُودِ، وَالْبَلْغَمِيَّةُ لِلنَّصَارَى، وَلِذَلِكَ غَلَبَ عَلَى النَّصَارَى الْبَلَادَةُ، وَقِلَّةُ الْفَهْمِ وَالْفِطْنَةِ، وَغَلَبَ عَلَى الْيَهُودِ الحزن والهمّ وَالصَّغَارُ، وَغَلَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْعَقْلُ وَالشَّجَاعَةُ وَالْفَهْمُ وَالنَّجْدَةُ، وَالْفَرَحُ وَالسُّرُورُ.
وَهَذِهِ أَسْرَارٌ وَحَقَائِقُ إِنَّمَا يَعْرِفُ مِقْدَارَهَا مَنْ حَسُنَ فَهْمُهُ، وَلَطُفَ ذِهْنُهُ، وَغَزُرَ عِلْمُهُ، وَعَرَفَ مَا عِنْدَ النَّاسِ وَبِاللَّهِ التوفيق.
(١) أخرجه أحمد والترمذي.
1 / 317