الطب النبوي لابن القيم - الفكر
الناشر
دار الهلال
رقم الإصدار
-
مكان النشر
بيروت
أَصْحَابِ الِاسْتِسْقَاءِ نَفَعَهُمْ، وَيُنَقِّي الْأَسْنَانَ، وَيَدْفَعُ عَنْهَا الْعُفُونَةَ، وَيَشُدُّ اللَّثَةَ وَيُقَوِّيهَا، وَمَنَافِعُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
حَرْفُ النُّونِ
نَخْلٌ: مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ»: عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إذ أُتِيَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا مَثَلُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، أَخْبِرُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا أَصْغُرُ الْقَوْمِ سِنًّا فَسَكَتُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هِيَ النَّخْلَةُ»، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لعمر، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا «١» ..
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلْقَاءُ الْعَالِمِ الْمَسَائِلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَتَمْرِينُهُمْ، وَاخْتِبَارُ مَا عِنْدَهُمْ.
وَفِيهِ ضَرْبُ الْأَمْثَالِ وَالتَّشْبِيهُ.
وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ أَكَابِرِهِمْ وَإِجْلَالِهِمْ وَإِمْسَاكِهِمْ عَنِ الْكَلَامِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
وَفِيهِ فَرَحُ الرَّجُلِ بِإِصَابَةِ وَلَدِهِ، وَتَوْفِيقِهِ لِلصَّوَابِ.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْوَلَدِ أَنْ يُجِيبَ بِمَا يَعْرِفُ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْأَبُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إِسَاءَةُ أَدَبٍ عَلَيْهِ.
وَفِيهِ مَا تَضَمَّنَهُ تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ بِالنَّخْلَةِ مِنْ كَثْرَةِ خَيْرِهَا وَدَوَامِ ظِلِّهَا، وَطِيبِ ثَمَرِهَا، وَوُجُودِهِ على الدوام.
(١) أخرجه البخاري في الأطعمة، ومسلم في صفات المنافقين.
1 / 302